Al-Talwih fi Kashf Haqaiq al-Tanqih

Sa'd al-Din al-Taftazani d. 792 AH
70

Al-Talwih fi Kashf Haqaiq al-Tanqih

التلويح في كشف حقائق التنقيح

Publisher

مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بالأزهر

Edition Number

١٣٧٧ هـ

Publication Year

١٩٥٧ م

Publisher Location

مصر

الْأَلْفَاظُ لَهَا. (وَقَدْ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَطْئًا بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٣] فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى حِلِّ وَطْءِ كُلِّ أَمَةٍ مَمْلُوكَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مُجْتَمِعَةً مَعَ أُخْتِهَا فِي الْوَطْءِ أَوْ لَا. (وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ وَهِيَ ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ﴾ [النساء: ٢٣] تَدُلُّ عَلَى حُرْمَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْجَمْعُ بِطَرِيقِ النِّكَاحِ، أَوْ بِطَرِيقِ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ. (فَالْمُحَرَّمُ رَاجِحٌ) كَمَا يَأْتِي فِي فَصْلِ التَّعَارُضِ أَنَّ الْمُحَرَّمَ رَاجِحٌ عَلَى الْمُبِيحِ. (وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - جَعَلَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأُولاتُ الأَحْمَالِ﴾ [الطلاق: ٤] نَاسِخًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٤] حَتَّى جَعَلَ عِدَّةَ حَامِلٍ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ) . اخْتَلَفَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي حَامِلٍ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَعْتَدُّ بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْآيَتَيْنِ إحْدَاهُمَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] وَالْأُخْرَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ الْقُصْرَى وَهِيَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤] فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ــ [التلويح] الْوَضْعِ لَهُ خَاصَّةً بِالْمَجَازِ، أَوْ الِاشْتِرَاكِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَخُصُوصِ الرَّوَائِحِ وَالطُّعُومِ الَّتِي اُكْتُفِيَ فِي التَّعْبِيرِ عَنْهَا بِالْإِضَافَةِ كَرَائِحَةِ الْمِسْكِ عَلَى أَنَّ هَذَا إثْبَاتُ الْوَضْعِ بِالْقِيَاسِ. وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَلِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ الِاحْتِجَاجُ بِالْعُمُومَاتِ وَشَاعَ ذَلِكَ وَذَاعَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَإِنْ قِيلَ فُهِمَ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ قُلْنَا فَتْحُ هَذَا الْبَابِ يُؤَدِّي إلَى أَنْ لَا يَثْبُتَ لِلَّفْظِ مَفْهُومٌ ظَاهِرٌ لِجَوَازِ أَنْ يُفْهَمَ بِالْقَرَائِنِ، فَإِنَّ النَّاقِلِينَ لَنَا لَمْ يَنْقُلُوا نَصَّ الْوَاضِعِ، بَلْ أَخَذُوا الْأَكْثَرَ مِنْ تَتَبُّعِ مَوَارِدِ الِاسْتِعْمَالِ. (قَوْلُهُ وَحَرَّمَتْهُمَا) أَيْ: الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا وَطْئًا آيَةٌ أُخْرَى هِيَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ﴾ [النساء: ٢٣] عَطْفًا عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ السَّابِقَةِ قِيلَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ لَمَّا حُرِّمَ نِكَاحًا وَهُوَ سَبَبٌ مُفْضٍ إلَى الْوَطْءِ، فَلَأَنْ يُحَرَّمَ وَطْئًا بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْلَى، فَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا حِينَئِذٍ لَا يُعَارِضُ النَّصَّ الْمُبِيحَ؛ لِأَنَّهُ بِطَرِيقِ الْعِبَارَةِ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ قَدْ خُصَّتْ مِنْ الْمُبِيحِ الْأَمَةُ الْمَجُوسِيَّةُ، وَالْأُخْتُ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَأُخْتُ الْمَنْكُوحَةِ فَلَمْ يَبْقَ قَطْعِيًّا فَيُعَارِضُهُ النَّصُّ الْمُحَرِّمُ، وَإِنْ كَانَ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الْأُخْتَيْنِ وَطْئًا بِمِلْكِ الْيَمِينِ ثَبَتَ أَيْضًا بِالْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا﴾ [النساء: ٢٣] فِي مَعْنَى مَصْدَرٍ مُعَرَّفٍ بِالْإِضَافَةِ أَوْ اللَّامِ أَيْ: جَمْعُكُمْ أَوْ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ فِي النِّكَاحِ، أَوْ فِي الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ. (قَوْلُهُ فِي مِقْدَارِ مَا تَنَاوَلَهُ الْآيَتَانِ)؛ لِأَنَّ أُولَاتِ الْأَحْمَالِ لَا يَتَنَاوَلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الْغَيْرَ الْحَامِلِ ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ﴾ [البقرة: ٢٣٤] أَيْ: أَزْوَاجُ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ لَا يَتَنَاوَلُ الْحَامِلَ الْمُطَلَّقَةَ فَقَوْلُهُ ﴿وَأُولاتُ الأَحْمَالِ﴾ [الطلاق: ٤] بِاعْتِبَارِ إيجَابِ عِدَّةِ الْحَامِلِ الْمُطَلَّقَةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ لَا يَكُونُ نَاسِخًا وَقَوْلُهُ ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ﴾ [البقرة: ٢٣٤] بِاعْتِبَارِ إيجَابِ عِدَّةِ

1 / 71