فقطعت كلامه قائلة: «من ولي العهد، وهل به بأس؟»
قال: «كلا، ولكنه أمره بالحضور إلى مرو بلا سبب يعلمه، فأنابني في إبلاغ ذلك إليكم، وأمرني أن أبقى هنا تحت أمرك .»
قالت: «وهل يطول غيابه؟»
قال: «لم يخبرني عن مدة الغياب.»
فأطرقت حينا وقد ساءها ذلك السفر السريع؛ لأنها كانت تستأنس ببهزاد وتعتمد عليه، وعلى الخصوص في شأن زينب كما علمت؛ فقالت: «سامحه الله، ولكن لعل له عذرا، ما الذي حمل مولانا المأمون على استقدامه إليه بهذه العجلة؟» قالت وتحولت تطلب الرجوع إلى الحديقة وهي تقول: «فأنت تقيم عندنا الآن؟»
قال: «لا أستطيع الإقامة هنا، ولكنني أتردد عليكم وقت الحاجة، كوني مطمئنة.»
وعادت دنانير إلى الحديقة فرأت ميمونة قد تركت جدتها جالسة في مكانها وتقدمت لتلقى دنانير، وقد بدت اللهفة على محياها، فلما رأتها تذكرت ما لاحظته فيها من الميل إلى بهزاد وعلمت أن خبر سفره يسوءها ... فأرادت التظاهر بعدم الاكتراث وكتمان خبر سفره، فرأتها تنظر إليها والحياء يمنعها من الاستفهام، فأدركت مرادها فابتدرتها قائلة: «ما بالك يا بنية؟ لماذا تركت جدتك وحدها؟» قالت ذلك وألقت ذراعها على كتفها في رفق، فأحست بارتعاشها فقالت: «كأني أشعر بارتعاشك.»
فرفعت ميمونة نظرها إليها كأنها تستعطفها وقالت: «ما الذي أتانا به سلمان؟»
قالت: «أتانا برسالة من الطبيب؟»
قالت: «وما هي؟ هل سافر؟»
Unknown page