رسالة في جمل فتوح الإسلام

- 3 - جمل فتوح الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد أكثر العرب - وثبت أهل البحرتين ( 1 ) من أهل مكة والطائف ، وكثير ممن سكن اليمن - فبعض كفر وارتد ، وبعض قال أصلي ولا أؤدي الزكاة . فأذعن جمهور الصحابة إلى مسالمتهم ، وأبى ذلك أبو بكر :

فأنفذ بعث أسامة بن زيد ، فبلغ قرب الشام ، وأغار على قضاعة وانصرف . وبعث أبو بكر رضي الله عنه البعوث ، حتى قهر المرتدين ، وراجع الناس الإسلام . وكان قد تنبأ باليمن الأسود العنسي ، فقتله فيروز الفارسي . وتنبأ طليحة الأسدي في أسد وغطفان ، فحاربه خالد ، فهرب طليحة ثم أسلم . وتنبأت سجاح اليربوعية ، وتزوجها مسلمة الكذاب ، ثم أسلمت بعد قتل مسيلمة .

وأصحاب الفتوح من الخلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي بن أبي طالب في قتل الخوارج ، وكفى به فتحا ، ولقد لقي الناس ممن نحا ما نحوه من المخاوف والقتل والنهب ما لا يجهل ، وكيف هو فتح قد أنذره به ، رضي الله عنه ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعلم له أن منهم ذا الثدية ( 2 ) ، وقد وجده علي ؛ ثم معاوية ، ثم الوليد بن عبد الملك ، ثم سليمان بن عبد الملك ، ثم أبو جعفر المنصور ، ثم عبد الله المأمون ، وكانت للمعتصم

Page 125

فتوح غير مبتدأة . فأما أبو بكر رضي الله عنه فكانت فتوجه اليمامة ، وهي من أجل الفتوح ، لأنه كان بها مسيلمة ، لعنه الله تعالى ، يدعي النبوة . ثم دوخ أبو بكر جميع بلاد العرب ، فجعلها متملكة ينفذ فيها حكم الإسلام والولاية والعزل دون معترض ، ولم يبق بها إلا مسلم طائع منقاد ، أو ذمي مصغر كتابي . ثم فتح عمر وعثمان رضوان الله عليهما جميع الشام ومصر وإرمينية وأذربيجان والري وما دون النهر من خراسان . ثم فتح علي رضي الله عنه قتل الخوارج ، وهو كما تقدم من أجل الفتوح ، لأنهم كانوا لا يرون طاعة خليفة ، ولا يرونها في قرشي ، وكان ضررهم معلوما . ثم فتح معاوية رضي الله عنه إفريقية وجميع بلاد بلاد البربر إلى بلاد السودان - أسلم كل من ذكرنا ؛ وحاصر القسطنطنية . وفتح الوليد الأندلس كلها ، والسند كلها ، وما وراء النهر ، وغزا ملك الصين ، ثم فتح سليمان جرجان ، وحاصر القسطنطينية . ثم فتح المنصور طبرستان . ثم فتح المأمون صقلية وإقريطش . ثم غلب الكفر على آذربيجان وطبرستان ففتحهما المعتصم . اليمامة : وثب مسيلمة في بني حنيفة ، فبعث إليه أبو بكر رضي الله عنه خالد بن الوليد ، فقتل عدو الله ، وأسلم أهل اليمامة .

فتح الشام :

| فتح الشام :

ولما أتم الله تعالى على يدي خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الردة ، بعث أبا عبيدة عامر بن الجراح ، ومعاذ بن جبل ، وشرحبيل بن حسنة - وهو شرحبيل بن عبد الله بن عمرو بن المطاع الكندي - ويزيد بن أبي سفيان ، وأمراء إلى الشام . وقد قيل مكان معاذ بن جبل : عمرو بن العاصي . فافتتح شرحبيل بن حسنة الأردن صلحا ، ثم نقضوا ، ففتحها عمرو بن العاص ثانية ؛ وقيل : بل افتتحها شرحبيل بن حسنة ثانية . وافتتح دمشق خالد وأبو عبيدة ويزيد بن أبي سفيان . وبعث أبو عبيدة إلى حمص جموعا فصالحوهم .

Page 126

وافتتح فلسطين كلها عمرو بن العاصي ، حاشا بيت المقدس ، فإن عمر رضي الله عنه شخص إليها من المدينة فصالحوه . وافتتح أبو عبيدة قنسرين . وعمر بعد ذلك معاوية ثغور الشام . وكان فتح اليمامة بعد ولاية أبي بكر بسبعة أشهر وستة أيام . وكان فتح بصرى من أرض الشام بعد ولايته بعام وأربعة أشهر . وكان فتح دمشق بعد موت أبي بكر الصديق ، وبعد ولاية عمر ، بنحو أحد عشر شهرا . وذلك في سنة أربع عشرة من الهجرة . وكان فتح حمص بعد دمشق بأربعة أشهر ، من سنة أربع عشرة من الهجرة أيضا . وكان فتح بيت المقدس صلحا بعد فتح حمص بعامين ، وذلك في سنة ست عشرة من الهجرة . وكان فتح الأردن وفلسطين بعد فتح دمشق . وكان فتح قنسرين وفلسطين بعد فتح دمشق . وكان فتح قنسرين بعد فتح حمص . وكانت من خلال ذلك وقائع عظيمة ، منها في حياة أبي بكر : وقعة العربة ( 1 ) ثم وقعة الداثنة ( 2 ) ، وليست من كبار الوقائع ؛ ثم وقعة بصرى ، وأجنادين ، وقتل [ فيها ] أبان بن سعيد بن العاصي وهشام بن العاصي أخو عمرو بن العاصي ؛ وكان يوم أجنادين لليلتين بقيتا من جمادى الأولى ثلاث عشرة قبل موت أبي بكر ، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأربعة وعشرين يوما ؛ [ ثم وقعة مرج الصفر ( 3 ) ] وفيها قتل خالد بن سعيد بن العاصي . ثم وقعة فحل الأردن في خلافة عمر بعد خمسة أشهر ( 4 ) منها ، وذلك في آخر ذي القعدة سنة ثلاث عشرة ، وفيها قتل عمرو بن

Page 127

سعيد بن العاصي ؛ ثم يوم اليرموك في سنة خمس عشرة بعد خلافة عمر بسنة وتسعة أشهر ، وكان اندفاع المسلمين من المدينة في خلافة أبي بكر إلى الشام في أربعة وعشرين ألفا .

