(وَكُتُبِهِ) معنى الإيمان بكتب الله تعالى: التصديق بأنه كلام الله تعالى، وأن ما تضمّنته حقّ وصدق.
[تنبيه]: زاد في حديث أبي هريرة ﵁ الآتي بعد قوله: "وكتابه": قولَهُ: "ولقائه": قال في "الفتح": كذا وقعت هنا بين الكتب والرسل، وكذا لمسلم من الطريقين، ولم تقع في بقية الروايات، وقد قيل: إنها مكررة؛ لأنَّها داخلة في الإيمان بالبعث، والحقّ أنَّها غير مكررة، فقيل: المراد بالبعث القيامُ من القبور، والمراد باللقاء ما بعد ذلك، وقيل: اللقاء يحصل بالانتقال من دار الدنيا، والبعث بعد ذلك، ويدل على هذا رواية مطر الوراق، فإن فيها: "وبالموت، وبالبعث بعد الموت"، كذا في حديث أنس وابن عباس ﵃، وقيل: المراد باللقاء رؤية الله، ذكره الخطابي.
وتعقبه النووي بأنّ أحدًا لا يقطع لنفسه برؤية الله، فإنها مختصة بمن مات مؤمنًا، والمرء لا يدري بمَ يختم له، فكيف يكون ذلك من شروط الإيمان؟
وأجيب: بأن المراد الإيمانُ بأن ذلك حقّ في نفس الأمر، وهذا من الأدلة القوية؛ لأهل السنة في إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة، إِذْ جُعِلت من قواعد الإيمان. انتهى (^١).
(وَرُسُلِهِ) ووقع في حديث أبي هريرة، وأبي ذرّ عند النسائيّ "وملائكته، والكتاب، والنبيين"، وكل من السياقين في القرآن، في البقرة، والتعبير "بالنبيين" يشمل "الرسل"، من غير عكس.
ومعنى الإيمان بالرسل: التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله تعالى، وأن الله تعالى أيّدهم بالمعجزات الدّالّة على صدقهم، وأنهم بلّغوا عن الله تعالى رسالاته، وبيّنوا للمكلّفين ما أمرهم الله تعالى ببيانه، وأنه يجب احترامهم، وألا يُفرَّق بين أحد منهم. قاله القرطبيّ.
وقال في "الفتح": ودَلّ الإجمال في الملائكة، والكتب، والرسل على الاكتفاء بذلك، في الإيمان بهم، من غير تفصيل، إلَّا من ثبت تسميته، فيجب الإيمان به على التعيين، وهذا الترتيب مطابق للآية: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