* بسم الله الرحمن الرحيم

| * بسم الله الرحمن الرحيم

|| * بسم الله الرحمن الرحيم

* وصلواته على نبيه

| * وصلواته على نبيه

|| * وصلواته على نبيه

** 1 مسألة :

| ** 1 مسألة :

|| ** 1 مسألة :

||| ** 1 مسألة :

اعلم أن كل فعل لا تعلم صحته ولا وجه دلالته إلا بعد أن يعرف حال فاعله ، « ولا يمكن (1) أن يستدل به على إثبات فاعله ولا على صفاته ، وإنما يمكن أن يستدل به على ما سوى ذلك من الأحكام ، لأنه إن دل على حال فاعله ، ولا يعلم صحته إلا وقد علم فاعله ؛ أدى ذلك إلى أنه لا يدل عليه إلا بعد المعرفة به ، ومتى علم الشيء استغنى عن الدلالة عليه!

ويبطل ذلك من وجه آخر : وهو أنه يؤدى إلى أن لا تعلم صحة القرآن إلا بعد معرفة الله تعالى ، ولا يعرف تعالى إلا بعد معرفة القرآن ، وذلك يوجب أن يدل كل واحد منهما على ما عليه ، وأن يكون دليلا على نفسه!

فإن قال : ومن أين أن صحة القرآن لا تعلم إلا بعد معرفة الله؟

قيل له : لأن الخبر لا يعلم بصيغته أنه صدق أو كذب « حتى إذا علم حال المخبر صح أن نعلم ذلك (2)» وقد علمنا أن ما أخبر جل وعز عنه فى القرآن لم يتقدم لنا العلم بحال مخبره ، فيجب أن لا يعلم أنه صدق إلا بعد العلم بحال المخبر وأنه حكيم. والقول فى الأمر والنهى كالقول فى الخبر.

فان قال : ومن أين أن وجه دلالته لا تعلم إلا بعد معرفة الله تعالى؟

Page 1

قيل له : لأنه إنما يدل بأن يصدر من حكيم لا يجوز أن يختار الكذب والأمر بالقبيح ، ومتى لم يكن فاعله بهذه الصفة لم يعلم وجه دلالته ، فيجب أن يعلم أولا أنه عز وجل حكيم لا يختار القبيح ، حتى يصح أن يستدل بالقرآن على ما يدل عليه ، وذلك يمنع من أن يستدل به على إثباته تعالى وإثبات حكمته.

وبعد ، فليس يخلو من خالف فى ذلك من أن يقول : أخبار القرآن تدل ، مع التوقف فى لونها من قبيل الصدق ، أو يقول : إنها لا تدل إلا وقد علم أنها صدق.

ولا شبهة فى فساد الأول ، لأن كل خبر كونه كذبا غير دال على حال مخبره ، وإذا صح ذلك فلا بد من أن يعلم [ كونه ] صدقا ، ولا يخلق العلم بذلك دون (1) أن يرجع فيه إلى نفس الخبر ، أو إلى خبر سواه ، او إلى دليل العقل.

ولا يصح أن يعلم أن الخبر صدق بنفسه ، لأنه إنما يدل على حال غيره لا على حال نفسه.

وإن علم أنه صدق بخبر آخر لم يخل من أن يكون واردا عن الله عز وجل أو عن غيره ، ولا يجوز أن يرجع إلى خبر غيره. وخبره عز وجل إذا رجع إليه ولما علم حاله فى الحكمة فكأنه استدل على أنه صادق فى سائر أخباره ، ومتى جوز فى سائر أخباره الكذب يجوز فى هذا الخبر مثله ، فلا يصح النقد به. ولذلك قلنا : إن المجبرة إذ (2) جوزت عليه عز وجل أن يفعل القبيح لا يمكنها المعرفة بصدقه عز وجل ، لا من جهة العقل ، ولا من جهة السمع!

Page 2

وكل ذلك يوجب أن يرجع فى دلالة القرآن إلى أن يعرف تعالى بدليل العقل وأنه حكيم لا يختار فعل القبيح ، ليصح (1) الاستدلال بالقرآن على ما يدل عليه (2).

فإن قال : إن صح أن يستدل عليه تعالى بسائر أفعاله قبل أن يعرف ، فهلا جاز أن يستدل بالقرآن عليه قبل أن يعرف (3)؟!

