Alghaz Tarikhiyya Muhayyara
ألغاز تاريخية محيرة: بحث مثير في أكثر الأحداث غموضا على مر الزمن
Genres
كان تكليف كيد غير مألوف نوعا ما من حيث إنه لا يخول له فقط أسر سفن العدو، بل أيضا سفن القراصنة. وربما كان هذا البند قد أضيف لجعل مهمة كهذه، الملك متورط فيها، تبدو أبعد قليلا في وقعها عن أنشطة المرتزقة، على الرغم من أنه أشار أيضا إلى أن الحكومة باتت تضيق ذرعا بشكل متزايد من القراصنة الذين يعوقون التجارة البريطانية.
أبحر كيد من لندن على متن السفينة أدفنتشر جالي المزودة بأربعة وثلاثين مدفعا. وفي يناير 1697 وصل إلى مدغشقر، إحدى القواعد المعروفة للقراصنة على الساحل الشرقي لأفريقيا. كان هناك ما يقرب من مائتي قرصان، من بينهم القبطانان هور (الأشيب) وشيفرس (المرتعد)، وكانا اسمين على مسمى، ولكن كيد لم يبذل أي جهد لأسرهما.
بعد قرابة عام، وبعد أن جاب سواحل أفريقيا وآسيا، لم يحصد شيئا سوى بعض السفن الصغيرة، وبدأ القلق يساور أفراد طاقمه وأنصاره. وشارف أفراد الطاقم - الذين كانوا قد وقعوا للمشاركة في المهمة مقابل الحصول على نصيب من الغنيمة، وألا ينالوا أتعابهم ما لم يأسروا شيئا - على التمرد وشق عصا الطاعة. وعند العودة إلى لندن، تسلل القلق إلى الحكومة من أن كيد سوف يتجاوز قريبا الحد الفاصل ما بين القرصنة التفويضية والقرصنة الإجرامية؛ إن لم يكن قد تجاوزه بالفعل. فلم تقم أدفنتشر جالي بأي تحركات ضد أي من القراصنة في مدغشقر أو في أي مكان آخر، وفرت من سفن البحرية البريطانية التي لاقتها على الساحل الأفريقي.
ومع تسرب المياه إلى السفينة ونقص المؤن، تصاعدت وتيرة التوتر على متنها. وفي 30 أكتوبر 1697، وبحسب شهادة أفراد طاقم السفينة أثناء محاكمة كيد، دخل الكابتن في مشاجرة مع مدفعي يدعى ويليام مور. فنعته كيد ب «الكلب القذر»، وكان رد مور: «إذا كنت كلبا قذرا، فأنت من جعلتني هكذا. لقد دمرتني ودمرت الكثير غيري.» فما كان من كيد سوى أن التقط دلوا وانهال به بقوة على رأس مور، ليلقى مصرعه في اليوم التالي.
بعد ذلك، وفي 30 يناير 1698، ظهر أمل في الأفق في صورة السفينة كوده ميرشانت، التي كان على متنها حمولة تزن أربعمائة طن. فها هي قد ظهرت أخيرا غنيمة تستحق الاستيلاء عليها. كانت السفينة التجارية، التي رفعت علما أرمينيا على متنها، متجهة نحو الشمال ومحملة بالحرير، والكاليكو، والسكر، والأفيون، والمدافع، والذهب. فطاردها كيد وفي النهاية استولى عليها بما تحمله.
عند هذه النقطة تباينت قصص الادعاء والدفاع حسبما قدمت في محاكمة كيد. فقد كان هذا بالنسبة إلى المدعين عملا من أعمال القرصنة بشكل واضح لا لبس فيه؛ إذ كان قائد السفينة كوده ميرشانت إنجليزيا، وكان على متنها بضائع مملوكة لعضو بارز في بلاط الإمبراطور الهندي، والذي كانت له صلات قوية مع شركة الهند الشرقية وهي شركة إنجليزية. الأدهى من ذلك أن كيد لم يأخذ السفينة أو البضائع إلى الوطن لكي يقدر له مكافأة قانونية، مثلما نص العقد مع أولياء نعمته من حزب الويج. وبدلا من ذلك، قام بتوزيع بعض من الغنيمة بين أفراد طاقمه واحتفظ بالبقية لنفسه. وقد شهد أفراد طاقم كيد بكل هذا، مستغلين عرض الحصانة الذي قدمه الملك.
أما كيد، فأصر من جانبه على أن كوده ميرشانت لم تكن سفينة إنجليزية، بالرغم من أن قبطانها، ومن كانوا على صلة بها، إنجليز. فقد أطلعه قبطانها على «جواز فرنسي»، وهو وثيقة أشارت بوضوح إلى أن السفينة فرنسية. وزعم كيد أن الجواز الفرنسي سوف يثبت أن استيلاءه على السفينة كان قانونيا تماما.
وقام كيد باستجواب أفراد طاقمه السابقين الذين اعترفوا بأنهم قد سمعوه يتحدث عن جواز المرور، وإن لم يروه بالفعل. ومرارا طلب كيد من هيئة المحكمة تأجيل محاكمته حتى يتمكن المحلفون من فحص جواز المرور الفرنسي بأنفسهم.
غير أن القضاة رفضوا طلبه. ولم يظهر جواز المرور مطلقا في المحكمة، ومضت المحاكمة قدما بشكل سريع. ولم يستغرق المحلفون سوى ساعة لإدانة كيد بقتل مور، ونصف ساعة أخرى لإدانته بالقرصنة. •••
لم يكن المؤرخون واثقين من ذلك.
Unknown page