المسائل البصريات لأبي علي الفارسي ت: ٣٧٧ هـ تحقيق ودراسة الدكتور/ محمد الشاطر أحمد محمد أحمد

Unknown page

بسم الله الرحمن الرحيم المسائل البصريات أملاها أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار في جامع البصرة مسألة ١: قال أبو عثمان كان الأخفش لا يجيز "زيد ضربته وعمرًا كلمته"، ويحتج بأن "ضربته" جملة لها موضع، وقوله: "وعمرا كلمته" جملة لا موضع لها. والعطف في قولك: "لقيتُ زيدًا وعمرًا كلمتهُ" إنما اختير فيه

1 / 211

النصب؛ لأن الأحسن أن يعطف الشيء على الشيء الذي هو مثله، وهذه الجملة مخالفة لما قبلها.

1 / 212

قال محمد بن يزيد: وهذا قول أبي إسحاق الزيادي قال وهو عندي القياس. [قال أبو علي - الفارسي- أيده الله] اعلم أن هذه الجملة وإن كان لها موضع من الإعراب فإن ذلك الإعراب لما لم يخرج إلى اللفظ في الجملة نفسها صارت لذلك بمنزلة ما لا موضع لها، وإذا صارت كذلك لم يمتنع أن يعطف عليها ما لا موضع له من الجمل. ويدلك على أنه لما لم يظهر هذا الإعراب في لفظها صار بمنزلة ما لا إعراب لموضعه ولا حكم له أن اسم الفاعل لما كان الضمير الذي يحتمله لا يظهر في اللفظ صار لا حكم له، فصار بمنزلة ما لا ضمير فيه. ألا ترى أنه مُنصرفٌ أو لا ترى أنه يثنى ويجمع تثنية الأسماء التي لا تحمل ضميرًا وجمعها. ولو كان لذلك حكم لم يثن كما لم تثن الجمل ولم تجمع.

1 / 213

ولو كان له حكم لصار "ضاربانِ" جملة مثل "يضربان" ولو كانت كذلك لوصلت بها [الأسماء] الموصولة فقلت: "اللذان ضاربان أخواك". أفلا ترى أن هذا الضمير لما لم يظهر لم يكن له حكم، فكذلك إعراب هذه الجملة لما لم يظهر في لفظها - وإنما هو شيء يقدر لموضعها - لم يكن له حكم فجاز عطف ما لا موضع له عليها؛ لكونها بمنزلتها. فإن قلت: فإنك إذا أفردت الخبر ظهر فيه لفظ الإعراب، وكان ظهوره في المفرد بمنزلة ظهوره في الجملة. قيل: إن اسم الفاعل أيضًا إذا جرى على غير من هو له أظهر معه الضمير الذي كان يحتمله ولم يُجْعَل ظهور ذلك في الموضع الذي ظهر فيه خارجًا من حكم الأسماء التي لا تحمل ضميرًا في الموضع الذي لا يظهر فيه. فإذا جُعِلَ اسم الفاعل بمنزلة ما لا ضمير فيه، وإن كان يظهر في موضع فأن تُجعل الجملة التي تقع موقع الخبر بمنزلة ما لا موضعَ له أجدرُ؛ لأن الجملة لا يظهر فيها إعرابٌ البتة، واسم الفاعل يظهر معه الضمير في موضع. فإن قلت: إذا كانت الجملة تقع خبرًا للمبتدأ كما يقع المفرد خبرًا له فمن أين قلتم إن الأصل للمفرد والجملة واقعة في موضعه؟ وهلا كانت الجملة كالمفرد في أنها أصل فيمتنع في الجملة ما يمتنع في المفرد؟ قيل: المفرد هو الأصل؛ لأنه الأول والجملة منه تُرَكَّبُ، فالمفرد الأول.

1 / 214