قال الشيخ الإمام العالم العلامة عبدالباري العشماوي الرفاعي رحمه الله تعالى:

سألني بعض الأصدقاء أن أعمل مقدمة في الفقه على مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه، فأجبته إلى ذلك راجيا للثواب.

باب نواقض الوضوء

اعلم وفقك الله تعالى أن نواقض الوضوء على قسمين:

أحداث، وأسباب أحداث. فأما الأحداث فخمسة: ثلاثة من القبل وهي: المذي، والودي، والبول. واثنان من الدبر وهما: الغائط، والريح.

وأما أسباب الأحداث: فالنوم، وهو على أربعة أقسام: طويل ثقيل ينقض الوضوء، قصير ثقيل ينقض الوضوء، قصير خفيف لا ينقض الوضوء، طويل خفيف يستحب منه الوضوء.

ومن الأسباب التي تنقض الوضوء: زوال العقل بالجنون والإغماء والسكر.

وينتقض الوضوء بالردة، وبالشك في الحدث، وبمس الذكر المتصل بباطن الكف، أو بباطن الأصابع، أو بجنبيهما، ولو بأصبع زائد إن حس، وباللمس، وهو على أربعة أقسام: إن قصد اللذة ووجدها، فعليه الوضوء، وإن وجدها ولم يقصدها، فعليه الوضوء، وإن قصدها ولم يجدها، فعليه الوضوء، وإن

Page 2

لم يقصد اللذة ولم يجدها، فلا وضوء عليه.

ولا ينتقض الوضوء بمس دبر ولا أنثيين، ولا بمس فرج صغيرة، ولا قيء، ولا بأكل لحم جزور، ولا حجامة، ولا فصد، ولا بقهقهة في صلاة، ولا بمس امرأة فرجها، وقيل: إن ألطفت فعليها الوضوء، والله أعلم.

باب أقسام المياه التي يجوز منها الوضوء

اعلم - وفقك الله تعالى - أن الماء على قسمين: مخلوط وغير مخلوط. فأما غير المخلوط فهو طهور، وهو الماء المطلق، يجوز منه الوضوء، سواء نزل من السماء، أو نبع من الأرض.

وأما المخلوط إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة: لونه، أو طعمه، أو ريحه، بشيء فهو على قسمين، تارة يختلط بنجس فيتغير به، فالماء نجس لا يصح منه الوضوء، وإن لم يتغير به، فإن كان الماء قليلا والنجاسة قليلة كره الوضوء منه على المشهور،

وتارة يختلط بطاهر فيتغير به، فإن كان الطاهر مما يمكن الاحتراز منه كالماء المخلوط بالزعفران والورد والعجين وما أشبه ذلك فهذا الماء طاهر في نفسه غير مطهر لغيره، فيستعمل في العادات، من طبخ وعجن وشرب ونحو ذلك، ولا يستعمل في العبادات، لا في وضوء ولا في غيره،

وإن كان مما لا يمكن الاحتراز منه، كالماء المتغير بالسبخة أو الحمأة، أو الجاري على معدن زرنيخ أو كبريت أو نحو ذلك، فهذا كله طهور يصح منه الوضوء. والله أعلم.

Page 3

باب فرائض الوضوء

فأما فرائض الوضوء فسبعة: النية عند غسل الوجه، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح جميع الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين، والفور، والتدليك. فهذه سبعة.

لكن يجب عليك في غسل وجهك أن تخلل شعر لحيتك إن كان شعر اللحية خفيفا تظهر البشرة تحته، وإن كان كثيفا فلا يجب عليك تخليلها، وكذلك يجب عليك في غسل يديك أن تخلل أصابعك على المشهور.

وأما سنن الوضوء فثمانية: غسل اليدين أولا إلى الكوعين، والمضمضة، والاستنشاق، والاستنثار، وهو جذب الماء من الأنف، ورد مسح الرأس، ومسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما، وتجديد الماء لهما، وترتيب فرائضه.

