قال عبيد: ثم إنهم أقاموا بالحرم عند بكر بن معاوية وابنه ما شاءوا ومكثوا على ذلك ما شاء الله. وقد بلغني أنهم أقاموا سبع سنين، ثم أنهم تذكروا الأوطان وحنت نفوسهم إلى البلاد، فأرادوا المسير إلى بلادهم، فأقبل عليهم بكر بن معاوية وابنه وقالا: يا قوم إنا نكره لكم أن تأتوا أرضا قد هلك فيها قومكم فترون مل تكرهون وأنتم هاهنا في حرم الله وأمنه والسعة والرحب، ولكم الأثرة في المال ما بقينا، فامكثوا. فقالوا لهما: إن النفوس قد حنت إلى الأوطان والآثار ولا بد لنا من إتيانها والنظر إليها. فأجمعوا في ذلك. فأرسلوا إلى ركابهم - وكانت في بادية لبكر من بوادي مكة - فأتوا بها سمانا حسنا فقال في ذلك حسان أبو كلهدة هذه الأبيات
وأنشأ يقول:
رعينا السرب والريان حتى ... إذا ما هاج وامتنع المذاقا
وصار كأنه أصفار نمل ... إلى تيهاء تدفنه دقاقا
أتينا ننقل الأوتار منها ... لنفض الريح غيثا أو دفاقا
قال: ثم ارتحل وفد عاد جميعا سوى أبي سعيد المؤمن ولقمان بن عاد حتى أتوا أرضهم ومنازلهم بالأحقاف فنظروا إليها مقلوبة مهدومة موحشة من الأهل والمال ورأوا ما نزل بقومهم من العقوبة والنكال فدعوا إلى الله عز وجل فقالوا: أللهم ألحقنا بقومنا وانزل بنا ما أنزلت بهم. فأماتهم الله بصاعقة من السماء فدمرتهم، فماتوا إلى النار. فسحقا لأصحاب السعير.
قال معاوية: وأبيك! لقد أتيت وذكرت عجبا من حديثك عن عاد
Page 365