AUTO ذكر طبقات مشاهير الدمشقيين من أهل القرن الرابع عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

(1)

AUTO طاهر أفندي بن عمر بن مصطفى الآمدي، الشهير بالمفتي 1.

| AUTO طاهر أفندي بن عمر بن مصطفى الآمدي، الشهير بالمفتي 1.

من أجل أعيان فقهاء الشام وأوحدها في التفنن بالفروع والأصول والمعقول والمنقول.

Page 5

ولد سنة (1215) ونشأ مجتهدا في تحصيل العلوم، فقرأ على أبيه علامة عصره، وعلى الشيخ سعيد الحلبي ولازمه كثيرا، ثم بعد وفاته لازم ابنه الشيخ عبد الله الحلبي، وأم بالحنفية بعد أبيه في الجامع الأموي، وكانت له حجرة في المرادية يقيم بها للقراءة والإقراء، وكان من أمناء الفتوى مدة حسين أفندي المرادي، وابنه علي أفندي، ولما عزل نفسه عن الإفتاء علي أفندي المذكور لرؤيا هالته، وكان المرجع في الشام الشيخ عبد الله الحلبي فتذاكر مع والي الشام وقتئذ في نصب طاهر أفندي المترجم مفتيا فعينه، وورد المنشور من باب المشيخة له بها، وقام بأعبائها، وكتب على الفتاوى، وأتخذ أولا المدرسة الجقمقية دارا للفتوى وصار يجلس بها. وكان له دار ملاصقة لباب الجامع الأموي من ناحية النوفرة، ثم في سنة (1273) وقع حائط الجامع من ناحيتها فهدمت، فأنهى والي الشام وقتئذ لدار السلطنة بذلك فوردت إرادة سنية بإعطاء خمسين ألف قرش للمفتي المذكور لشراء دار له فأعطي ذلك واشترى دارا في زقاق الشيخ عمود داخل باب الجابية وعمرها عمارة حسنة وأما داره الأولى الملاصقة للجامع فجعل بعضها زاوية وبعضها أدخل للمشهد، ووقتئذ وسع المشهد وبني داخله على هذه الكيفية.

وكان في حائطه قديما كوة يقال إن رأس الحسين عليه السلام وضع بها. وكان وراءها مربع من الدار المذكورة، فأدخلت للمشهد وجعل لها محراب وجعل المحل الذي يقال إن رأسه الشريف وضع فيه على هيئة قبر، وصار يقال له مشهد الحسين من حينئذ.

Page 6

وأقول: لم يتعرض لذلك الحافظ ابن عساكر أصلا، مع أني سبرت «تاريخه» أجمع، نعم الفجوة الأولى من هذا المشهد كانت تسمى مشهد زين العابدين لكونه لما قدم دمشق كان يصلي فيه كما سلف ذكره 1 في التابعين الذين نزلوا دمشق، ولم يزل المفتي المذكور على طريقته المثلى إلى أن وقعت حادثة النصارى سنة (1277) الآتي إن شاء الله تعالى تفصيلها 2، ففيها لما قدم فؤاد باشا من دار السلطنة مفتشا على هذه القضية أمر بإجلاء أعيانها عن دمشق، ومنهم المفتي المذكور، فأجلي مع الشيخ عبد الله الحلبي، وعمر أفندي الغزي، وأحمد أفندي حسيبي، إلى الماغوصة، فأقاموا بها مدة، ثم نقلوا منها إلى صاقص ومنها إلى إزمير ومنها إلى الآستانة، واسترحموا العفو عنهم بعد أمور يطول شرحها، ثم إن المفتي المذكور بعد ذلك تقلد القضاء في حمص لما كانت مركز المتصرفية، ولما نقل المركز إلى حماة نقل إليها، واستمر متوليا القضاء بها سبع سنين ثم سافر إلى الآستانة وعين قاضيا في معمورة العزيز، ثم أتم مدته وقصد الآستانة وعين قاضيا في جهة طرابلس الغرب، ثم أناخ ركابه بوطنه دمشق، ثم وجهت عليه بها نيابة المحكمة الكبرى، فلم يزل عليها إلى أن توفي في (16) ربيع الثاني سنة (1301) وشهدت الصلاة عليه في جامع بني أمية ودفنه في باب الصغير، ولي منه إجازة عامة بما يجوز له روايته رحمه الله تعالى.

