الْفَصْل الأول المعاجم الْعَرَبيَّة لفظ مُعْجم لُغَة وَاصْطِلَاحا إِن الهدف الأساسي من المعجم إِزَالَة الغموض عَن الْأَلْفَاظ وكشف الْإِبْهَام عَن الْكَلِمَات ومادة ع ج م فِي اللُّغَة للدلالة على الْإِبْهَام عَن الْكَلِمَات ومادة ع ج م فِي اللُّغَة للدلالة على الابهام والإخفاء وَعدم الْبَيَان والإفصاح والأعجم الَّذِي لَا يفصح والأعجم أَيْضا كل كَلَام لَيْسَ بعربي واستعجمت الدَّار عَن جَوَاب السَّائِل سكتت وَصَلَاة النَّهَار عجماء لِأَنَّهُ لَا يجْهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ وَقد عجم الْعود إِذا عضه ليعلم صلابته من خوره وَإِذا مَا زيدت الْهمزَة فَقيل أعجم دلّ ذَلِك على إِزَالَة الْإِبْهَام والخفاء قَالَ ابْن جنى ... . ثمَّ انهم قَالُوا أعجمت الْكتاب إِذا بَينته وأوضحته فَهُوَ إِذا لسلب معنى الاستبهام لَا إثْبَاته وَأما صِيغَة فعل بالتضعيف فَإِنَّهَا تَأتي لتدل على عكس ذَلِك فتعجيم الْكتاب تنقيطه كي تستبين عجمته وَيصِح وَفِي الصِّحَاح

1 / 7

مَادَّة ع ج م المعجم النقط بِالسَّوَادِ مثل التَّاء عَلَيْهِ نقطتان يُقَال اعجمت الْحَرْف والتعجيم مثله وَمِنْه حُرُوف المعجم وَهِي الْحُرُوف الْمُقطعَة الَّتِي يخْتَص أَكْثَرهَا بالنقط من بَين سَائِر حُرُوف الِاسْم وَمَعْنَاهُ حُرُوف الْخط المعجم كَمَا تَقول مَسْجِد الْجَامِع وَصَلَاة الأولى أَي مَسْجِد الْيَوْم الْجَامِع وَصَلَاة السَّاعَة الأولى وناس يجْعَلُونَ المعجم بِمَعْنى الاعجام مصدرا مثل الْمخْرج والمدخل أَي من شَأْن هَذِه الْحُرُوف أَن تعجم ولإزالة هَذَا اللّبْس فِي تصريف مَادَّة ع ج م فِي كَلَامهم يشْرَح ابْن جنى فكرة السَّلب هَذِه ويمثل لَهَا فَيَقُول اعجمت وَزنه أفعلت وأفعلت هَذِه وَإِن كَانَت فِي غَالب أمرهَا إِنَّمَا تَأتي للإثبات والإيجاب نَحْو أكرمت زيدا أَي أوجبت لَهُ الْكَرَامَة فقد تَأتي أفعلت أَيْضا يُرَاد بهَا السَّلب وَالنَّفْي وَذَلِكَ نَحْو اشكيت زيدا إِذا زلت لَهُ عَمَّا يشكوه فَكَذَلِك أَيْضا يكون قَوْلنَا اعجمت الْكتاب أَي أزلت عَنهُ استعجامه وَنَظِيره أَيْضا اشكلت الْكتاب أَي أزلت اشكاله وَقد قَالُوا أَيْضا عجمت الْكتاب فَجَاءَت فعلت للسلب أَيْضا وَمن معنى السَّلب هَذَا أطلقت لَفْظَة مُعْجم على الْكتاب الَّذِي يُرَاعى فِي تَرْتِيب الْحُرُوف فَكَانَ هَذَا الْكتاب يزِيل إِبْهَام هَذِه الْمَادَّة الْمرتبَة على حُرُوف المعجم ويبينها ويوضحها بِمَا يجمعه من مواد لغوية وَغير لغوية منسقا لَهَا ومرتبا أياها على حُرُوف المعجم

1 / 8

وَإِذا نرى أَن الْكتب الَّتِي راعت فِي ترتيبها حُرُوف الهجاء أَي مُرَاعَاة فِي الْحَرْف الأول وَحده اَوْ فِي الحرفين الْأَوَّلين اَوْ فِي حروفها جَمِيعًا وعَلى تَرْتِيب الْفَاء بَاء أَو تَرْتِيب المخارج أَو تَرْتِيب الابجدية بِأَنَّهَا تسير على حُرُوف المعجم فأطلقت أول مرّة على سَبِيل الْإِشَارَة فِي عنوان الْكتاب إِلَى مادته مرتبَة على الْحُرُوف فقد نسب ابْن النديم لبزج بن مُحَمَّد الْعَرُوضِي كتاب مَعَاني الْعرُوض على حُرُوف المعجم وَنسب ياقوت لحبيش بن مُوسَى الضَّبِّيّ كتاب الأغاني على حرف المعجم وكلا الْكِتَابَيْنِ من كتب الْقرن الثَّالِث ويبدو أَن النَّاس اكتفوا بِكَلِمَة الْحُرُوف بِحَذْف كلمة المعجم للدلالة على حُرُوف المعجم هَذَا مَا نجده مثلا فِي كتاب صناعَة الْغناء وأخبار المغنين وَذكر الْأَصْوَات الَّتِي غنى فِيهَا على الْحُرُوف لقريض المغنى مَتى أطلق لفظ المعجم لَا تَسْتَطِيع الْجَزْم مَتى أطلق المعجم على هَذَا الِاسْتِعْمَال ذَلِك أَمر لَا يُسْتَطَاع لضياع كثير من كتبنَا وآثارنا وَأول مَا عرف كَانَ فِي الْقرن الثَّالِث على يَد رجال الحَدِيث الَّذين سبقوا اللغويين فِي اسْتِخْدَام المعجم وَأول كتاب أطلق عَلَيْهِ اسْم المعجم هُوَ مُعْجم الصَّحَابَة لأبي يعلى أَحْمد بن الْمثنى بن يحيى بن عِيسَى بن هِلَال التَّمِيمِي الْموصِلِي الْحَافِظ مُحدث الجزيرة ت ٢٠٧ هـ والمعجم

