وفد عاد؟ قال: هم أولاء في منزل ابني معاوية. قالت: ما فعلا؟ قال: فزعوا إلى بيت ربهم فأعطى السائل منهم سؤاله. قالت: كلا ورب الكعبة قد أعطوا الخزي الطويل والذل الذليل. قال: ثكلتك أمك يا هزيلة اخبريني ما ذاك؟ قالت: ما أنا مخبرتك بشيء حتى تحضر إلي جميع الوفد. فأرسل إليهم بكر فأخبرهم بمكان هزيلة، فأقبلوا يبتدرون فزعين مرعوبين. فلما توافوا عندها قالوا لها: ويحك أخبرينا من الذي جاء بك ومن جاء بصحبتك وما وراءك وكيف تركت قومك؟ قالت: بل أخبروني عن مسيركم وأمركم. فأخروها. قالوا: سرنا شهرا وأقمنا شهرا عند عمك وابنه، ثم فزعنا إلى البيت العتيق، فأعطى السائل منا سؤاله، وقد توجهت السحابة نحوكم بالغيث فما عندك من الخبر؟ فقالت هزيلة: إن الخبر أفظع وأشد وأوجع من أن اسمعكموه قيلا ولكني سأقول شعرا وأرويه الجرادة تسمعكموه، فقالت هزيلة هذا الشعر:
إن عادا آثرت حقا ... على الرشد الصدودا
لم تقل في غيها حين ... عتت قولا سديدا
بل طغت بغيا وقالت ... لن نطيع الدهر هودا
كذبوا عبدا تقيا ... مسلما برا رشيدا
وعصوا ربا عظيما ... قاهر البطش مجيدا
قادرا أمسى له الخل ... ق معاطرا عبيدا
فدعا هود مليكا ... مبديا لهم معيدا
إن يذلهم بأيد ... يقمع العاصي الكنودا
فاستجاب له آله ... عز مقتدرا حميدا
جل ربا ذا اقتدار ... منعما عدلا أبيدا
Page 354