130

Aqmar Mushtari

أقمار المشتري

Genres

لكن أبي لم ينتبه. قال إنهم أعطوه مهدئات؛ حبوب السعادة. فبدا هادئا ومتفائلا.

كان الأمر مختلفا تماما البارحة. عندما أودعه المستشفى في غرفة الطوارئ، كان شاحب اللون مطبق الفم. فتح باب السيارة، ووقف وقال بهدوء: «ربما كان من الأفضل أن تحضري لي كرسيا متحركا.» تكلم بالنبرة نفسها التي يتكلم بها وقت الأزمات. ذات مرة، اندلعت النيران في مدخنتنا. كانت ظهيرة يوم أحد، وكنت في غرفة الطعام أحيك ثوبا. دخل وقال بنبرته التحذيرية الواقعية نفسها: «جانيت، هل تعلمين أين أجد بعضا من مسحوق الخبيز؟» كان يريد أن يلقي به على النار. وبعدها قال: «أعتقد أنك السبب - لأنك عكفت على الحياكة يوم الأحد.» (ثمة أسطورة مسيحية تقول إن الحياكة يوم الأحد تجلب الحظ السيئ.)

اضطررت للانتظار لأكثر من ساعة في غرفة انتظار الطوارئ. استدعوا إخصائي قلب من نفس المستشفى، وكان شابا في مقتبل العمر. استدعاني إلى الردهة، وشرح لي أن أداء أحد صمامات القلب سيئ للغاية، والحالة تستدعي إجراء جراحة فورية.

سألته عما يمكن أن يحدث إن لم تجر الجراحة.

قال الطبيب: «سيتحتم عليه أن يلزم الفراش.» «إلى متى؟» «ربما لثلاثة أشهر.» «أعني إلى متى سيعيش؟»

قال الطبيب: «هذا ما أعنيه أيضا.»

ذهبت لرؤية أبي. كان جالسا في سريره في زاوية معزولة بستارة. قال: «الحالة مستعصية، أليس كذلك؟ هل حدثك عن الصمام؟»

قلت: «ليست مستعصية تماما.» ثم كررت على مسامعه أي شيء يبعث على الأمل قاله الطبيب، بل وبالغت فيه، «لست في حالة حرجة حاليا. وبخلاف القلب، حالتك البدنية جيدة.»

قال أبي بكآبة: «بخلاف القلب.»

كنت متعبة من القيادة؛ إذ اضطررت إلى الذهاب لداجليش لأخذه من هناك، ثم عدت مرة أخرى إلى تورونتو منذ الظهيرة. كما كنت قلقة بشأن إعادة السيارة المستأجرة في الوقت المحدد، ومنزعجة بسبب ما قرأته في مقال طالعته في مجلة بغرفة الانتظار. كان المقال عن كاتبة أخرى، امرأة أصغر وأجمل مني، وربما أكثر موهبة أيضا. كنت في زيارة إلى إنجلترا لمدة شهرين؛ ولذا لم أر هذا المقال من قبل، لكن خطر لي أثناء القراءة أن يكون أبي قد طالعه. أستطيع أن أسمع صوته وهو يقول إنه لم يجد لي أي ذكر في مجلة ماكلينز. وإذا كان قد طالع شيئا عني لقال إنه لم يركز في المقال، ولكانت نبرة صوته مازحة متسامحة، ومع ذلك كان يثير بداخلي إحساسا مألوفا بالغربة والوحشة. كانت الرسالة التي تصلني منه بسيطة: الشهرة لا تتأتى إلا بالكفاح، وعندما تنالها يجب أن تعتذر عنها. وسواء نلتها أو لم تنلها، لن تفلت من لوم اللائمين.

Unknown page