ذكر وصول السلطان من المغرب إلى استانبول
عدّ فاسليوس ذلك العهد مقدم السلطان مغنما كبيرا، ورأى من الواجب أن يشارك السلطان في الحكم بل يستقلّ بملك البلاد (^١). وكانا في وقت الاجتماع يجلسان على العرش سويّا فيتباسطان ويتلاطفان.
وفي تلك الأثناء كان هناك أحد الفرنجة معروفا بالشدّة والصّرامة، ومشهورا بالشجاعة والشهامة، فلقد كان يشنّ بنفسه هجوما على ألف مقاتل فيقاتلهم بمفرده. وكانت أعطيته تبلغ عشرة آلاف دينار كل عام. وذات يوم حدث بينه وبين أصحاب الديوان قيل وقال بسبب عطائه من الثّياب، فانطلق إلى فاسليوس وشرع يشكو ويطيل في شكواه ويرغي ويزبد بغير طائل. فأخذ فاسليوس يقول بالإفرنجية: السلطان حاضر اليوم، فتوقف عند هذا الحدّ، وغدا يتم التوصّل إلى حلّ يرضيك. لكن الفرنجي ظل على وقاحته، ولم يتراجع عن صلابة جبهته وحماقته، فضاق السلطان بالأمر وسأل تكفور: ماذا يقول هذا الأمير؟
فأجاب: ربما أهمل أهل الديوان في إيصال أعطيته. فقال السلطان: ما الذي يحمل العبيد على أن يبلغوا في جرأتهم هذا المدى.
وهنا سبّ الفرنجي السلطان، فأخذ الغضب منه كل مأخذ، ولفّ منديلا على يده، وبلطمة من قبضته وجّهها تحت أذن الفرنجي أطاح به من فوق كرسيّه فاقدا الوعى. فهاج الفرنجة والروم وماجوا، وحملوا على السلطان قاصدين هلاكه. فأمر فاسليوس رجاله بردّهم على أعقابهم، ونزل بنفسه من
_________
(^١) راجع أ. ع، ٥١.
1 / 16