فتح الجزيرة :

| فتح الجزيرة :

افتتح أكثرها عياض بن غنم الفهري بفي خلافة ] ( 1 ) عمر [ بعد وفاة ] ( 2 ) أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما . استخلفه ( 3 ) أبو عبيدة بعد موته سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس ، ففتح الرها والرقة صلحا ثم فتح حران ثم سروج . وقدم صفوان بن المعطل إلى أول أعمال إرمينية ، وفتح أيضا آمد وسائر تلك البلاد أيام عمر رضي الله عنه .

فتح إرمينية :

| فتح إرمينية :

وجه عثمان رضي الله عنه في خلافته حبيب بن مسلمة الفهري من الشام إلى إرمينية ، ثم كتب إلى الكوفة أن ينهض سلمان بن ربيعة الباهلي ممدا لحبيب ، فافتتحا إرمينية .

فتح آذربيجان :

| فتح آذربيجان :

افتتحها حذيفة بن اليمان رضي الله عنه سنة تسع عشرة [ في خلافة عمر ] ( 4 ) رضي الله عنه صلحا . فتح مصر : افتتحها عمرو بن العاص عنوة سنة تسع عشرة في خلافة عمر رضي الله عنهما ، وانتهى مفتتحا إلى برقة وزويلة فصالحهما ( 5 ) وبلغ أطرابلس .

فتح إفريقية :

| فتح إفريقية :

أول من غزاها عبد الله بن سعد بن أبي سرح أيام عثمان فصالحهم ، ثم انصرف عنهم ، فلما كانت سنة خمسين من الهجرة ، بعث إليها معاوية عقبة بن نافع الفهري ، فاختط مدينة القيروان ، وسكن المسلمون إفريقية ، وافتتح أعمالها ، وأسلم البربر ، وكانوا نصارى ، وفشا الإسلام إلى أن اتصل ببلاد السودان وبالبحر المحيط ؛ وكان تمام ذلك أيام الوليد بن عبد الملك ، على يدي موسى بن نصير .

فتح الأندلس :

| فتح الأندلس :

ووقع فتحها في سنة اثنتين وتسعين من الهجرة ، دخلها طارق بن زياد ، قيل إنه من الصدف ، وقيل هو مولى موسى بن نصير ، ثم اتبعه موسى نصير ، ويذكر ولده أنهم من بكر بن وائل ، وغيرهم يقول إنه مولى .

Page 128

واستوعب فتح جميع الجزيرة منالبحر الشامي إلى ما يقابله من البحر المحيط عند المضيق ؛ ثم غلب النصارى بعد ذلك على نحو نصف الجزيرة .

فتح صقلية :

| فتح صقلية :

افتتحها أسد بن الفرات القاضي الحنفي ايام ابن الأغلب ، سنة اثنتي عشرة ومائتين .

فتح إقريطش :

| فتح إقريطش :

فتحها أبو حفص عمر بن عيسى ( 1 ) بن نصير من بربر فحص البلوط من قرية ناطرة لونجة منها ، تولد بها بنوه والمسلمون إلى أن غلب عليها الروم سنة خمسين وثلاثمائة ؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون .

فتح النوبة والبجة :

| فتح النوبة والبجة :

غزاهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح أيام عثمان وهم نصارى ، فصالحهم على رقيق يؤدونه ، وبنى على باب مدينة ملكهم مسجدا ، وشرط عليهم حفظه أبدا ، ثم أسلمت البجة كلهم ، وبقيت النوبة والحبشة خاصة دون سائر السودان منهم نصارى ، وهم الأكثر ؛ وما ارتفع عن بلادهم يعبدون الأصنام ويسمونها الدقرة ، الواحد دقور .

القسطنطنية :

| القسطنطنية :

حاصرها المسلمون مرتين : مرة في أيام معاوية وعلى الجيش يزيد ابنه ، وهنالك مات أبو أيوب الأنصاري صاحب رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبره هنالك محفوظ مشهور إلى اليوم ، ومرة ثانية في أيام سليمان بن عبد الملك ، وصاحب الجيش مسلمة بن عبد الملك ، فأشرف على فتحها لولا موت سليمان ، وإقفال عمر بن عبد العزيز إياه ، وبنى عليها مسجدا ، وشرط عليهم حفظه ، فهو محفوظ هنالك إلى اليوم .

فتح مدائن كسرى والعراق :

| فتح مدائن كسرى والعراق :

كانت وقعة القادسية التي أذل الله تعالى فيها الفرس سنة ست عشرة ، وقائد المسلمين سعد بن أبي وقاص أيام عمر رضي الله عنه ، ثم حاصر المدائن حتى فتحها ، وبنى عتبة بن غزوان البصرة سنة سبع عشرة . وكانت وقعة جلولاء سنة ثمان عشرة ، وفتح في خلال ذلك السواد وأعمال العراق .

فتح حلوان :

| فتح حلوان :

فتح جرير بن عبد الله البجلي حلوان إثر وقعة جلولاء .

Page 129