Aswaaq Al-Arab fi al-Jahiliyyah wa al-Islam
أسواق العرب في الجاهلية والإسلام
Publisher
-
Edition Number
-
Genres
سأل النعمان بن قبيصة الطائي، وكان على مرابطة كسرى، عن سعد بن أبي وقاص فقيل له: "رجل من قريش" فقال: "أما إذ كان قرشيا فليس بشيء، والله لأجاهدنه القتال، إنما قريش عبيد من غلب، والله ما يمنعون خفيرا ولا يخرجون من بلادهم إلا بخفير"١، إلا أنه لما عانى من شدة بأسهم ما عاناه علم أن في جلود أولئك التجار مغاوير حرب ومذاويد حق٢.
كان لهؤلاء القرشيين معارف في بلدان الشام واليمن وفارس، وكانت قريش تنظم وفودا تفد على ملوك النواحي، ونحن نعلم أن عمرو بن العاص كان يعرف مصر وغزة والشام تمام المعرفة ويعزى نجاحه في فتح مصر إلى عوامل منها إجادة معرفته بها. ولما كان أمام غزة دخل على حاكمها بصفة موفد وعرفه الحاكم وأمر حاجبه سرا بقتله لولا أن نبهه عربي نصراني كان يعرف عمرا في الجاهلية حين كان يتاجر والقصة مشهورة. وعرف من القرشيين تجار كبار ذوو أسفار بعيدة
١ تاريخ الطبري ١/ ٢٣٥٠ "طبع ليدن". ٢ ليس غريبا أن يحقر بعض العرب حينذاك التجارة، وإنما الغريب أن تستمر هذه النغمة في النفوس حتى القرن الرابع الهجري وقد تبدلت الأرض غير الأرض، فيقول شاعر مثل المتنبي في رثاء أخت سيف الدولة: ولا من في جنازتها تجار ... يكون وداعها نفض النعال
1 / 127