أحلام النيام ما في تلك اليقظة من رشد يهذب ويحرر.
وكم بت مستخبرا علمي، وأستمد فكري وقلمي فهذا ينشيء وهذا يخبر، وكم لظلام الليل عندي من يد تخبر ولست مع ذلك أبرئ كتابي من كل نقص ومعرة. ولا أبيعه بشرط السلامة من كل عيب يكره، ولا أدعي أني استوعبت فيه ولا أن الأشباه جمع كثرة.
ولا آمن طائفة تطوف على محاسنه فتأخذها وتدعيها [وتدخل] ١ وتخرج وليت لها أذن واعية فتعيها وتسرق من حرزها نصابا لا شبهة لها فيه ولن يكفيها وتسبح في بحره فتشهب كبار الدرر وتسرح في روضه فتجني على مصنفه، وتجني كل زهر وتسرق ثمره وتقول لا قطع في ثمر ولا كثر.
نعم لكأني بفرق ثلاث: فرقة تفرق شمل محاسنه وتنكرها، وتجتلي عرائسه ثم تتشعب قبيلتين خيرهما التي لا تجعلها بمذام ولا تذكرها والأخرى تبيت منه في نعم وتصبح تكفرها.
وأظلم أهل الظلم من بات حاسدا ... لمن بات في نعمائه يتقلب
لعب بها شيطان الحسد وشد وثائقها الذي لا يوثق به بحبل من مسد، وتصرف فيها والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في الجسد، تصرف فيهم فنوى كل منهم السوء ولكل امرئ ما نوى، وتحكم فغوى بحكمه من غوى، وجرى بهم في ميدان الحسد حتى وقف الهوى، فلزموا إنكار الجميل لزوم جميل بثينة وغريم ألد تقاضي عزة دينه وجر جريرًا فسماه صائده الفؤاد وهو يعرف كذبه وميته، لا بل لزوم الأعراض للجواهر والغيم للنهار الماطر والليل للنجم الزاهر.
وآخر من فيه ثانية: يسمع كلامه ولا يفهمه ويصبح في بحره ولا يعلمه [ويصبح] ٢ ظمآن وفي البحر فمه ومثل هذا لا يفتقد حضوره إذا غاب ولا ينتقد كلامه إذا جاب الصخر وخاب ولا يؤهل لأن يعاب إذا عاب.
_________
١ في "ب" فتدخل.
٢ في ويسبح.
1 / 9