Ashya Taraktiha Waraki
الأشياء التي تركتها وراءك: مختارات قصصية لجون ريفنسكروفت
Genres
برقت عيناها وركزت، ثم رمت نظرة إلى الصينية. - «لقد سكبت الشاي يا توم.»
نظر إلى الأسفل مرة أخرى، ثم إلى الأعلى، أحس بشفتيه تناضلان من أجل ابتسامة ما. - «نعم فعلت يا حبيبتي. هكذا فعلت. وأنت أسقطت إحدى دلايتيك.»
عبر الغرفة، ووضع الصينية المرتبكة ذات الصليل فوق مائدة القهوة، ثم انحنى ليلتقط قرطها. طقطقت مفاصل فخذه عاليا وهو يعتدل، وكذلك حين جلس جوارها، غير أنه لم يلحظ تقريبا. «خذ الأمر بهدوء»، هكذا قال لنفسه. خذ الأمور بهدوء وبطء وثبات.
اختطفت «جيني» القرط من راحته.
قالت فيما تريح يدها الأخرى فوق رسغه: «لقد انخلعت.» كاد ينسى كم كان صوتها جميلا، كم كانت لمستها رقيقة. بعد كل تلك الشهور. - «هل حدث ذلك الآن؟ هذا لا يمكن أن يكون، أليس كذلك؟ لقد كلفني الأمر دهورا طويلة هذا الصباح كي أجعلك تبدين على هذا النحو الجيد، وها أنت تفسدين كل شيء، دعوني أضرب ظهرها عقابا لها، إيه؟»
عقص شعر «جيني» خلف أذنها، وشبك قرطها في مكانه من جديد. ابتسمت له وبدت وكأنها ستتكلم، سوى أن جبينها ارتخى وابتسامتها تلاشت. رآها فارغة وغائبة في البعيد مجددا، رأى يدها ترتفع في الهواء وتبقى هناك، تحوم في حيرة. ثم فقاعة من اللعاب تنتفخ فوق شفتها السفلى. سحب «توم» منديلا نظيفا من جيبه ومسحها.
قال بهدوء: «جيني! جيني حبيبتي، هل تسمعينني؟»
سيل من قطرات العرق تشكلت فوق فوديه كحبات خرز وهو ينتظر إجابتها . شعر بالدماء تخفق في عنقه. مغلقا عينيه، أخذ يصلي من أجل أن يعود الضوء الواهن إلى عينيها من جديد.
كان لا بد أن يلحظ هذا في الصباح، حين كان يساعدها كي ترتدي ملابسها. كان من الواضح وقتها أنها أفضل من المعتاد، يكفي أنها اختارت فستانا بعينه من بين العشرين المعلقة في خزانتها. كان مسرورا، لسبب ثانوي هو أن ذاك الفستان كان المفضل لديه، البيج ذو الوردات الزرقاء الخفيفة، أما السبب الرئيسي فلأنها بدت وكأنها تذكرت أنه المفضل لديه. كما أن عملية إدخالها فيه كانت أقل صعوبة من المعتاد. مجرد عرجة واحدة حين أصرت على إدخال قدمها اليمنى في حذائها الأيسر، ويسراها في الأيمن. بالطبع لم تستطع أن تسير هكذا. انكفأت على السرير واستطاع «توم» أن يبدلهما، باستثناء ذلك لا عقبات على الإطلاق.
فتح عينيه، ورمق قدميها في الأسفل، وخاف أن ينظر إلى الأعلى، لم يرد أن يلتقي بذلك الخواء المفرغ الرهيب. كان يفكر أن هذا الحذاء اللطيف، حذاء محظوظ. كانت تلبسه حين حدث ذلك الأمر آخر مرة. - «توم؟»
Unknown page