بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه أكتفي الْحَمد لله رب الْعَالمين حق حَمده وَلَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَحده وصلواته على مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا رِسَالَة أبي عبد الله مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن يحيى بن مَنْدَه بن الْوَلِيد فِي بَيَان فضل الْأَخْبَار وَشرح مَذَاهِب أهل الْآثَار وَحَقِيقَة السّنَن وَتَصْحِيح الرِّوَايَات قَالَ ابو عبد الله فباسم الله نبتديء وَبِه نستعين وإياه نسْأَل التَّوْفِيق والرشاد والعون وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم ﴿الْحَمد لله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض وَله الْحَمد فِي الْآخِرَة وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير﴾ سُورَة سبأ الْآيَة ١ ﴿الْحَمد لله الَّذِي أنزل على عَبده الْكتاب وَلم يَجْعَل لَهُ عوجا قيمًا لينذر بَأْسا شَدِيدا من لَدنه ويبشر الْمُؤمنِينَ الَّذين يعْملُونَ الصَّالِحَات أَن لَهُم أجرا حسنا ماكثين فِيهِ أبدا﴾ سُورَة الْكَهْف الْآيَات ١ ٣ وَالْحَمْد لله أفضل الْحَمد وَغَايَة الشُّكْر ومنتهاه حمدا ينفعنا بِهِ ويتمم بِهِ علينا نعماه أَحْمَده كَمَا يَنْبَغِي لكريم وَجهه وعظيم سُلْطَانه وَأَسْتَعِينهُ وأستهديه بهداه الَّذِي أنعم بِهِ على أنبيائه وَأهل طَاعَته وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله إِقْرَارا بربوبيته وَتَصْدِيقًا بوعده ووعيده وإيمانا بملائكته وَرُسُله

1 / 17

وأسأله أَن يُصَلِّي على مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله الْمُصْطَفى لوحيه الْمُنْتَخب لرسالته الْمفضل على خلقه المقرون اسْمه باسمه الْمَرْفُوع ذكره فِي خلقه بَعثه إِلَى جَمِيع خلقه سفيرا ومبلغا ومبينا ﴿وداعيا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجا منيرا﴾] سُورَة الْأَحْزَاب الْآيَة ٤٦ [أكمل صَلَاة وَأَشْرَفهَا وأعلاها وجزاه عَنَّا أفضل مَا جازى نَبيا عَن أمته فبه استنقذنا الله من الضَّلَالَة وهدانا من الْعَمى وأخرجنا من الظُّلُمَات إِلَى النُّور كَمَا قَالَ ﵎ فَكَانَ بِنَا رءوفا رحِيما كَمَا وَصفه الله تَعَالَى ﴿لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم حَرِيص عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوف رَحِيم﴾] سُورَة التَّوْبَة الْآيَة ١٢٨ [ جعله علما لدينِهِ بِمَا افْترض من طَاعَته وَحرم من مَعْصِيَته وَأَبَان من فضيلته بِمَا قرر من الْإِيمَان برسالته مَعَ الْأَيْمَان بِهِ فَقَالَ ﷿ ﴿فآمنوا بِاللَّه وَرَسُوله﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٥٨ [وَقَالَ ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله﴾] سُورَة الحجرات [ أنزل عَلَيْهِ الْكتاب الَّذِي ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من﴾

1 / 18

﴿خَلفه تَنْزِيل من حَكِيم حميد﴾] سُورَة فصلت الْآيَة ٤٢ [قَالَ الله ﷿ ﴿نزل بِهِ الرّوح الْأمين على قَلْبك لتَكون من الْمُنْذرين بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين﴾] سُورَة الشُّعَرَاء الْآيَة ١٩٣ [ دَعَا فِيهِ إِلَى الْإِيمَان بِهِ دون غَيره وَأحكم فِيهِ فَرَائِضه وَفصل بالحكمة شرائعه الَّتِي تعبد بهَا خلقه وَأمرهمْ بالفرائض حتما وزجرهم عَن مَحَارمه عزما وأعلمهم مَا لَهُم فِي طَاعَته من الثَّوَاب لِيَرْغَبُوا وَمَا عَلَيْهِم فِي مَعْصِيَته من الْعقَاب ليرهبوا ثمَّ رغب فِي التَّقَرُّب إِلَيْهِ بالنوافل فضلا مِنْهُ وتعطفا قَالَ الله جلّ أُسَمِّهِ ﴿مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء﴾] سُورَة الْأَنْعَام الْآيَة ٣٨ [ وَقَالَ ﴿ونزلنا عَلَيْك الْكتاب تبيانا لكل شَيْء وَهدى وَرَحْمَة وبشرى للْمُسلمين﴾] سُورَة النَّحْل الْآيَة ٨٩ [ فَجعل الْمُبين عَنهُ نبيه وَصفيه وأمينه على وحيه وَخيرته من خلقه فَقَالَ تبَارك أُسَمِّهِ ﴿وأنزلنا إِلَيْك الذّكر لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم ولعلهم يتفكرون﴾] سُورَة النَّحْل الْآيَة ٤٤ [ وَقَالَ ﴿وَمَا أنزلنَا عَلَيْك الْكتاب إِلَّا لتبين لَهُم الَّذِي اخْتلفُوا فِيهِ وَهدى وَرَحْمَة لقوم يُؤمنُونَ﴾] سُورَة النَّحْل الْآيَة ٦٤ [ وَقَالَ ﴿الر كتاب أَنزَلْنَاهُ إِلَيْك لتخرج النَّاس من الظُّلُمَات إِلَى النُّور بِإِذن رَبهم إِلَى صِرَاط الْعَزِيز الحميد﴾] سُورَة إِبْرَاهِيم الْآيَة ١ [ وَقَالَ ﴿وَإنَّك لتهدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم﴾] سُورَة الشورى الْآيَة ٥٢ [صِرَاط الله فَبلغ ﷺ الْمُحكم وَفسّر الْمُجْمل وأوضح المشتبه وحذر عَن

