بسم الله الرحمن الرحيم قال الشَّيخُ أبو هلالٍ الحسنُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ سهلٍ، ﵀: هذا كتابُ التلخيصِ فِي معرفةٍ أسماءِ الأشياءِ ونعوتِهَا، وشرحِ أنواعِها وفنونِها الَّتِي تفتقرُ عامةُ أهلِ الأدبِ إِلَى علمِهَا، وتحتاجُ إِلَى إتقانها وحفظها. قدْ هذبْتُهُ، وشذبْتُهُ، ونقَّحْتُهُ، وأوضحْتُهُ، ونفَيْتُ الشواغلَ عنهُ بإسقاطِ الشَّواهدِ والتَّصاريف منهُ، إِلاَّ نَبْذًا يسيرًا مُتفرَّقًا فِي أثنائِهِ، لا يَشغَلُ خاطرًا، ولا يُمِلُّ ناظرًا، لتتدانى شُعَبُهُ، وتَتقاربَ سُبُلهُ، ولا يَكْبُرَ عنِ المبتدئينَ، ولا يَصغُرَ عنِ المتوسِّطينَ. أسألُ اللهَ الانتفاعَ بِهِ والعونَ على أداءِ حقِّهِ فيْهِ، واستمِدُّ مِن عندهِ العِصمةَ، واستوهِبُهُ تمامَ النِّعمةِ. وهو تعالى وليٌُ ذلكَ ومُوليهِ، بمنِّهِ ولُطفهِ. وقدْ قدَّمتُ إنشاءَ هَذَا الكتابِ لكَ، أيَّدكَ اللهُ، قصدًا لمِتعتِكَ، والزِّيادةِ فِي معرفَتِكَ، وبالَغْتُ فِي توخِّي إفادتِكَ. فضمَّنْتُهُ منْ أسماءِ أعضاءِ خَلقِ الإنسانِ وأوصافِهَا، وذِكرِ أخلاقِهِ وأصنافِهَا، ومِن أسامي الآلاتِ

1 / 29

والأدواتِ، وألوان المَطعُوماتِ والملبوساتِ، وأجناسِ البهائمِ والطُّيورِ والحَشَراتِ، وغيْرِ ذلكَ مِن أسماءِ السَّحابِ والأمطارِ، وأوصافِ النٍباتِ والأشجارِ، وذكرِ المِياهِ والأنهارِ، ونعوتِ الأَحْساءِ والآبارِ، وتَسميةِ الأبنيةِ والدُّورِ، والمنازلِ والقُصورِ، ما عَجزَ جميعُ كُتُبِ الأسماءِ والصِّفاتِ عن بُلوغِ غايتهِ فيهِ، وقَصَّرَ عن التَّخطِّي إِلَى انتظامِ معانيهِ. وإذا تأمَّلْتَ كتابَ لُغْذَة عَرَفْتَ صحَّةَ قولي هذا. لأنَّكَ تراهُ قد اشتغلَ فيهِ وبالتَّصاريفِ وتفسيرِ الشَّواهدِ اشتغالًا طويلًا، لا يُجدِي على المبتدئينَ، ولا يحتاجُ إليهِ المتوسِّطونَ. فأُغْفَلَ أكثرَ أسماءِ الأشياءِ الَّتِي أنشأَ الكتابُ لأجلِهَا، ووسمهُ بذِكرِهَا. وكتابُ الدَّيْمَرتي فِي مذهبِ كتاب لُغْذَهَ، إِلاَّ أنَّهُ أصلحُ قليلًا للمبتدِئِ، وأخفُّ عليه مَحْملًا، وأقْصَدُ مَذْهبًا، وكتابُنا هَذَا أَجمَعُ لما أُرِيدَ بهِ، وأوضحُ وأسهلُ وأقربُ. (وهو مشتملٌ على أربعينَ بابًا) البابُ الأوَّلُ فِي أسماءِ أعضاءِ الإنسانِ، وذِكرِ الحَملِ والولادةِ، وما يجري معَ ذلكَ. البابُ الثَّاني فِي ذكرِ أسماءِ أفعالِ الإنسانِ، وتصرُّفِ أحوالِهِ، وما يدخلُ فِي مَدْحِهِ وذَمِّهِ. البابُ الثَّالثُ فِي ذكرِ القَرَاباتِ. البابُ الرابعُ فِي ذكرِ أسماءِ الكُسْوةِ وصفاتِهَا، وذِكرِ أُصولِهَا، وذِكْرِ

