هذا كتاب السير تأليف الإمام أبي العباس سلالة الكريم بن الكرام احمد بن سعيد بن عبد الواحد الشماخي رحمه الله آمين ...

Page 1

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، هذا كتاب السير تأليف الإمام أبي العباس سلالة الكريم ابن الكرام أحمد بن سعيد بن عبد الواحد الشماخي رحمه الله آمين.

الحمد لله الذي كتب في صحائف القلوب ألفة أوليائه الأخيار، ونقش في ألواح الضمائر التوادد بين الأتقياء الأبرار، ومحي من رق الصدور محبة أولي الضلال الفجار؛ لخلافهم ما شرع من الصراط للأنام، المبين بلسان الرسول عليه السلام. الذي نقله الأتقياء والعدول. خصوصا من ارتضاه ربنا لصحبة الرسول: مثل عمار والفاروق والصديق. والتابعين لهم بالإحسان والتصديق، هدى من اتبعه رشد واهتدى، ومن حاد عنه تجنبا ضل وغوى، وحل عليه غضب الله وهوى، ومن أكدها بعد الايمان عقدا وأكملها بعد التوحيد عهدا، المحافظة على الأخوة في الدين، والموالاة في ذات

Page 2

الحق اليقين، فوجب علينا الولاية والدعاء للسابق كما فرض علينا مراعاة حق اللاحق، اذ نقلوا لنا الهدى ناصحين، وأدوه الينا محتسبين، لا يسألون عنه أجرا، ولا كانوا متكلفين، لازموا القبض على جمر التكليف، من أتباع الرسول من غير تعنيف صلى الله عليه وعلى اله ما طلع شمس وعاد خريف.

(وبعد) وردت رسالة ممن أهمه أمرنا، وإبتغاء المطالعة على احوالنا، ومعرفة أخبار بلادنا، المصان منها باخواننا، والذي ضرب بجرانه عدونا، ومعرفة ما نحن فيه من التبرج، والاكتنان والظهور والكتمان، والوقوف على مناقب الأخوان، ونسب من سلف به من الزمان؛ من الأئمة أولي البقية والاحسان؛ أم من سنام المجد قحطان أم من أهل السماح والصباح والرماح رأس الشرف عدنان.

وتضمنت الرسالة: إنهم أوجبوا نفس الشريعة الساطعة الغرا، وطلع شمس النحلة النقية البيضا، وإنهم رعوا العفو، وشربوا الصفو، وساسوا بالعدل العباد، وتمكنوا في البلاد، وساموا الخسف أهل الجور والفساد، بالإمام الجواد الواري الزناد الماجد الأجداد الهمام الفاضل الأشم الباذل اللباب الحلاحل أبو عبد الله محمد الأمير العادل، المنتهي في الشرف إلى قحطان سواء كان من حمير أو ازد أو همذان، فانشرحت لسطوع نور هدايتهم صدورنا، وسلوكهم محجة من مضى من أسلافنا، وإظهار منهج مذهب الحق مشرفا بشهادة غرابيل الصدق.

وها أنا اذكر بعض أخبار السالفين

Page 3

بعد التيمن بلمع من أخبار الرسول والتبرك بشيء من أخبار الصحابة ومن الله استمد العون والتوفيق والسداد واللطف.

أخبار الرسول

(اعلم) إن الله تعالى من علينا بلطفه؛ بأن انزل علينا كتابا نور به كل حالك، وأضاء به المسالك، وأشرقت به دجا المهالك، وارسل رسولا؛ هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.. وأختلف فيما فوق ذلك، إلى اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام، وعلى سيدنا محمد الصلاة والسلام.

ويتميز - صلى الله عليه وسلم - من سائر بطون قريش بهاشم؛ واصطفاه الله من بني هاشم، كما اصطفا بني هاشم من قريش، وامه: أمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. حملت به ايام التشريق، في شعب أبي طالب، عند الجمرة الوسطى، وولد عليه السلام بمكة، يوم الاثنين لاثنى عشر خلت من رمضان، وقيل من ربيع الاول، وقيل لثمان، وقيل اول اثنين فيه، وقيل لليلتين خلتا منه عام الفيل، وقيل يوم الفيل؛ أي اليوم الذي حبس فيه، وقيل بعده بشهر، وقيل باربعين، وقيل بخمسين يوما، يوم عشرين من نيسان، وقيل لثلاث عشرة بقيت من المحرم، يوم الاحد وضعته امه؛ قيل في شعب بني هاشم، وقيل بمكة بدار تدعا لمحمد بن يوسف، اخي الحجاج بن يوسف.

وارسله الله يوم الاثنين لثمان خلون من ربيع الاول سنة احدى واربعين؛ من عام الفيل، وهو ابن اربعين سنة ويوم،

Page 4

ومن بعثه إلى اول المحرم عام الهجرة اثنى عشر عاما.

وخرج من مكة يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين وكانت وقعة بدر يوم الاثنين على قول وقبضه الله يوم الاثنين - صلى الله عليه وسلم - .وقيل وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من رمضان وهو القول العدل إن شاء الله تعالى.وقيل قدم المدينة يوم الاثنين الثامن من ربيع الاول سنة اربع وخمسين من عام الفيل يوم عشرين من ايلول.

وعليه أن من مبعثه إلى يوم دخوله المدينة ثلاثة عشرة كاملة واقام بالمدينة عشرة اعوام وقيل اقام بمكة عشرا.

وقيل لأمه حين حملت به: ((انك حملت بسيد هذه الأمة)) فاذا وضع إلى الأرض فقولي: ((اعيذه بالواحد من شر كل حاسد ثم سميه محمدا)).

ورأت حين حملت به انه خرج منها نور رأت به قصور بصرى من أرض الشام؛ فلما وضعته ارسلت إلى جده فدخل به الكعبة فدعا الله وتشكر له ما أعطاه ثم رده إلى أمه ثم دفعه جده إلى حليمة بنت عبد الله بن الحارث ترضعه، فردته في السنة الخامسة، ومات أبوه؛ وامه حامل به. وقيل ابن ثمانية وعشرين شهرا، وقيل سبعة اشهر، وقيل ابن شهرين، وقبره بالمدينة.

فكفله جده عبد المطلب، وماتت امه وهو ابن ستة أعوام، وقيل سبعة، وقيل ثمانية، وتوفي جده سنة تسع من عام الفيل، وقيل مات جده وهو ابن ثمان سنين، وقيل ثلاث سنين، فأوصى به إلى أبي طالب شقيق ابيه، فكان في حجره إلى خمس عشرة فاستقل بنفسه.

وخرج مع عمه سنة

Page 5