Assisting the Beneficiary by Explaining the Book of Monotheism
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
Publisher
مؤسسة الرسالة
Edition Number
الطبعة الثالثة
Publication Year
١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م
Genres
ولا نصيفه"، فالصحابة هم أفضل الأمة، ولا أحد يساويهم في الفضل- رضي الله تعالى عنهم-، بسَبْقِهم إلى الإسلام، وصحبتهم لرسول الله ﷺ وجهادهم في سبيل الله، وبذلهم أنفسهم وأموالهم في سبيل الله ﷿، فلذلك قالوا: "فلعلهم الذين صحبوا"، لأنهم لا يعلمون أحدًا أفضل من صحابة رسول الله ﷺ.
وقوله: "وقال بعضهم: فلعلهم الذين وُلدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله شيئًا" يعني: الذين وُلدوا بعد بِعْثَة النبي ﷺ من أولاد المسلمين، وبقوا على الفطرة الصحيحة، وآمنوا بالله ورسوله، ولم يشركوا بالله شيئًا. وهذا- أيضًا- فيه فضل من سَلِم من الشرك، بحيث إن الصحابة توقَّعوا أنهم هم الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، ففيه فضل من سَلِم من الشرك، ولكن من وقع في الشرك ثم تاب تاب الله عليه، وصار من أفضل المسلمين لأن التوبة تَجُبُّ ما قبلها، والله تعالى يقول: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾، ولكن الصحابة توقَّعوا أن مواليد الإسلام الذين لم يشركوا بالله شيئًا، هم المعنيُّون بهذا الحديث.
وهذا- أيضًا- يدل على المحافظة على الأولاد، والمحافظة على فطرتهم. ويدل على وجوب التربية على الإسلام، والتربية على التّوحيد، وتصحيح العقيدة، لأن بعض الناس اليوم لا تهمهم العقيدة، ويقولون العقيدة أمرها سهل، والناس أحرار في عقائدهم، ولا يهتمون بأمر الشرك، ويقولون هذه اجتهادات، ولا يهتمون بالدعوة إلى التّوحيد، والتحذير من الشرك، وتصحيح العقائد.
فقول الصحابة: "فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله شيئًا"يدل على خطر الشرك، وأن الإنسان لو وُلد في الإسلام فإن هذا لا يكفي، لابد أن يَسْلم من الشرك، ولا يسلم من الشرك إلاَّ إذا عرفه وعرف طرقه، حتى يتجنّبه ويحذّر منه، أما من يجهل الشيء فربما يقع فيه، لأنه لا يدري عنه؛ وعمر بن الخطاب ﵁ يقول: "إنما تُنْقَضُ عُرى الإسلام عُروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية"، وحذيفة بن اليمان ﵁ يقول: "كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه"، فهذا أمر عظيم جدًّا، الاهتمام بأمر العقيدة، والخوف من الشرك، ومن خاف من شيء فإنه يهرب منه، ولا يمكن أن
1 / 88