ذكر التوابين من الملائكة ﵈ ١ -[قصة هاروت وماروت] أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النَّقُّورِ ﵀ أَنْبَأَ الأَمِينُ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْيُوسُفِيُّ أَنْبَأَ ابْنُ الْمُذْهِبِ أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ثَنَا أَبِي ﵀ ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "إِنَّ آدَمَ ﵇ لَمَّا أَهْبَطَهُ اللَّهُ إِلَى الأَرْضِ قَالَتِ: الْمَلائِكَةُ: أَيْ رَبَّنَا. ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ . [البقرة: ٣٠] . قَالُوا: رَبَّنَا! نَحْنُ أَطْوَعُ لَكَ مِنْ بَنِي آدَمَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلائِكَةِ: هَلُمُّوا مَلَكَيْنِ مِنَ الْمَلائِكَةِ حَتَّى نُهْبِطَهُمَا إِلَى الأَرْضِ فَتَنْظُرُوا كَيْفَ يَعْمَلانِ. قَالُوا: رَبَّنَا! هَارُوتَ وَمَارُوتَ. فَأُهْبِطَا إِلَى الأَرْضِ وَمَثُلَتْ لَهُمَا الزَّهْرَةُ امْرَأَةً مِنْ أَحْسَنِ الْبَشَرِ فَجَاءَتْهُمَا فَسَأَلاهَا نَفْسَهَا قَالَتْ: لا وَاللَّهِ! حَتَّى تَتَكَلَّمَا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنَ الإِشْرَاكِ. فَقَالا: لا وَاللَّهِ! لا نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا. فَذَهَبَتْ عَنْهُمَا ثُمَّ رَجَعَتْ بِصَبِيٍّ تَحْمِلُهُ فَسَأَلاهَا نَفْسَهَا. فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ! حَتَّى تَقْتُلا هَذَا الصَّبِيَّ فَقَالا: لا وَاللَّهِ! لا نَقْتُلُهُ أَبَدًا.

1 / 9

فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ بِقَدَحِ خَمْرٍ تَحْمِلُهُ فَسَأَلاهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ! حَتَّى تَشْرَبَا هَذَا الْخَمْرَ فَشَرِبَا حَتَّى سَكِرَا فَوَقَعَا عَلَيْهَا وَقَتَلا الصَّبِيَّ فَلَمَّا أَفَاقَا قَالَتِ: الْمَرْأَةُ: وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُمَا شَيْئًا مِمَّا أَبَيْتُمَاهُ إِلا فَعَلْتُمَاهُ حِينَ سَكِرْتُمَا فَخُيِّرَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا والآخرة فاختارا - عذاب الدنيا" [أحمد ٢/١٣٤] . أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ سَعْدٍ أنا جَدِّي لأُمِّي أَبُو الْمَعَالِي ثَابِتُ بْنُ بُنْدَارٍ أنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ دُومَا أنا أَبُو عَلِيٍّ الْبَاقَرْحِيُّ أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلُّوَيْهِ أنا إِسْمَاعِيلُ أنا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: لَمَّا أَنْ أَفَاقَا جَاءَهُمَا جِبْرِيلُ ﵇ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﷿ وَهُمَا يَبْكِيَانِ فَبَكَى مَعَهُمَا وَقَالَ: لَهُمَا: مَا هَذِهِ الْبَلِيَّةُ الَّتِي أَجْحَفَ بِكُمَا بَلاؤُهَا وَشَقَاؤُهَا؟. فبكيا إليه فقال له: ما: إِنَّ رَبَّكُمَا يُخَيِّرُكُمَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَأَنْ تَكُونَا عِنْدَهُ فِي الآخِرَةِ فِي مَشِيئَتِهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَكُمَا وَإِنْ شَاءَ رَحِمَكُمَا. وَإِنْ شِئْتُمَا عَذَابَ الآخِرَةِ. فَعَلِمَا أَنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ وَأَنَّ الآخِرَةَ دَائِمَةٌ وأن الله بعباده رؤوف رَحِيمٌ. فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا وَأَنْ يَكُونَا فِي الْمَشِيئَةِ عِنْدَ اللَّهِ. قَالَ: فَهُمَا بِبَابِلِ فَارِسَ مُعَلَّقَيْنِ بَيْنَ جَبَلَيْنِ فِي غَارٍ تَحْتَ الأَرْضِ يُعَذَّبَانِ كُلَّ يَوْمٍ طَرَفَيِ النَّهَارِ إِلَى الصَّيْحَةِ وَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ الْمَلائِكَةُ خَفَقَتْ بِأَجْنِحَتِهَا فِي الْبَيْتِ ثُمَّ قَالُوا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِوَلَدِ آدَمَ عَجَبًا كَيْفَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيُطِيعُونَهُ عَلَى مَا لَهُمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ!. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: فَاسْتَغْفَرَتِ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لِوَلَدِ آدَمَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ الشورى: ٥] . روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - قَالَ لِلْمَلائِكَةِ: انْتَخِبُوا ثَلاثَةً مِنْ أَفَاضِلِكُمْ فَانْتَخَبُوا عزرا وعزرايل وعزويا. فَكَانُوا إِذَا هَبَطُوا إِلَى الأَرْضِ كَانُوا فِي حَدِّ بَنِي آدَمَ وَطَبَائِعِهِمْ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عزرا وَعَرَفَ الْفِتْنَةَ عَلِمَ أَنْ لا طَاقَةَ لَهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ ﷿ وَاسْتَقَالَهُ فَأَقَالَهُ. فَرُوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ بَعْدُ حَيَاءً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. قال الربيع بن أنس: لما ذهب عن هاروت وماروت السكر عرفا ما وقعا فيه

