265

Al-Mughnī sharḥ mukhtaṣar al-Khiraqī

المغني شرح مختصر الخرقي

Editor

عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو

Publisher

دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع

Edition

الثالثة

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

الرياض

إلَىَّ؛ لأنَّ عائشةَ قالت: مَرِّنَّ أزْوَاجَكُنَّ أنْ يُتْبِعُوا الْحِجَارَةَ الْمَاءَ مِنْ أَثَرِ الغائِطِ والبَوْلِ؛ فَإنِّى أَسْتَحْيِيهِم، كان النبيُّ ﷺ يَفْعَلُه. احْتَجَّ به أحمدُ، ورَوَاه سَعِيد، ولأنَّ الحَجَرَ يُزِيلُ عَيْنَ النَّجاسةِ فلا تُصيبُها يَدُهُ، ثم يأتِى بالماءِ فَيُطَهِّرُ المَحَلَّ، فيكونُ أبلغَ في التَّنْظِيفِ وأَحْسَنَ.
٣٧ - مسألة؛ قال: (فَإِنْ لَمْ يَعْدُوَا (١) مَخْرَجَهُمَا أَجْزَأَهُ ثَلَاثَةُ أحْجَارٍ إذَا أَنْقَى بِهِنَّ، فَإنْ أَنْقَى بِدُونِ الثَّلاثةِ لَمْ يُجْزِهِ، حَتَّى يَأْتِىَ بالعَددِ، وَإِنْ لَمْ يُنْقِ بالثَّلَاثةِ زادَ حَتَّى يُنْقِىَ).
قولُه: "يَعْدُوَا مَخْرجَهما" يعني الخَارِجَيْن مِن السَّبِيلَين إذا لم يتجَاوزَا مَخْرجَهما. يُقال: عَداكَ الشَّرُّ. أي: تجاوَزَك. والمُراد، واللهُ أعلمُ، إذا لم يتجَاوز المخرجَ بما لم تَجْرِ العادةُ به، فإنَّ اليسيرَ لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، والعادةُ جاريةٌ به، وإذا كان كذلك فإنَّه يُجْزِئُه ثلاثةُ أَحْجارٍ مُنْقِيَة. ومعنى الإِنْقاء إزَالةُ عَيْنِ النَّجاسةِ وبِلَّتِها، بحيثُ يخرجُ الحَجَرُ نَقِيًّا وليس عليه أثرٌ إلَّا شيئًا يَسِيرًا. ويُشْترَطُ الأمران جَمِيعًا؛ الإنْقاءُ، وإكْمالُ الثلاثةِ، أَيُّهما وُجِدَ دُونَ صاحِبه لم يَكْفِ، وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ وجَمَاعةٌ. وقال مالِكٌ ودَاوُد: الواجبُ الإِنْقاءُ دُونَ العَدَدِ؛ لِقَولِهِ ﷺ: "مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِر، مَنْ فَعَلَ فقَدْ أحْسَنَ ومَنْ لَا فَلَا حَرَجَ". ولنَا قَوْلُ سَلْمان: "لقد نَهَانا - يعني النبيَّ ﷺ أن نَسْتَنْجِىَ بأقَلَّ من ثلاثةِ أحْجارٍ (٢) ". وما ذَكَرْنا من الأحاديث، وحَدِيثهُم قد أجَبْنا عنه فيما مَضَى.
فصل: وإذا زادَ علَى الثَّلاثةِ اسْتُحِبَّ أنْ لا يَقْطَعَ إلَّا علَى وِتْرٍ؛ لقَوْلِه ﷺ: "مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِر". مُتَّفَقٌ عليه، فيَسْتَجْمِرُ خَمْسًا أو سَبْعًا أو تِسْعًا أو ما زاد على ذلك، فإنِ اقْتَصرَ على شَفْعٍ مُنْقِيَةٍ، فيما زادَ علَى الثلاثةِ جازَ؛ لقوله ﷺ: "ومَنْ لَا فَلَا حَرَجَ".

(١) في الأصل هنا وفيما يأتى: "يعد". على الإفراد.
(٢) انظر ما تقدم صفحة ٢١٤ في تخريج الحديث عند مسلم.

1 / 209