98

Awail Kharif

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

Genres

وضع رأسه في حجرها بينما أخذت تمسد شعره الأصهب الكثيف، في صمت. وهناك عند المقابر، وعاليا فوق مستوى البحر، نسيا نفسيهما في الوهم الذي يستحوذ على العشاق الشباب من أمثالهما ... بأنهما كانا بالفعل قد وصلا إلى حياة ... بدلا من أن تكون في مستهلها، كانت بالفعل كاملة ومثالية.

وتابعت: «عزمت دوما على الارتباط بك ... يا جان. وبعد أن جئت إلى هنا ولم تأت لمقابلتي ... قررت أن أسعى وراءك ... خشية أن تهرب مرة أخرى. كنت عديمة الحياء ... وماكرة أيضا ... في صباح ذلك اليوم الذي لقيتك فيه عند النهر ... لم ألقك صدفة. عرفت أنك كنت هناك طوال الوقت . اختبأت في الأجمة وانتظرتك!» «ما كان هذا ليحدث أدنى فارق. أنا أيضا عزمت على الارتباط بك.» وارتسم على الوجه اليافع تعبير متجهم هلع مفاجئ. وأردف قائلا: «لن تدعي شيئا يغيرك، أليس كذلك؟ أي شيء ربما يقوله أي أحد ... أي شيء قد يحدث ... أي شيء؟»

رددت قائلة: «أي شيء. أي شيء في هذه الدنيا. لا شيء يمكن أن يغيرني.» «ولن تمانعي الرحيل من هنا معي؟» «بلى ... أود ذلك. هذا ما أردته دوما. سيسعدني أن أرحل من هنا.» «حتى إلى الأرجنتين؟» «إلى أي مكان ... إلى أي مكان على الإطلاق.» «يمكننا أن نتزوج قريبا جدا ... قبل أن أرحل ... ثم يمكننا السفر إلى باريس لزيارة أمي.» اعتدل في جلسته وعلت وجهه نظرة غريبة مضطربة. وأضاف قائلا: «إنها امرأة رائعة يا عزيزتي ... جميلة ولطيفة وجذابة.» «ظننت أنها كانت جميلة ... في ذلك اليوم بباريس ... أروع امرأة رأيتها في حياتي يا عزيزي جان.»

بدا أنه لم يكن يصغي إليها. بدأت الرياح تسكن مع ارتفاع حرارة الجو في فترة ما بعد الظهيرة، وبعيدا وسط البحر الأرجواني استقر القاربان الشراعيان بلا حراك. وحتى أوراق شجرة الكرز البري المتشابكة كانت تتدلى في تخاذل وخمول في الجو الحار. صار العالم بأكمله من حولهما في حالة من الهدوء والسكون.

التفت إليها، وأمسك يديها ونظر إليها. وقال: «ثمة شيء يجب أن أقوله لك ... يا سيبيل ... شيء ربما لن يعجبك. ولكن يجب ألا تدعيه يحدث أي فارق ... في النهاية، أشياء كهذه لا تهم.»

قاطعته قائلة: «إن كان الأمر متعلقا بالنساء ... فأنا لا أكترث بذلك. أعرف من أنت، يا جان ... لن يغير أي شيء آخر سأعرفه من موقفي الذي أنا عليه الآن ... أنا لا أكترث.» «كلا ... ما أريد أن أخبرك به لا يخص النساء. وإنما يخص والدتي.» حدق بها مباشرة، بنظرة نافذة. ثم أردف قائلا: «ما أريد أن أقوله لك ... إن أمي وأبي لم يتزوجا مطلقا. وإنما تبناني السيد دي سيون المسن الطيب ... لا حق لي في حمل الاسم ... حقا. فاسمي الحقيقي هو جون شين ... لم يتزوجا مطلقا، لكن الأمر ليس كما يبدو. إنها سيدة عظيمة، أعني والدتي، ورفضت الزواج من أبي لأنها ... تقول ... تقول إنها اكتشفت أنه لم يكن كما كانت تحسبه. توسل إليها. وقال إن الأمر دمر حياته بأكملها ... ولكنها ما كانت لتتزوجه ... ليس لأنها كانت ضعيفة، وإنما لأنها كانت قوية. ستفهمين ذلك حين تعرفينها.»

ما قاله كان سيصدمها على نحو أعمق من ذلك لو لم تستحوذ عليها رغبة عارمة في التمرد على كل العالم الذي حولها، كل التحيزات وسوء الفهم الذي عرفت من منطلق حكمتها الفتية أنه سيقف عائقا أمامها هي وجان. وفي هذه الحالة المعنوية، صارت والدة جان في نظرها رمزا للبطولة، امرأة جديرة بالإعجاب.

مالت نحوه. وقالت: «هذا لا يهم ... على الإطلاق يا جان ... فأشياء كهذه لا تهم في النهاية ... كل ما يهم هو المستقبل ...» أشاحت بنظرها بعيدا عنه وأضافت بصوت خفيض: «علاوة على أن ما أنا بصدد أن أقوله لك أسوأ بكثير من ذلك.» ضغطت على يده بشدة بالغة. وأردفت قائلة: «لن تدعه يغيرك؟ لن تتخلى عني؟ ربما تعرفه بالفعل ... وهو أن لدي جدة مجنونة ... لقد فقدت عقلها طيلة سنوات ... طوال حياتها تقريبا.»

أسرع بتقبيلها. وقال: «كلا، لا يهم ... لا شيء يمكن أن يجعلني أفكر في التخلي عنك ... لا شيء في العالم.» «أنا سعيدة جدا، يا جان ... أشعر بسكينة بالغة ... كأنك أنقذتني ... كأنك غيرت حياتي بأكملها. لقد ساورني الخوف أحيانا ...»

ولكن كدرت غمامة مفاجئة صفو سعادتهما ... الغمامة التي لم تبرح أبدا منزل عائلة بينتلاند.

Unknown page