1 / 19

الْمُتَشَابه فَأمر الله بالبلاغ عَنهُ فَقَالَ ﴿يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾] سُورَة الْمَائِدَة الْآيَة ٦٧ [فَدَعَاهُ إِلَى عبَادَة ربه جلّ وَعز وتوحيده وتبليغ مَا أرسل بِهِ من محكمه قَالَ الله جلّ وَعز ﴿لتبين لَهُم الَّذِي اخْتلفُوا فِيهِ﴾] سُورَة النَّحْل الْآيَة ٦٤ [ وَقَالَ جلّ وَعز ﴿لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم﴾] سُورَة النَّحْل الْآيَة ٤٤ [ يَعْنِي من مبهمه وَبَيَان مجمله وَقَالَ ﴿لتبين﴾ أَي الَّذِي اخْتلفُوا فِيهِ وافترض الله على الْعباد طَاعَته فقرنها إِلَى طَاعَته فَقَالَ ﴿أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول﴾] سُورَة مُحَمَّد الْآيَة ٣٣ [ وَقَالَ ﴿من يطع الرَّسُول فقد أطَاع الله﴾] سُورَة النِّسَاء الْآيَة ٨٠ [ وَقَالَ ﴿وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى﴾] سُورَة النَّجْم الْآيَتَانِ ٣ ٤ [ وَقَالَ ﴿قل مَا يكون لي أَن أبدله من تِلْقَاء نَفسِي إِن أتبع إِلَّا مَا يُوحى إِلَيّ﴾] سُورَة يُونُس الْآيَة ١٥ [ وأمرنا جلّ وَعز بِقبُول مَا جَاءَ بِهِ نَبينَا ﷺ فَقَالَ // ﴿يَا أَيهَا النَّاس قد جَاءَكُم الرَّسُول بِالْحَقِّ من ربكُم فآمنوا خيرا لكم﴾] سُورَة النِّسَاء الْآيَة ١٧٠ [

1 / 20

وَقَالَ ﴿وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا﴾] سُورَة الْحَشْر الْآيَة ٧ [ فَأوجب على الْعباد اتِّبَاع وحيه وَسنَن رَسُوله ﷺ فقرنها إِلَى كِتَابه فَقَالَ جلّ وَعز // ﴿وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم يَتْلُو عَلَيْهِم آياتك وَيُعلمهُم الْكتاب وَالْحكمَة ويزكيهم إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم﴾] الْبَقَرَة ١٢٩ [ وَقَالَ جلّ وَعز ﴿لقد من الله على الْمُؤمنِينَ إِذْ بعث فيهم رَسُولا من أنفسهم يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاته ويزكيهم وَيُعلمهُم الْكتاب وَالْحكمَة وَإِن كَانُوا من قبل لفي ضلال مُبين﴾] آل عمرَان ١٦٤ [ وَقَالَ جلّ وتقدس ﴿كَمَا أرسلنَا فِيكُم رَسُولا مِنْكُم يَتْلُو عَلَيْكُم آيَاتنَا ويزكيكم ويعلمكم الْكتاب وَالْحكمَة ويعلمكم مَا لم تَكُونُوا تعلمُونَ﴾] الْبَقَرَة ١٥١ [وَقَالَ ﴿واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم وَمَا أنزل عَلَيْكُم من الْكتاب وَالْحكمَة يعظكم بِهِ﴾] الْبَقَرَة ٢٣١ [ وَقَالَ ﴿وَأنزل الله عَلَيْك الْكتاب وَالْحكمَة وعلمك مَا لم تكن تعلم وَكَانَ فضل الله عَلَيْك عَظِيما﴾] النِّسَاء ١١٣ [ وَقَالَ تَعَالَى ﴿واذكرن مَا يُتْلَى فِي بيوتكن من آيَات الله وَالْحكمَة﴾] الْأَحْزَاب ٣٤ [ فَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه وأزواجه وَسلم للمحكم مبلغا وللتأويل مُبينًا وللمجمل مُفَسرًا فَلم يبْق من دين الله شَيْء يخرج عَن جملَة كِتَابه وَلَا سنة نبيه ﷺ // وَأمرهمْ بعد ذَلِك بِالرُّجُوعِ فِيمَا اخْتلفُوا فِيهِ إِلَى كتاب الله وَسنة نبيه ﷺ فَقَالَ

1 / 21