ووالده الشيخ عمر 1 ممن هاجر من ديار بكر إلى دمشق واتخذها دار إقامة وقدم بابنه المذكور وعمره نحو سبع سنين، وأبقى بعض أولاده في وطنه الأصلي، ووجهت عليه إمامة الحنفية بجامع بني أمية، وقرأ عليه جملة من الفضلاء في المعقول إلى أن توفي سنة (1263) رحمه الله تعالى.

***

Page 7

(2)

AUTO السيد محمود أفندي الحمزاوي بن محمد نسيب بن حسين بن يحيى بن حسن بن

| AUTO السيد محمود أفندي الحمزاوي بن محمد نسيب بن حسين بن يحيى بن حسن بن

عبد الكريم، المعروف كأسلافه بابن حمزة الحسيني الحنفي الدمشقي 1.

علامة الأعلام، وفهامة الأنام، ونخبة الأئمة الفخام، وفخر الموالي العظام، ومرجع الخاص والعام، عمدة المفتين، وقدوة المحققين، الذي طنت حصاة فضله واشتهر في الآفاق كمال علمه ونبله، فهو الحبر الذي فاق بصفاته الأوائل، والبحر المشتمل على جواهر الفضائل.

Page 8

ولد بدمشق سنة (1236) ودخل المدرسة سنة (1248) واجتهد في تحصيل العلوم، فأخذ عن العلامة الشيخ سعيد الحلبي، والمحدث الكبير الشيخ عبد الرحمن الكزبري، والقدوة الشيخ حامد العطار، والمتفنن الشيخ حسن الشطي، والمحقق الشيخ عمر الآمدي، والمدقق الشيخ منلا بكر الكردي، وغيرهم ممن ذكرهم في «ثبته» المسمى ب «عنوان الأسانيد» ثم تعاطى النيابات الشرعية في دمشق وغيرها سنة (1260) وسافر إلى دار السلطنة وأناطولي سنة (1268) بعد أن انتظم في سلك الموالي سنة (1266) وتدرج في الرتب العلمية إلى رتبة إسلامبول مع ما يتبع ذلك من النياشين الرسمية، مثنى وثلاث ورباع مجيدية وعثمانية، ولم تر قط عليه لكنها في الصندوق لديه، وتولى إفتاء الشام سنة (1284) بإنهاء والي الشام وقتئذ محمد راشد باشا فاشتغل بتحرير المسائل الفقهية بجد واجتهاد، ودقق وحقق، واشتهرت تحقيقاته البديعة، حتى كانت تتوارد عليه المسائل المعضلة من كل فج، ووقع بينه وبين جمعية المجلة في دار السعادة مناقشات كلية، وكانوا يرجعون إليه فيما أشكل من المسائل، ومع علو كعبه في العلوم العقلية والنقلية كان له الباع الطويل والتفنن في كمالات وصنائع شتى، منها ما اشتهر عنه من أمر الكتابة الكثيرة على القطع الصغيرة، فكان يكتب سورة الإخلاص على حبة من حبوب الأرز، وبعضهم يبالغ عنه بأكثر من ذلك.

وبالجملة ففضله أشهر من أن يذكر وأما مؤلفاته فهي تناهز الأربعين منها «درر الأسرار» وهو التفسير الجليل بالحروف المهملة، و«دليل الكمل إلى الكلم المهمل» و«الفتاوى المنظومة» في مجلد، و«الفتاوى الحمزاوية الكبرى» و«نظم الجامع الصغير» للإمام محمد 1 في نحو ثلاثة آلاف بيت من بحر البسيط، و«نظم مرقاة الأصول» من البحر المذكور، وشرح «بديعية» والده شرحا لطيفا سماه «كشف القناع».

Page 9