ثم نهض فدخل منزله.
فخاض الناس في أولئك، فقال بعضهم: فلعلهم ائذين صحبوا رسول الله ﷺ. وقال بعضهم: فلعلهم الذين وُلدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئًا. وذكروا أشياء.
ــ
الجنة بلا حساب ولا عذاب"، وفي رواية: "ومنهم سبعون ألفًا"، السبعون الألف هؤلاء من أمّة محمد ﷺ يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب. هذا فضل عظيم، والبقيّة من الخلائق تُحاسب، منهم من يُحاسب حسابًا يسيرًا، ومنهم من يناقش الحساب. واختلف العلماء في الكُفار هل يُحاسبون أو يدخلون النار بدون حساب؟، والذي قرّره شيخ الإسلام ابن تيمية- كما في "العقيدة الواسطية"- أنهم يقرّرون بأعمالهم فقط، ولا يحاسبون محاسبة من يوازن بين حسناته وسيئاته، لأنهم لا حسنات لهم، ولكنهم يقرّرون بكفرهم وأعمالهم الكفريّة، ثم يُؤمر بهم إلى النار - والعياذ بالله-. وان كان لهم حسنات في الدنيا فإنهم يجازون بها في الدنيا، وتعجّل لهم حسناتهم، فإن الله لا يظلم أحدًا، أما في الآخرة فليس لهم ثواب ولا حسنات- والعياذ بالله-.
قوله: "ثم نهض ﷺ" أي: قام.
"ودخل منزله" دون أن يبيّن من هم هؤلاء السبعون الألف.
والصحابة ﵃ اهتموا بهذا الأمر، لأن هذا أمر عظيم، فصاروا يخوضون في هؤلاء السبعين من هم؟.
فقوله: "خاض الناس في أولئك" يعني: بحثوا من هم، وهذا من حرص الصحابة ﵃ على الخير، واهتمامهم بأمور الآخرة، لأنهم لا يهتمُّون بأمور الدنيا، وإنما يهتمُّون بأمور الآخرة، بخلاف أهل الدنيا، إذا سمعوا بتجارة صاروا يتحدثون عنها ولا يهمهم أمر الآخرة.
قوله: "فقال بعضهم: فلعلهم الذين صَحِبوا رسول الله ﷺ" لأن أفضل الأمة هم الصحابة ﵃، لا أحد يساوي الصحابة في الفضيلة، قال ﷺ: "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم