فقالت وهي لا تزال مطرقة وقد أحست بمجرى كهربائي يجري من يده إلى كل عروقها: «إني حزينة يا سيدي، دعني أفرج كربتي!»
فقال: «وما سبب حزنك؟»
قالت: «أتسألني عن حزني وأنت تعلم سببه؟ وهل هناك أتعس من فتاة يتيمة الأبوين، تخاف أن يعرفها الناس؟ إن انتسابي إلى جعفر بن يحيى وبقائي حية بين هؤلاء الأقوام من أكبر أسباب شقائي.» قالت ذلك وجذبت يدها من يده وغصت بريقها.
فأخذ يدها بين يديه وهو يغالب حبه وقال: «معاذ الله أن تكوني تعسة.»
فحاولت إخراج يدها من بين يديه وهي تقول: «بل أنا تعسة، وكيف لا أكون كذلك وقد عرفت الليلة أن ...» وأمسكت عن الكلام ونظرت إليه فإذا هو يتفرس في عينيها ويتجاهل غرضها والهوى يكاد يشف عن سريرته، ومخاطبة العيون أفصح من مخاطبة الألسن.
العين تبدي الذي في قلب صاحبها
من الشناءة أو حب إذا كانا
إن البغيض له عين يصدقها
لا يستطيع لما في القلب كتمانا
فالعين تنطق والأفواه صامتة
Unknown page