وأما فضائله فسبعة: التسمية، والموضع الطاهر، وقلة الماء بلا حد، ووضع الإناء على اليمين إن كان مفتوحا، والغسلة الثانية والثالثة إذا أوعب بالأولى، والبدء بمقدم الرأس، والسواك. والله أعلم.

باب فرائض الغسل وسننه وفضائله

فأما فرائضه فخمسة: النية، وتعميم الجسد بالماء، ودلك جميع الجسد، والفور، وتخليل الشعر.

وأما سننه فأربعة: غسل يديه أولا إلى كوعيه، والمضمضة، والاستنشاق، ومسح صماخ الأذنين.

وأما فضائله فستة: البدء بإزالة الأذى عن جسده، ثم إكمال أعضاء وضوئه، وغسل

Page 4

الأعالي قبل الأسافل، وتثليث الرأس بالغسل، والبدء بالميامن قبل المياسر، وقلة الماء مع إحكام الغسل. والله أعلم.

باب التيمم

وللتيمم فرائض وسنن وفضائل، فأما فرائضه فأربعة: النية، وهي أن ينوي استباحة الصلاة؛ لأن التيمم لا يرفع الحدث على المشهور، وتعميم وجهه ويديه إلى كوعيه، والضربة الأولى، والصعيد الطاهر، وهو كل ما صعد على وجه الأرض من تراب أو رمل أو حجارة أو سبخة أو نحو ذلك.

وأما سننه فثلاثة: ترتيب المسح، والمسح من الكوع إلى المرفق، وتجديد الضربة لليدين.

وأما فضائله فثلاثة أيضا: التسمية، والبدء بمسح ظاهر اليمنى باليسرى إلى المرفق ، ثم بالباطن إلى آخر الأصابع، ومسح اليسرى مثل ذلك. والله أعلم.

باب شروط الصلاة

وللصلاة شروط وجوب، وشروط صحة،

فأما شروط وجوبها فخمسة: الإسلام، والبلوغ، والعقل، ودخول الوقت، وبلوغ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما شروط صحتها فستة: طهارة الحدث، وطهارة الخبث، واستقبال القبلة، وستر العورة، وترك الكلام، وترك الأفعال الكثيرة. والله أعلم.

باب فرائض الصلاة وسننها وفضائلها ومكروهاتها

فأما فرائض الصلاة فثلاثة عشر: النية، وتكبيرة الإحرام، والقيام

Page 5

لها، وقراءة الفاتحة، والقيام لها، والركوع، والرفع منه، والسجود، والرفع منه، والجلوس من الجلسة الأخيرة بقدر السلام، والسلام المعرف بالألف واللام، والطمأنينة، والاعتدال.

وأما سنن الصلاة فاثنا عشر: السورة بعد الفاتحة في الركعة الأولى والثانية، والقيام لها، والسر فيما يسر فيه والجهر فيما يجهر فيه، وكل تكبيرة سنة إلا تكبيرة الإحرام فإنها فرض - كما تقدم -

وسمع الله لمن حمده للإمام والمنفرد، والجلوس الأول، والزائد على قدر السلام من الجلوس الثاني، ورد المقتدي على إمامه السلام، وكذلك رده على من على يساره إن كان على يساره أحد، والسترة للإمام والفذ إن خشيا أن يمر أحد بين يديهما.

وأما فضائل الصلاة فعشرة: رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، وتطويل قراءة الصبح والظهر وتقصير قراءة العصر والمغرب وتوسط العشاء، وقول: (ربنا ولك الحمد) للمقتدي والفذ، والتسبيح في الركوع والسجود، وتأمين الفذ والمأموم مطلقا، وتأمين الإمام في السر فقط.

والقنوت هو:

اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخاف عذابك، إن عذابك الجد بالكافرين ملحق.

والقنوت لا يكون إلا في الصبح خاصة، ويكون

Page 6