1 / 10

من الخطيئة وندما وأرادا أن يصعدا إلى السماء فلم يستطيعا ولم يؤذن لهما فبكيا بكاء طويلا وضاقا ذرعا بأمرهما. ثم أتيا إدريس ﵇ وقالا له: ادع لنا ربك فإنا سمعنا بك تذكر بخير في السماء فدعا لهما فاستجيب له وخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة. وروي أن الملائكة لما قالوا لله ﵎: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾ [البقرة: ٣٠] طافوا حول العرش أربعة آلاف عام يعتذرون إلى الله ﷿ من اعتراضهم.

1 / 11

ذكر التوابين من الأنبياء ﵈ ٢ – [توبة آدم ﵇] أخبرنا أبو الفضل مسعود بن عبيد الله بن النادر قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين أنا أبو بكر محمد بن علي الخياط أنا أبو عبد الله بن دوست ثنا الحسين بن صفوان ثنا ابن أبي الدنيا ثنا يعقوب بن إسحاق بن دينار ثنا محمد بن معاذ العنبري عن ابن السماك قال: حدثني عمر بن ذر عن مجاهد: أن آدم ﵇ لما أكل من الشجرة تساقط عنه جميع زينة الجنة ولم يبق عليه من زينتها إلا التاج والإكليل. وجعل لا يستتر بشيء من ورق الجنة إلا سقط عنه فالتفت إلى حواء باكيا وقال: استعدي للخروج من جوار الله هذا أول شؤم المعصية قالت: يا آدم! ما ظننت أن أحدا يحلف بالله كاذبا - وذلك أن إبليس قاسمهما على الشجرة - وآدم في الجنة هاربا استحياء من رب العالمين فتعلقت به شجرة ببعض أغصانها فظن آدم أنه قد عوجل بالعقوبة فنكس رأسه يقول: العفو! العفو. فقال الله ﷿: يا آدم أفرارا مني؟ قال: بل حياء منك سيدي. فأوحى الله إلى الملكين: أن أخرجا آدم وحواء من جواري فإنهما قد عصياني. فنزع جبريل ﵇ التاج عن رأسه وحل ميكائيل ﵇ الإكليل عن جبينه.

1 / 12

فلما هبط من ملكوت القدس إلى دار الجوع والمسغبة بكى على خطيئته مائة سنة قد رمى برأسه على ركبتيه حتى نبتت الأرض عشبا وأشجارا من دموعه حتى نقع الدمع في نقر الجلاميد وأقعيتها. أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي أنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو علي عيسى بن محمد الطوماري أنبأ محمد بن أحمد بن البراء أنبأ عبد المنعم بن إدريس أنبأ أبي عن وهب بن منبه: أن آدم ﵇ لبث في السخطة سبعة أيام: ثم إن الله تعالى أطلعه في اليوم السابع وهو منكس محزون كظيم فأوحى الله إليه: يا آدم! ما هذا الجهد الذي أراك فيه اليوم! وما هذه البلية التي قد أجحف بك بلاؤها وشقاؤها!. قال آدم: عظمت مصيبتي يا إلهي وأحاطت بي خطيئتي وخرجت من ملكوت ربي فأصبحت في دار الهوان بعد الكرامة وفي دار الشقاوة بعد السعادة وفي دار العناء والنصب بعد الخفض والدعة وفي دار البلاء بعد العافية وفي دار الظعن والزوال بعد القرار والطمأنينة وفي دار الفناء بعد الخلد والبقاء وفي دار الغرور بعد الأمن إلهي! فكيف لا أبكي على خطيئتي؟ أم كيف لا تحزنني نفسي أم كيف لي أن أجتبر هذه البلية والمصيبة يا إلهي؟. قال الله تعالى له: ألم أصطفك لنفسي وأحللتك داري واصطفيتك على خلقي وخصصتك بكرامتي وألقيت عليك محبتي وحذرتك سخطي؟ ألم أباشرك بيدي وأنفخ فيك من روحي وأسجد لك ملائكتي؟ ألم تك جاري في بحبوحة جنتي تتبوأ حيث تشاء من كرامتي فعصيت أمري ونسيت عهدي وضيعت وصيتي؟ فكيف تستنكر نقمتي فوعزتي وجلالي لو ملأت الأرض رجالا كلهم مثلك ﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٠] ثم عصوني لأنزلتهم منازل العاصين وإني قد رحمت ضعفك وأقلتك عثرتك وقبلت توبتك وسمعت تضرعك وغفرت ذنبك فقل: لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك ظلمت نفسي وعملت السوء فتب علي إنك أنت التواب الرحيم. فقالها آدم. ثم قال له ربه: قل: لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك ظلمت نفسي وعملت السوء فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم. فقالها آدم.

1 / 13