Al-Athar Al-Thameen Fi Nusrat Aisha Umm Al-Mu'mineen
الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين
Publisher
دار الفاروق للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٣ هـ - ٢٠١٢ م
Publisher Location
عمان
Genres
أبو بكر الصديق ﵁ يعفو عن مسطح ﵁ ويصفح
كان أبو بكر الصِّدِّيق ﵁ وقَّافًا عند كتاب الله تعالى، يعمل به ولا يتجاوزه اقتداءً برسول الله ﷺ، فلمَّا أنزل الله تعالى براءة عائشة ﵂، أقسم أبو بكرٍ ﵁ أن لا ينفقَ على مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ ﵁ بعد أن قال الَّذي قال في عائشة ﵂، فأنزل الله تعالى: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى﴾ إلى قوله: ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ (٢٢)﴾ [النُّور].
فقَالَ أَبُو بَكْرٍ: " بَلَى والله إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ الله لِي" وعَادَ له ﵁ بما كان يصنعُ، ففي آخر حديث عروة عن عائشة، قالت: " فَلَمَّا أَنْزَلَ الله هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ﵁ (وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ): والله
لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ ما قال، فَأَنْزَلَ الله: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢)﴾ [النُّور] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى والله إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ الله لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: والله لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا" (^١). فثبت بذلك وقوع المغفرة لمن غَفَرَ إلى مَنْ أساءَ إليه وصفح عنه.
الحُكم فيمن قذف طيّبة طابة ﵂ بعد أن أنزل الله تعالى براءتها
لا يمكن لأحدٍ مِن النَّاس - وضيعًا كان أو رفيعًا - أن يَنْأَى بنفسه عن أذى
النَّاس وشرورهم مهما تخلَّق بأخلاق الكِرام؛ فمن العوام كالأنعام، ومِن الرَّعَاع
(^١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٣/ج ٦/ص ٩) كتاب التَّفسير.
1 / 80