رجع الحديث إلى عبيد بن شرية ومعاوية. قال معاوية: يا عبيد أخبرني عن وفد عاد ما فعلوا بعد هلاك قومهم؟ قال عبيد: يا معاوية. إن الوفد لما سمعوا قول هزيلة فيما أصاب قومهم أقبلوا على قيل بن عنز يعذلونه ويلومونه وقالوا: أنت شأمتنا وجررت علينا الهلاك. فقام رجل من أشرافهم - يقال له موت بن يعفر بن عرعر - وهو يقول:
لو أن عادا أرسلت زميلا ... أو تبعت هودا لنالت نيلا
لجاءها الوادي يسيل سيلا ... بالماء يحيي آيله وأيلا
فضلا من الله له وطولا ... لكن عادا أرسلت قييلا
ويلا لعاد ثم ويلا ويلا ... دعوت يا قيل لعاد عيلا
فصادفت دعوتك الضليلا ... فجاءت الريح تجر ذيلا
تقصد أحيانا وحينا سبلا ... تخترم النساء والرحيلا
ولم تدع زرعا ولا بقولا ... كلا ولا تينا ولا نخيلا
إلا رمادا أرمد ضئيلا
وقال موت: يذكر الريح والوادي الذي جاءت منه، ومنه اهلكوا وأنشأ وهو يقول:
أفعمت حي مغيث ... من حيا صير جهدا
سمعوا في الريح صوتا ... شبهوا ذلك رعدا
ولقد قاموا إليها ... كي يردوها مردا
أهلكت عادا وزمرا ... وزميلا ثم صدا
ثم مقداما وحارا ... ثم من بعد الاعدا
خلجانا تركته ... مثل جذع النخل جردا
عين فابكيهم بدمع ... يخضب الخدين وردا
Page 364