فأشار بيده نحو مرو وقال: «إن الحرب قد نشبت بين الكرماني ونصر.»
فالتفت خالد إلى مرو، فرأى الفرسان قد خرجت من المدينة ومعها أعلام بني أمية، وخرج إليهم رجال الكرماني بأعلامهم وقد تطايرت النبال واشتبك القتال. وكان أبو مسلم قد أقبل نحو خالد، ورأى مثلما رأى خالد ففرح وصاح: «لقد حانت ساعة العمل.»
فقال خالد: «هل نستعد للهجوم أيها الأمير؟»
قال: «احذر أن تفعل. إنما شأننا اليوم الصبر لنرى عاقبة هذا القتال.»
قال: «ألا نغتنم فرصة انشغال نصر بالحرب ونهجم على المدينة؟»
قال: «إذا هجمنا لا نأمن أن يتحد العدوان علينا، ولكن نصبر إلى الغد.» قال ذلك ومضى إلى منزل سليمان بن كثير، فرأى النقباء قد اجتمعوا هناك وهم يسألون عن أبي مسلم، وكلهم يرون رأي خالد بالهجوم. فلما أقبل أبو مسلم عليهم استشاروه فقبح رأيهم وأمرهم بالانتظار، فسكتوا وأطاعوا.
فلما غربت الشمس تراجع الجيشان وأمسكا عن القتال، ورجع كل منهما إلى مكانه، والنقباء يرون أن أبا مسلم قد أخطأ لتقاعده عن اغتنام تلك الفرصة، وهو لا يقول شيئا. فلما أمسى المساء طلب الخلوة بخالد وسليمان، وأمر سائر النقباء أن يبيتوا على حذر.
فلما خلا بخالد وسليمان، هم أن يكاشفهم بما في ضميره، فسمعوا طارقا يطرق الباب ففتحوا له، وإذا بفارس ومعه رجل موثق بعمامته والفارس يقول: «قد قبضنا على هذا الرجل مارا في معسكرنا وليس هو منا.» فحالما رآه أبو مسلم بنور المصباح عرفه، فصاح به: «الضحاك؟»
قال: «نعم يا مولاي.»
فأشار إلى الفارس فتركه وانصرف، ودخل الضحاك فحلوا وثاقه، وسأله عن أمره فقال: «هل أتكلم أم تأذن لي بخلوة؟»
Unknown page