1 / 30

الخِياطةِ والنِّساجةِ وأدواتِ النَّساجينَ، وما يجري معَ ذلكَ. البابُ الخامسُ فِي ذكرِ الفُرُشِ والوسائدِ والنَّمَطِ، وما يجري معَ ذلكَ. البابُ السَّادسُ فِي ذكرِ النَّعلِ والخُفِّ، وأدواتِ الأساكِفةِ والحذَّاءينِ. البابُ السَّابعُ فِي أسماءِ الدُّورِ والمنازلِ وأدواتِ البنَّائينَ. البابُ الثَّامنُ فِي ذكرِ الأبوابِ والأغلاقِ وأدواتِ النَّجارينَ. البابُ التَّاسعُ فِي ذكرِ الآنيةِ والأثاثِ والآلاتِ وما يُستعمَلُ فِي البُيُوتِ. البابُ العاشرُ فِي ذِكرِ الموازينِ والمكاييلِ والنُّقُودِ. البابُ الحادي عشرَ فِي ذكرِ المُحِلاَّتِ والظُّرُوفِ. البابُ الثَّاني عشرَ فِي ذكرِ الرَّحى. البابُ الثَّالثَ عشرَ فِي ذكرِ النَّارِ والسِّراجِ. البابُ الرابعَ عشرَ فِي ذكرِ الحُلِيِّ. البابُ الخامسَ عشرَ فِي أسماءِ جواهرِ الأرضِ. البابُ السَّادسَ عشرَ فِي ذكرِ الأطعمةِ. البابُ السَّابعَ عشرَ فِي أسماءِ الطِّيبِ. البابُ الثَّامنَ عشرَ فِي ذكرِ السَّماءِ والنُّجومِ واللَّيلِ والنَّهارِ والأوقاتِ. البابُ التَّاسعَ عشرَ فِي ذكرِ الرِّياحِ. البابُ العشرونَ فِي ذكرِ السَّحابِ والمطرِ والرَّعدِ والبرقِ. البابُ الحاديَ والعِشرونَ فِي ذكرِ الآبار والأرْشيَةِ والدِّلاءِ. البابُ الثانيَ والعِشرونَ فِي ذكرِ الأنهار والأحْساءِ، وصفاتِ المياهِ والغُدرانِ. البابُ الثَّالثِ والعِشرونَ فِي أسماءِ النَّباتِ والبُقُولِ والرَّياحينِ. البابُ الرابع والعِشرونَ فِي ذكرِ الزِّراعةِ وأدواتِ الزَّرَّاعينَ وأسماء الحُبُوبِ. البابُ الخامسُ والعِشرونَ فِي أسماءِ الشَّجرِ وصفاتِهَا، وذكرِ النَّخيلِ والرُّطْبِ والتَّمْرِ، وما يجري معَ ذلكَ. البابُ السَّادسُ والعِشرونَ فِي صفاتِ العِنَبِ، وذكرِ الخمْرِ وأسمائِهَا وصفاتِهَا، وذكرِ الفاكهةِ. البابُ السَّابعُ والعِشرونَ فِي أسماء الأرَضينَ، وأسماء الفَلَواتِ والجِّبالِ

1 / 31

والرِّمالِ. البابُ الثَّامنُ والعِشرونَ فِي ذكرِ أصنافِ السِّلاحِ، وأسماءِ مواضِعِ الحَرْبِ، وصفاتِ الجيوشِ والكتائبِ. البابُ التَّاسعُ والعِشرونَ فِي ذكرِ الخيلِ، وصفاتِ السَّرْجِ واللِّجَامِ. البابُ الثَّلاثونَ فِي ذكرِ الإبِلِ وأوصافِهَا فِي جميعِ أحوالِهَا. البابُ الحادي والثَّلاثُونَ في ذِكْرِ البَقَرِ والغَنَمِ والألْبَانِ البابُ الثَّانيَ والثَّلاثونَ فِي ذكرِ الوُحوشِ. البابُ الثَّالثَ والثَّلاثونَ فِي أسماءِ السِّبَاعِ. البابُ الرابعُ والثَّلاثونَ فِي ذكرِ الهَوَامِ. البابُ الخامس والثَّلاثونَ فِي ذكرِ الطُّيورِ. البابُ السَّادسُ والثَّلاثونَ فِي ذكرِ الصُّنَّاعِ. البابُ السَّابعُ والثَّلاثونَ فِي ذكرِ الأدويةِ، وذكرِ الأصباغِ. البابُ الثَّامنُ والثَّلاثونَ فِي ذكرِ الدَّواةِ والأقلامِ والكُتُبِ. البابُ التَّاسعُ والثَّلاثونَ فِي ذكرِ المَلاهِي ومَلاعِبِ الصِّبْيانِ. البابُ الأربعونَ فِي أسماءِ أشياءِ مُختلفةٍ. واللهُ الموفِّقُ للصَّوابِ، والهادي إِلَى الرَّشادِ، وهو حسبيَ، ونِعمَ الوكيلُ.

1 / 32

البابُ الأوَّلُ في أسماءِ أعضاءِ الإنسانِ، وذكرِ الحملِ والولادةِ وما يجري معَ ذلكَ قالَ اللهُ تعالى: ﴿فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ﴾. وأصلُ النُّطفةِ الماءُ القليلُ، يُقالُ: هَذِهِ نُطفةٌ عَذْبةٌ، أي ماءٌ قليلٌُ عذبٌ. وهوَ المَنِيُّ، يُقالُ: أَمْنى الرَّجلُ، يَمني إمناءً. وفي القرآن الكريمِ: ﴿أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ﴾. والمَذْيُ مصدرُ مَذَى الرَّجلُ، يَمْذِي مَذْيًا، وهو ما يَخرجُ منَ الإنسانِ عندَ المُلاعبَةِ والنَّظرِ. والوَدْيُ مصدرُ وَدَى الرَّجلُ، يَدِي وَدْيًَا، وهوَ الماءُ الرَّقيقُ يَخرجُ بعدَ البولِ. وهُمَا المَذْيُ والوَدْيُ، سُمِّيَا بالمصدرِ. والعامَّةُ تقولُ: المذيُ والوديُ، كما تقولُ المنيُ، وأجازهُ المُفضَّلُ. والعَلَقَةُ الدَّمُ، أي يصيرُ المنيُ دمًا فِي الرحمِ. والمُضْعَةُ منَ اللَّحمِ وغيرهُ قَدْرُ ما يُمضَغُ. ويُقالُ: جامعَ الرَّجلُ المرأةَ، وباضَعها مُباضَعةً وبضاعًاَ، ولامَسها، وفي

1 / 33