مقدمة التحقيق بسم الله الرّحمن الرّحيم إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ﷺ، وبعد، فهذا كتاب قيم في علم من علوم القراءات وهو علم الوقف والابتداء، أحببت أن أعلق عليه بما يفيد وأن أقوم نصه واعتمدت في ذلك على الطبعة الوحيدة للكتاب والتي طبعت بمطبعة الحلبي واجتهدت في إصلاح نصها وتحقيقه والتعليق عليها بما يفيد إن شاء الله قدر الإمكان والطاقة، والله خير مسئول أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. وكتب: شريف أبو العلا العدوي

1 / 5

ترجمة المؤلف (١) (القرن الحادي عشر الهجري- القرن السابع عشر الميلادي) هو أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم الأشموني الشافعي. فقيه، مقرئ. من تصانيفه: منار الهدى في بيان الوقف والابتداء، والقول المتين في بيان أمور الدين. ــ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . _________ (١) انظر معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة (١/ ٢٧٥).

1 / 6

[مقدمة المؤلف] [خطبة الكتاب] بسم الله الرّحمن الرّحيم (١) الحمد لله (٢) الذي نوّر قلوب أهل القرآن بنور معرفته تنويرا، وكسا (٣) وجوههم من إشراق ضياء بهجته نورا، وجعلهم من خاصة أحبابه إكراما لهم وتوقيرا، فجعل صدورهم أوعية كتابه ووفقهم لتلاوته آناء الليل وأطراف النهار ليعظم لهم بذلك أجورا، فترى وجوههم كالأقمار تتلألأ من الإشراق ــ بسم الله الرّحمن الرّحيم قال سيدنا ومولانا قاضي القضاة، شيخ المشايخ الإسلام، ملك العلماء الأعلام، عمدة المحققين، زين الملة والدين، أبو يحيى زكريا الأنصاري الشافعيّ، متع الله _________ (١) الباء فيها قيل: إنها زائدة فلا تحتاج إلى ما تتعلق به، أو للاستعانة، أو للمصاحبة، متعلقة بمحذوف، إما أن يكون فعل والتقدير أبدأ أو أفعل، أو متعلقة باسم، أو متعلقة بحال، أي ابتدئ متبركا ومستعينا بالله، أو مصدر مبتدأ خبره محذوف، أي ابتدائي باسم الله ثابت أو دائم، والله أعلم على الذات العلية الواجبة للوجود المستحقة لجميع المحامد، والرحمن الرحيم: اسما مبالغة مشتقان من الرحمة، على وزن فعلان وفعيل، وقيل: إن الرحمن: يعم جميع الخلق، والرحيم مختص بالمؤمنين، وانظر: «نهاية المحتاج» للشمس الرملي (١/ ١٦ - ٢٠) «القاموس المحيط» (٤/ ٣٤٤)، «شرح جوهرة التوحيد» (٣). (٢) افتتح المصنف- ﵀ بعد التيمن بالبسملة بحمد الله، أداء لحق شيء مما يجب عليه نظير إنعام الله عليه بإنجاز هذا الكتاب، واقتداء بالقرآن الكريم، وبالسنة النبوية المطهرة، حيث كان رسول الله ﷺ يفتتح خطبه دائما بالحمد، ولم ينقل عنه غير ذلك، وأما حديث كل أمر ذي بال فقد اختلفت فيه أنظار النقاد والراجح: ضعفه وانظر «فتح الباري» شرح حديث «إنما الأعمال» رقم (١). (٣) كسا: ألبس: أي جعل على وجوههم لباس النور دليلا على التقوى والطاعة.

