Alghaz Tarikhiyya Muhayyara

Shayma Taha Raydi d. 1450 AH
135

Alghaz Tarikhiyya Muhayyara

ألغاز تاريخية محيرة: بحث مثير في أكثر الأحداث غموضا على مر الزمن

Genres

وكما هو الحال مع مزاعم القتل، كان من الضروري التعامل مع هذه القصص حول حياة هتلر الجنسية ببعض الشك. فلم يكن هانفشتنجل أو شتراسر مصدرا موثوقا به بشكل خاص، وكانت مصادرهما في الغالب غير مسماة أو حتى أقل موثوقية منهما. ولم يعبأ شتراسر بتفسير اختيار راوبال المفترض له - لكونه في ذلك الوقت زميلا مقربا للرجل المفترض أنها كانت ترغب في الهرب منه - لتأتمنه على أسرارها؛ لذا لم يكن مستغربا أن يعبر أكثر كاتبي سيرة هتلر الذاتية احتراما على مدى الجيلين السابقين - آلان بولوك في عام 1952، وإيان كيرشو في عام 1998 - عن شكوك جدية بشأن وجود علاقة جنسية كاملة بين هتلر وراوبال، فضلا عن الانخراط في أي نوع من الممارسات الجنسية الشاذة. فلم تكن الأدلة كافية.

غير أن شائعات وجود علاقة جنسية شاذة بينهما، على عكس الاتهام بالقتل، كان لها منطق معين. فقد كان كاتبو السيرة النفسية، خاصة الفرويديين، يميلون لرؤية الأسرار الجنسية مندسة في كل مكان؛ ومن ثم كانت لديهم نزعة خاصة لإيجادها في شخص سيكوباتي مثل هتلر. وكان ويليام لانجر، وهو طبيب نفسي أعد تقرير مكتب الخدمات الاستراتيجية الصادر عام 1943 عن هتلر، يعتقد أن راوبال وشتراسر كانا صادقين بشأن الولع بالبول. كذلك أورد لانجر لقاءات مع امرأة أخرى، وهي الممثلة السينمائية، ريناتي مولر، التي تحدثت عن لقاءات جنسية بغيضة بنفس الشكل مع هتلر في عام 1932. فكتب لانجر: «من خلال دراسة كل الأدلة، يبدو أن شذوذ هتلر الجنسي كان كما وصفته جيلي.»

ولذا لم يكد يكون من الممكن العيب على الفرويديين لأنهم اعتبروا انتحار أو محاولة انتحار ست من النساء السبع - اللاتي أقررن بأنهن قد مارسن الجنس مع هتلر في وقت من الأوقات - أمرا ذا أهمية. (كانت راوبال من ضمن هؤلاء الست، على فرض أنها لم تقتل، وكذلك إيفا براون التي ماتت مع هتلر عام 1945.) فيبدو أنه أيا ما كان هتلر يفعله بالنساء اللاتي ضاجعهن، فإنه كان يسبب لهن بؤسا شديدا.

ولكن مثلما أشار كتاب سيرة هتلر ذوو النزعة الفرويدية الأقل شدة، لم يثبت أي من ذلك أن المسائل الجنسية كانت أصل المشكلة بالنسبة إلى هتلر، أو للنساء اللاتي ضاجعهن. فلم يكن على المرء أن يصدق أن هتلر كان شاذا جنسيا لتفسير إقدام هؤلاء النسوة على الانتحار؛ فمن الواضح أنه كان لديه الكثير من الصفات المقيتة الأخرى، على سبيل التلطف في التعبير، بل إن المرء ليعتقد - إلى حد كبير - أن أية امرأة اختارت الانخراط في علاقة مع هتلر كانت تعاني بالفعل من بعض المشكلات الخطيرة.

وبالطبع لم يكن هتلر من اختيار راوبال؛ فقد انتقلت للعيش مع خالها لأنه لم يكن لديها هي ووالدتها مكان آخر تعيشان فيه، وظل الحال هكذا طوال حياتها. لقد أسرت في منزل رجل انجذب إليها أيما انجذاب، ولم يأل جهدا لمنعها من رؤية أي شخص آخر سواه. وقد كان رفضه ذهابها إلى فيينا مجرد حلقة في سلسلة من القيود المتصاعدة التي فرضها على ابنة أخته منذ انتقلت للعيش معه في عام 1929.

لم يكن من الضروري الاعتقاد بأنه كان يجبرها على ممارسة نوع من الشذوذ الجنسي لتخيل معاملته القاسية لها، ولم يكن حتميا أيضا اعتقاد أنهما قد مارسا الجنس معا من الأساس لتصديق أنه دفعها إلى الانتحار.

كان ذلك هو الاستنتاج الذي خلص إليه بولوك وكيرشو، وحذا حذوهما غالبية المؤرخين. فهتلر، في رأي الغالبية، ربما لم يقتل راوبال . وربما لم يمارس معها الجنس (وإن كان الإجماع على هذه النقطة أكثر ضعفا)، أو إذا كان قد فعل، فعلى الأرجح أن طبيعة الجنس الذي مارسه معها لم يكن السبب المباشر لموتها. ولكنه كان طاغية؛ طاغية منزليا في عام 1931، حتى قبل أن يصبح طاغية قوميا بعد ذلك بعامين.

لا بد أن الموت بدا لجيلي راوبال المناص الوحيد. •••

كانت وفاة راوبال في نظر كثيرين - ومنهم كاتبو المذكرات من النازيين السابقين - نقطة تحول حاسمة بالنسبة إلى هتلر. فقد كتب هانفشتنجل، على سبيل المثال، أن «بموتها صار الطريق خاليا للتحول النهائي له ليصبح شيطانا.» وردد المصور الرسمي لهتلر، هاينريش هوفمان، تلك المشاعر؛ إذ استرجع ذكرياته قائلا: «في هذه الفترة بدأت بذرة الوحشية في النمو والتبرعم داخل هتلر، فازدادت شهيته للذبح والقتل بشكل مهول فقط بعد وفاة جيلي.» وقد كان هذا النوع من التحليل يخدم مصالح ذاتية بكل وضوح؛ فلو أن هتلر قد أصبح وحشا فقط بعد موتها، فمن الممكن إذن أن يغفر لهؤلاء الرجال تحالفهم معه خلال فترته الأولى، التي يفترض أنها كانت أكثر عقلانية.

ولكن لم يكن النازيون السابقون فقط هم من كانوا يعتقدون أن وفاة راوبال قد أحدثت تحولا في حياة هتلر. فالعديد من كتاب السير الذاتية الفرويديين، الذين كان دافعهم بالتأكيد أنقى من دافع النازيين السابقين، كانوا يميلون إلى النظر إلى موت راوبال على أنه أداة حاسمة في تطوره إلى سفاح. فقد ذهبوا إلى أنه حتى لو لم يكن قتلها، فإن ضياع المرأة التي كان مهووسا بها ساهم بطريقة أو بأخرى في إطلاق الوحش الذي بداخله. وقد كان النفوذ الفرويدي كبيرا؛ فحتى بولوك، على الرغم من أنه كان يرى أن الأدلة على وجود علاقة بينهما ليست كافية، فقد كان يعتقد أن موت راوبال غير من هتلر وأنه كان هناك «دافع جنسي على الأرجح» في معاداة هتلر للسامية.

Unknown page