1 / 9

الْكَبِير والمعجم الصَّغِير فِي أَسمَاء الصَّحَابَة لأبي الْقَاسِم عبد الله ابْن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ الْمُحدث الْمَعْرُوف بِابْن منيع ت ٣١٥ هـ ثمَّ أطلقت فِي الْقرن الرَّابِع على كثير من الْكتب وأشهرها المعجم الْكَبِير وَالصَّغِير والأوسط فِي قراءات الْقُرْآن وأسمائه لأبي بكر مُحَمَّد بن الْحسن النقاش الْموصِلِي ت ٣٥١ هـ ومعجم الشُّيُوخ لأبي الْحُسَيْن عبد الْبَاقِي بن قَانِع بن مَرْزُوق الْبَغْدَادِيّ ت ٣٥١ هـ والمعجم الْكَبِير والأوسط وَالصَّغِير لأبي الْقَاسِم سُلَيْمَان بن أَحْمد الطَّبَرَانِيّ ٣٦٠ هـ ومعجم الشُّيُوخ لعمر بن عُثْمَان الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن شاهين ت ٣٨٥ هـ ومعجم الصَّحَابَة لِأَحْمَد بن عَليّ المهداني الْمَعْرُوف بِابْن لال ت ٣٩٨ هـ وعنهم أَخذه اللغويون الْأُمَم الَّتِي سبقت الْعَرَب فِي تأليف المعجم لم يكن الْعَرَب أول من ابتكر تأليف المعجم بل سبقهمْ إِلَى ذَلِك الآشوريون والصينيون واليونان والهنود فقد وضع الآشوريون معجماتهم خوفًا على لغتهم من الضّيَاع فِي حِين تركُوا نظام الْكِتَابَة الرمزية الْقَدِيمَة مستعينين بذلك بنظام الإشارات المقطعية أَو الألفبائية ذَات الْقيم الصوتية وَبعد مُضِيّ زمن أبهم عَلَيْهِم معرفَة النظام الْجَدِيد فلجأوا إِلَى قَوَائِم عرفوها بطريقتهم الْقَدِيمَة وساعدهم على ذَلِك أَن لغتهم السومرية الْقَدِيمَة لم تكن قد انمحت بعد حَيْثُ أَن الكهنة كَانُوا يستعملونها فِي شعائرهم الدِّينِيَّة وعكفوا على جمعهَا فِي قَوَائِم محفورة على قوالت الطين وأودعوها مكتبة آشور بانيبال الْكَبِيرَة الَّتِي كَانَت بقصر قويو نجيل فِي نِينَوَى

1 / 10

٦٦٨ - ٦٢٥ قبل الميلاد ثمَّ اكتشفت هَذِه القوائم فِي أَعمال التنقيب العلمية فَصَارَت مصدرا مهما لتاريخ الآشوريين ٢ - وَعرف الصينيون المعجمات وأقدم مَا وضع مِنْهَا مُعْجم يوبيان لمؤلفه كويلي وانج وَقد طبع سنة ٥٣٠ بعد الميلاد ومعجم آخر اسْمه شوثان لمؤلفه هوشن وَقد طبع سنة ١٥٠ قبل الميلاد وَهَذَانِ المعجمان هما أساس معجمات الصين واليابان الْمُعْتَبرَة ٣ - وَعرف اليونانيون المعاجم قبل الْعَرَب أَيْضا وعكفوا على وَضعهَا بِكَثْرَة حَيْثُ ذكر اتنيوس خَمْسَة وَثَلَاثِينَ كتابا زَعَمُوا أَنَّهَا قد تكون معجمات وجميعها مفقودة بيد أَن الثَّابِت أَنهم عرفُوا المعجمات الَّتِي يخْتَص اغلبها بمفردات كتاب معِين أَو مَقْصُورَة على مؤلف أَو مَوْضُوع معِين وأقدم المعجمات اليونانية الْقَدِيمَة مُعْجم يوليوس بولكس وَهُوَ كالمخصص لِابْنِ سَيّده مُرَتّب على الْمعَانِي والموضوعات ومعجم هلاديوس السكندري وَكَانَ فِي الْقرن الرَّابِع الميلادي وَوضع اريون الطَّيِّبِيّ حوالي ٤٥٠ بعد الميلاد مُعْجَمه الاشتقاقي وَقد طبع فِي ليبزج سنة ١٨٢٠ م وهز يشيوس السكندري الْقرن الرَّابِع الميلادي مُعْجم اللهجات والمحليات وامونيوس السكندري مُعْجم مَا اتّفق لَفظه وَاخْتلف مَعْنَاهُ وفاليريوس فيلكس عهد السَّيِّد الْمَسِيح

1 / 11