Adab Atfal Muqaddima Qasira
أدب الأطفال: مقدمة قصيرة جدا
Genres
ومن أبرز الأعمال الأدبية المقدمة للأطفال في تلك الفترة، والتي تتناول قضية العبودية، رواية الكاتب توماس داي بعنوان «سانفورد وميرتون» (وقد نشرت هذه الرواية في ثلاثة أجزاء في أعوام 1783، و1787، و1789). وقد قاد توماس داي حملات ضد التأثير الفاسد لتجارة العبيد على الحياة البريطانية. ومن بين الطرق التي قام بها بذلك تقديم الشاب تومي ميرتون - الذي ترصد القصة مرحلة تعليمه - إلى عبد سابق يعيش في إنجلترا. حتى سن السادسة، كان تومي يعيش حياة مدللة في مزرعة والديه في جامايكا، حيث تعلم أن يعتبر نفسه أفضل من العبيد الذين كانوا في خدمته. ومن خلال تعرفه على الزنجي (كما يشار إليه)، يدرك تومي أن نظام امتلاك العبيد - الذي كان يعتبره في السابق أمرا طبيعيا - هو في الواقع أمر بغيض. بل والأشهر منها على مستوى الدعوة إلى إلغاء العبودية الرواية الأكثر بيعا «كوخ العم توم» (1851-1852)، للكاتبة هارييت بيتشر ستو. ومن خلال شخصية إيفا سانت كلير، تقدم الكاتبة مثالا على قدرة الصغار على تغيير تفكير من حولهم من خلال عناية إيفا بعبيد عائلتها وعطفها عليهم.
شكل 6-1: كانت رواية «كوخ العم توم» من القصص التي يعاد سردها كثيرا على مسامع الأطفال. وقد ساعدت صور مثل هذه - والتي تظهر التفريق بين الأم وولدها - على إثارة التعاطف مع قضية إلغاء العبودية.
1
وتنقل رواية هارييت بيتشر ستو تركيزنا على أدب الأطفال المتعلق بالعبودية إلى الولايات المتحدة، التي استمرت فيها العبودية لما يزيد عن نصف قرن بعد حظرها في بريطانيا. شكليا، لم يعد الأمريكيون من أصول أفريقية عبيدا منذ نهاية الحرب الأهلية الأمريكية (1865)، لكن ميراث العبودية كان لا يزال يخيم على المجتمع، وقدم أدب الأطفال بعض الأعمال القوية التي عملت على مداواة آثار الوحشية والفظائع السابقة، وأشادت بإسهامات الأمريكيين الأفارقة في الثقافة الأمريكية، وتحدت الأفكار النمطية السائدة من خلال تمثيل تجربة السود وثقافتهم كجزء مميز من الحياة الأمريكية العادية. وخلال سبعينيات القرن العشرين، وبعد الفوز في المعارك الرئيسية للحقوق المدنية للسود، تحول تركيز أدب الأطفال بشكل كبير من تناول مساوئ العبودية إلى تناول الحاجة إلى مواجهة العنصرية عند تأليف كتب الأطفال. ورغم ذلك استمرت الكتابات والرسوم المقدمة للأطفال في تناول قضية العبودية كما في سلسلة الرسوم القوية والمثيرة للإعجاب التي تعكس الظروف على متن سفينة لتجارة العبيد في رواية «الممر الأوسط: سفينة بيضاء/شحنة سوداء» (1995) للكاتب توم فيلينج.
وتأتي ثنائية «أوكتيفيان ناثينج» (2006-2008) للكاتب إم تي أندرسون - التي تختلف مكانيا ووظيفيا - لتعرض حياة ولد أفريقي في مستعمرة بوسطن، حيث نشأ الولد كجزء من تجربة في عصر التنوير لإثبات أن السود أقل شأنا من البيض. ورغم أن الكتابين يركزان بالأساس على الظلم الذي تسببه العبودية، فإنهما في الوقت نفسه يثيران تساؤلات حول أحداث وتوجهات في القرن الحادي والعشرين بطرق تشجع التفكير الأخلاقي عن الحاضر. فعلى سبيل المثال، تعقد مقارنات بين سياسات أمريكا في حرب الاستقلال، والعبودية، والحرب على الإرهاب بما في ذلك تعذيب الجنود الأمريكيين للسجناء في سجن أبو غريب بالعراق. ويقدم الجزء الأول من الثنائية بعنوان «حفل الجدري» إمكانية مقارنة طريقة تفكير «الموت أو الشفاء» التي اعتنقها أوائل من وافقوا على التطعيم ضد الجدري بالمراهقين الشواذ اليوم والذين يخاطرون ويمارسون الجنس غير الآمن على أساس أن القلق المصاحب لانتظار الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية أسوأ من الإصابة به بالفعل.