1 / 7

وتبتهج سرورا، وقد أخبر عنهم الصادق المصدوق ممثلا بأنهم جراب مملوء مسكا وأعظم بذلك فخرا وتبشيرا، فيا لها من نعمة طهروا بها تطهيرا، وجاوزوا بها عزّا ومهابة وتحبيرا، فهم أعلى الناس درجات في الجنان تخدمهم فيها الملائكة الكرام عشيّا وبكورا، ويقال لهم في الجنة تهنئة لهم وتبشيرا، إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا فسبحانه من إله عظيم تعالى في ملكه عَمَّا يقول الظالمون عُلُوًّا كَبِيرًا، تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيمًا غَفُورًا أحمده ﷾ حمد من قام بواجب تجويد (١) كلامه ومعرفة وقوفه (٢) ونسأله من فيض فضله وإحسانه لطفا وعناية وتيسيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يغدو قلب قائلها مطمئنا مستنيرا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا ﷺ عبده ورسوله الذي اختاره الله من القدم حبيبا ونبيّا ورسولا، وأرسله إلى الثقلين بشيرا ونذيرا، وقد أخذ له العهد والميثاق على سائر المخلوقات وكتب له بذلك منشورا: أما بعد (٣): فيقول العبد الفقير القائم على قدمي العجز والتقصير، ــ بوجوده الأنام، وحرسه بعينه التي لا تنام، بجاه سيدنا محمد أشرف الأنام، وآله وصحبه البررة الكرام. _________ (١) التجويد: لغة هو التحسين، واصطلاحا: قراءة القرآن الكريم على نحو مخصوص بصفة مخصوصة كما نقل إلينا وتواتر. (٢) الوقف: هو القطع لغة، واصطلاحا: هو قطع القراءة مع أخذ نفس، مع نية الاستئناف. السكت: هو قطع القراءة بدون تنفس مع نية الاستئناف. وسوف يأتي تفريق المصنف بين هذه الأشياء. (٣) أما بعد: لفظة تسمى: فصل الخطاب، وهي لقطع الكلام الذي قبلها عما بعدها انظر: السبع كتب المفيدة لعلوي السقاف (ص ٦٣).

1 / 8

الراجي عفو ربه القدير، أحمد بن الشيخ عبد الكريم ابن الشيخ محمد بن الشيخ عبد الكريم، عامل الله الجميع بفضله العميم، وأسكنهم من إحسانه جنات النعيم: هذا تأليف لم يسألني فيه أحد لعلمهم أني قليل البضاعة، غير دريّ بهذه الصناعة، فإني والله لست أهلا لقول ولا عمل، وإني والله من ذلك على وجل، لكن الكريم يقبل من تطفل، ولا يخيب من عليه عوّل، فإني بالعجز معلوم، ومثلي عن الخطأ غير معصوم، وبضاعتي مزجاة (١)، وتسمع بالمعيديّ خير من أن تراه (٢)، فشرعت فيما قصدت، وما لغيري وجدت، وذلك بعد لبثي حينا من الدهر أتروّى وأتأمل، وأنا إلى جمع ما تشتت من ذلك أميل، قادني إلى ذلك أمل ثواب الآخرة، سائلا من المولى الكريم الصواب والإعانة، متبرئا من حولي وقوّتي إلى من لا حول ولا قوّة إلا به، والمأمول من ذي العزة والجلال، أن ينفع به في الحال والمآل، وأن يكون تذكرة لنفسي في حياتي. وأثرا لي بعد وفاتي، فلا تكن ممن إذا رأى صوابا غطاه، وإذا وجد سهوا نادى عليه وأبداه، فمن رأى خطأ منصوصا عليه فليضفه بطرّته إليه والنصّ عليه. [البسيط]: يا من غدا ناظرا فيما كتبت ومن ... أضحى يردّد فيما قلته النّظرا سألتك الله إن عاينت لي خطأ ... فاستر عليّ فخير الناس من سترا ــ بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله على آلائه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وأصفيائه. وبعد: فهذا مختصر المرشد في الوقف والابتداء الذي ألفه العلامة أبو محمد الحسن بن عليّ بن سعيد العماني- رحمه الله تعالى- وقد التزم أن يورد فيه جميع ما أورده أهل هذا _________ (١) مزجاة: قليلة. (٢) مثل مشهور عند العرب يقال عند ما يكون شخص ما له سيط وسمعة، ثم إذا رآه الإنسان اكتشف أنه غير ذلك تماما، وانظر: «مجمع الأمثال» للميداني (١/ ١٥٧).

1 / 9