قيل له : قد بينا أن الكلام لا يدل على ما يدل عليه لأمر يرجع اليه ، وإنما يدل لكون فاعله حكيما ، ولذلك لم يدل كلام النبى صلى الله عليه وسلم على الأحكام إلا بعد العلم بأنه رسول حكيم لم يظهر المعجز عليه إلا لكونه صادقا فى سائر ما يؤديه ، وليس كذلك دلالة الفعل (4) على أن فاعله قادر ، ولأنه إنما يدل « لأمر يرجع (5) إليه لا يتعلق باختيار مختار. وهو أن الفعل إذا صح

Page 3

من واحد وتعذر على من هو بمثل حاله فلا بد من أن يختص بأمر له صح الفعل منه ، وهذه الجملة لا تتعلق بالاختيار ، فلذلك يصح أن يستدل بالحوادث التى لا يجوز أن تحدث من الأجسام على الله تعالى وعلى أنه قادر عالم ، وليس كذلك حال القرآن.

يبين أيضا ما ذكرناه أنه لا شبهة فى أن فعل النبى صلى الله عليه وسلم قبل ظهور المعجز يدل على أنه قادر عالم ، ولم يجب أن يدل كلامه على الأحكام على هذا الحد بل احتيج إلى ظهور المعجز ومعرفة حال المرسل وحكمته ، وكذلك القول فيما قدمناه.

فإن قال : إن كان الأمر كما ذكرتم فيجب أن تكون الأخبار الواردة فى القرآن ، الدالة على الله عز وجل وعلى حكمته ، عبثا لا فائدة فيها ؛ لأن الاستدلال بها لا يمكن ، ويجب أن يعرف عز وجل بتوحيده وعدله أولا ، ثم يعلم صحتها!

قيل له : إنه عز وجل إنما خاطب بذلك ليبعث السائل على النظر والاستدلال ؛ بما ركب فى العقول من الأدلة. أو لأنه علم أن المكلف عند سماعه والفكر فيه يكون أقرب إلى الاستدلال عليه ، منه لو لم يسمع ذلك ، فهذه الفائدة تخرج الخطاب من حد العبث.

يبين ذلك أن الداعى منا إلى الله عز وجل متى قصد إلى جاهل به فدعاه وعرفه طريقة معرفته ومعرفة توحيده وعدله ، لا يجوز أن يعد عابثا فى دعائه ، وان لم يصح من المدعو أن يعرفه جل وعز بنفس دعائه دون أن ينظر ويتدبر ، فكذلك القول فى كلامه عز وجل ، سيما ومن اعتقد فى القرآن ، قبل أن يعرف الله ، أنه كلامه عز وجل على جهة التقليد ، وأنه تعالى لا يجوز أن يكذب ، كان

Page 4

ذلك أدعى له إلى النظر ، من خطاب الداعى الذى لا يعتقد تعظيم حاله ، ولهذه الجملة عول الأنبياء عليهم السلام ، عند مسألة قومهم لهم عن الله عز وجل ، على ذكر أفعاله تعالى من خلق السموات والأرضين وغير ذلك.

فإن قيل : فيجب أن لا يعلم بالقرآن الحلال والحرام إلا على هذا الوجه!

قيل له : كذلك نقول ؛ لأنه ما لم يعلم أن المخاطب بالقرآن حكيم لا يجوز أن يكذب فى أخباره أو يعمى أو يأمر بالقبيح أو ينهى عن الحسن ، لم يصح أن يعرف به الحلال والحرام ، لكن الأحكام يمكن أن تعلم بالقرآن من غير مقدمة ، إذا كانت المعرفة بالله عز وجل قد تقدمت ، ولا يصح أن يعلم بقوله : ( @QUR@03 ليس كمثله شيء ) (1)، من غير تقدم العلم بأنه تعالى ليس بجسم ، أنه تعالى لا يشبه الأشياء ، لما قدمنا من أنه لا يصح أن يعرف الفاعل وحكمته بالفعل الذى يصدر عنه ، إذا كان العلم بصحته ووجه دلالته لا بد من أن يرجع فيه إلى حال الفاعل.

وعلى هذا الوجه قلنا : إن المعجزات لما كانت بمنزله الأخبار فى أنها لا يمكن أن يعلم أنها صحيحة إلا بعد العلم بحال الفاعل وحكمته ؛ لم يمكن أن يستدل بها على النبوات من أجاز (2) على الله عز وجل فعل القبيح ، وقلنا يجب أن لا نأمن أنه تعالى أظهرها على [ من ] يدعو الى الضلال والفساد ، ويصد عن الهدى والرشاد!

** 2 مسألة :

| ** 2 مسألة :

|| ** 2 مسألة :

||| ** 2 مسألة :

يدل عليه أو لا مزية له؟

فإن قلتم : إنهما سواء فذلك خلاف الإجماع ؛ لأن الأمة تقول إن المحكم أصل للمتشابه وإن له من الحظ ما ليس للمتشابه ، وكتاب الله عز وجل قد نطق

Page 5