دم الدين- وهو في شرع الندماء أمر محلل، وفي أعقاب معاقرة الخمر انطلق لسان فاسليوس قائلا: إن محبّة ملك الإسلام قد تمكّنت من قلبي وروحي بحيث لا تقبل الانفصال عنهما بأي حال، ولو مرّت بي لحظة دون الأنس بوجود الجمال المبارك للمليك فإني أعّدها وبالا. غير أني أفضّل مصلحة ملك العالم على إرادة نفسي، فلو أن السلطان تكبّد المشقّة بضعة أيام- إلى أن تخمد نائرة حقد الفرنجة وغضبهم- وتوجه إلى الملك مفروزم وهو من أكابر قياصرة الروم، فلن يقصّر هذا المملوك- بكل ما يرد في دائرة الإمكان- في رفدكم، بل يؤدي بنفسه ما يوجبه تعظيم المليك من شروط (^١) لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْرًا (^٢).
فوقعت هذه الكلمات موقع القبول من مسامع أشرف الملوك، واستصوب الأمر. وبعد بضعة أيّام ولّى وجهه مع الخدم والحشم صوب تلك الجزيرة، ولم يكن يلقي بالا لجور دورة الفلك لانشغاله بدوران الكأس والرّاح.
وعندما كان الملكان عز الدين وعلاء الدين يفرغان من المكتب وتعلّم الأدب (^٣) يقضيان وقتهما في صيد/ البّر والبحر.
قد حان الوقت الآن للبدء بذكر سلطنة السلطان ركن الدين.
…
_________
(^١) قارن أ. ع، ص ٥٧.
(^٢) سورة الطلاق، الآية ١.
(^٣) قارن أ. ع، ص ٥٨.
1 / 20