راح ألبرت يمشي جيئة وذهابا على العشب، وانعطف وتوقف ونظر حوله، ثم شرع في المشي مرة أخرى، كان يحاول أن يميز حدود البيت. نظر ولفريد إلى العشب متجهما وقال: «إنهم لا يتركون لك الكثير.»
سألت ملدريد بوهن: «من؟» واقتلعت نبات عصا الذهب لتهوي به على وجهها. «مسئولو المحمية، لا يتركون حجرا واحدا من أحجار الأساس على حاله، ولا حفرة لسرداب أو طوبة أو عارضة خشبية واحدة، ينبشون كل شيء ويطمرون مكان حفرهم، ويجرون ما نبشوه بعيدا.» «حسنا، أعتقد أنهم لا يستطيعون ترك كومة من الحطام فيتعثر الناس بها.»
سأله ولفريد: «أمتأكد أن هذه هي البقعة التي كان عليها البيت؟»
أجابه ألبرت: «هنا تقريبا، وواجهته كانت جهة الجنوب. كانت البوابة الأمامية هنا.»
قالت ملدريد باهتمام يضارع ما تبقى لها من جهد: «لعلك واقف على عتبة المنزل يا ألبرت.»
لكن ألبرت قال: «لم يكن لدينا عتبة للبوابة الأمامية قط، فهي لم تفتح سوى مرة واحدة بحسب ما أتذكر، وكان ذلك لنعش أمي، وحينئذ وضعنا بعض الكتل الخشبية على الأرض لعمل عتبة مؤقتا.»
قالت ملدريد إذ رأت أجمة على مقربة من المكان الذي كان يقف فيه: «هذه زهرة ليلك، هل كانت تزرع آنذاك؟ لا بد أنها كانت تزرع آنذاك.» «أعتقد أنها كانت تزرع .» «هل هي بيضاء أم أرجوانية اللون؟» «لا يمكنني الجزم.»
جال بخاطر ملدريد أن هذا هو الفارق بينه وبين ولفريد؛ فولفريد كان يعطيها إجابة لسؤالها، سواء تذكر أو لم يتذكر، كان سيقول إجابة محددة ثم يصدق ما قال. الإخوة والأخوات سر غامض بالنسبة لها؛ فها هما جريس وفيرا يتحدثان كما لو كانا فمين في رأس واحد، وها هما ولفريد وألبرت لا يربط بينهما رابط. •••
تناولوا الغداء في مقهى على الطريق، ولكن لم يكن المقهى مرخصا، وإلا لطلبت ملدريد جعة دون أن تعبأ بصدمة جريس وفيرا فيها، أو تعبأ كيف يحدق ولفريد فيها؛ فقد كانت تعاني الحر الشديد بالفعل، وكان وجه ألبرت متوردا، وعيناه تلمعان بنظرة تشع تركيزا، وبدا ولفريد مشاكسا.
قال ألبرت: «كان هذا المستنقع أكبر بكثير، لقد جففوه.»
Unknown page