الإنصاف
إن التمييز بين الصواب والخطأ في المواقف المختلفة يلمس موضوعا مألوفا طالما انشغلت به مرحلة الطفولة: ألا وهو الإنصاف. فكل من يتعامل مع الأطفال يواجه دائما شكواهم الغاضبة من الظلم. وتعد رواية «هنري هاجينز» (1950) للكاتبة بيفرلي كليري نموذجا لقصص الأطفال البسيطة التي بحثت هذا الموضوع بعمق، فهي تروي قصة واقعية حدثت في بلدة أمريكية صغيرة. تحكي القصة علاقة الصداقة القوية التي تنشأ بين هنري وكلب يظن أنه ضال يسمى ريبسي، لكن الحقيقة هي أن هذا الكلب ليس كلبا ضالا، بل ضائع من صاحبه الذي يحبه كثيرا. والولد الآخر لطيف تماما مثل هنري، ويحب الكلب كثيرا مثله. وفي الصفحات الأخيرة من الكتاب، يتفق الولدان على أن ريبسي يجب أن يختار صاحبه. وفي نهاية يسودها التوتر، يقف الولدان على مسافة متساوية من الكلب ويناديان عليه في الوقت نفسه، وبعد مرور بضع دقائق خيم فيها التوتر على الجميع بسبب التردد، يختار ريبسي أن يبقى مع هنري. وهذه النهاية حزينة وسعيدة في الوقت نفسه؛ لأن القراء قد شهدوا علاقة هنري مع ريبسي وأرادوا أن يكونا معا، لكن هذه السعادة تسبب الألم للولد الآخر. وتحاول كليري خفية أن تجعل القراء يتأملون إذا ما كان هذا هو القرار الأفضل والعادل، وأن يتساءلوا إذا ما كان بإمكانهم التوصل لحل أفضل لهذه المشكلة، وأن يتعاطفوا مع الخاسر في الوقت نفسه الذي يشاركون فيه هنري سعادته.
وتوضح رواية «هنري هاجينز» الأطفال وهم يتخذون قرارات عادلة دون تدخل الكبار، ويلتزمون بميثاق الشرف المفترض وجوده في أعمال أدب الأطفال. وفي هذه الحالة، فإن هذه القوانين تعني قبول عدم الغش وعدم الرجوع في القرارات وعدم التراشق بالاتهامات. وأحيانا يتم إعلان طبيعة هذه القوانين، فمثلا تحتوي القصص المدرسية على مواقف تقال فيها هذه القوانين للتلاميذ الجدد أو المخطئين، أما في رواية «كتب الأدغال» (1894-1895)، للكاتب روديارد كيبلينج، فنجد أن الذين لا يلتزمون بقانون الغابة يوبخون علانية. وتعد رواية «لعبة إندر» (كتبت في 1985، وتمت مراجعتها في 1991) للكاتب أورسون سكوت كارد من روايات الأطفال التي تختبر مبادئ شرف الطفولة غير المكتوبة في أدب الأطفال إلى أقصى حد. وتدور أحداث هذه الرواية مختلطة الجمهور (إذ إنها لم تكتب في الأصل للأطفال لكنها جذبت قاعدة عريضة من القراء الشباب حتى إنه تم تحويلها إلى كتاب للأطفال) في المستقبل بعد أن تعرضت الأرض مرتين لغزو المخلوقات الفضائية. وتتناول الرواية تطور طالب المدرسة أندرو ويجين - أو «إندر» - خلال «معركة المدرسة» التي صممت لتحديد القادة العسكريين المحتملين استعدادا لمواجهة الهجوم الثالث المحتمل من المخلوقات الفضائية. ورغم جو المنافسة الشديدة، نجد أن الأطفال يعلمون القوانين ويلتزمون بها؛ كما يعرف الكبار الذين يتلاعبون بهم من خلف الأستار أنهم سيلتزمون بتلك القوانين.
ويعد «عدم التسلل» جزءا راسخا من هذه القوانين، والذي يتم التلاعب به بطريقة ساخرة في رواية «لعبة إندر»؛ لأن القراء يعلمون أن الأولاد خاضعون باستمرار لمراقبة الكبار الذين لا يتدخلون حتى في حالة إصابة أحد الأولاد إصابة بالغة تكاد تودي بحياته؛ لأنهم يرون أن الوحشية من السمات الأساسية للقائد القادر على هزيمة المخلوقات الفضائية. ومن أول الاختبارات الأخلاقية التي يواجهها القراء هو تحديد ما إذا كان سلوك الكبار مبررا أخلاقيا أم لا، ورغم ذلك نجد أن الأزمة الأخلاقية في هذا الكتاب تكمن في قضية أخرى.
يتكون تدريب الأطفال على القيادة إلى حد كبير من ممارسة الألعاب، وقتال بعضهم البعض أحيانا، وأحيانا يتقاتلون عبر الكمبيوتر في بيئة محاكاة واقعية ومعقدة تحاكي هجوم المخلوقات الفضائية إلى حد كبير. وعندما ينتصر إندر وفريقه في المحاكاة التي تختبر تكتيكاتهم ومهاراتهم وقدرتهم على التحمل في تجربة تفوق أي شيء شهدوه في حياتهم، يتضح أن ذلك لم يكن ممارسة لعبة بل كانوا يشنون حربا. ونظرا لأن النصر تحقق من خلال تدمير كوكب المخلوقات الفضائية؛ فقد تمت إبادة عرق بأكمله. ومع هذا الاكتشاف علموا أن المخلوقات الفضائية - بعد أن أدركوا أن البشر نوع من أشكال الحياة الواعية - كانت قد قررت عدم محاولة احتلال الأرض وأرادت السلام.
Unknown page