Page 0

الباب الأول من القسم الثاني

في السلطانيات وما يقع في فنونها

غرر التحاميد

الحمد لله الذي لا يستفتح بأفضل من اسمه كلام، ولا يستنجح بأحسن من صنعه مرام، الحمد لله الذي افتتح كلامه الكريم، وفرقانه العظيم، الحمد لله الذي هو شعار أهل الجنة كما قال وآخر دعواهم: أن الحمد لله رب العالمين، الحمد لله المستحق الحمد حتى لا انقطاع، وموجب الشكر بأقصى ما يستطاع، الحمد لله مانح الأعلاق، وفاتح الأغلاق، الحمد لله معز الحق وناصره، ومذل الباطل وقاهره، الحمد لله معز الدين ومديله، ومذل الباطل ومسيله، الحمد لله في الحجج البوالغ، والنعم السوابغ، والنقم الدوامغ، الحمد لله المبين أيده، المتين كيده، جاعل المعاقبة لحربه، والعاقبة لحزبه، الحمد لله الذي لا يدرك بالأبصار، ولا تحثه الأقدار، ولا تحويه الأقطار، الحمد لله الذي أقل نعمه يستغرق أكثر الشكر، الحمد لله حمدا يبلغ الحق ويقضيه ويمتري المزيد ويقتضيه.

ذكر الله تعالى وجميل صنعه وحسن عاداته

علام الغيوب، ومن بيده أزمة القلوب، الخبير بما تجن الضمائر وتكن السرائر، سميع لراجيه، قريب ممن يناجيه، إن الله تعالى يقضي ما يريد، وإن رغم أنف الشيطان المريد، لله مع كل لمحة صنع حفي، ولطف خفي، صنع الله لدينا لطيف، وفضله بنا مطيف، لا يزال الله يجزينا على أحسن عادته، ويقسم لنا أفضل سعادته، نعم

Page 25

الله على أحسن ما اعتيد من إحسانه العتيد، إن الله منجز عداته وحافظ عاداته ومهلك عداته.

الصلاة على محمد

صلى الله عليه وعلى آله وسلم

وصلى الله على محمد خير من افتتحت بذكر الدعوات، واستنجحت به الطلبات، صلى الله على مفتاح الرحمة، ومصباح الظلمة، وكاشف الغمة عن الأمة، صلى الله على بشير الرحمة والثواب، ونذير الشطوة محمد الذي أدى الرسالة مخلصا، وبلغ الرسالة ملخصا، صلى الله على محمد أتم بريته خيرا فضلا، وأطيبهم فرعا وأصلا، صلى الله على خير مولود دعا إلى خير معبود، صلى الله على محمد خير نبي ومبعوث، وأفضل وارث وموروث.

ذكر الآل

عليهم الصلاة والسلام

وعلى آله الذين عظمهم توقيرا وطهرهم تطهيرا، وعلى آله الذين هم أعلام الإسلام، وأيمان الإيمان، وعلى آله الطيبين الأخيار، الطاهرين الأبرار، وعلى آله الذين أذهب عنهم الأرجاس وطهرهم من الأدناس، وجعل مودتهم أجرا له على الناس، وعلى آله الذين هم زينة الحياة وسفينة النجاة، وشجرة الرضوان، وعشيرة الإيمان.

ذكر القرآن

القران هو النور المبين، والحق المستبين، حبل الله الممدود وعهده المعهود، وظله العميم، وصراطه المستقيم، وحجته الكبرى، ومحجته الوسطى، هو الضياء الساطع، والبرهان القاطع، هو الواضح سبيله، الراشد دليله، الذي من استضاء بمصابيحه أبصر ونجا، ومن أعرض عنها زل وهوى، فضائل القران لا تستقصى في ألف قران، حجة الله وعهده، ووعيده ووعده، يتبين تبيانه من استغلقت دونه المعضلات، ويستضيء بمصابيحه من غم عليه في المشكلات.

Page 26

ذكر الخليفة

قد خصه الله بشرف الولادة، وجاز له إرث النبوة، وبؤأه محل الخلافة، واسترعاه أمر الأمة، لا دينا آلا به ومعه، ولا دينا إلا لمن تولاه واتبعه، كافل الأمة وراعيها، وسائس الملة وحاميها، سليل النبوة، وعقيد الخلافة وسيد الأنام، والمستنزل بوجهه در الغمام، إن الله شفع النبوة بالخلافة، إكمالا للرحمة والرأفة، وقرن الرسالة بالإمامة، نظرا للخاصة والعامة.

ذكر السلطان

السلطان ظل الله في أرضه، المؤتمن على حقه، واليد المبسوطة في خلقه، السلطان يرحم ما وسعت الناس النعمة، ويعاقب إذا أصلحتهم النقمة، عالما أن الله قرن وعده بوعيده، وثوابه بعقابه، السلطان زمام على الملة، ونظام للجملة، وجلاء للغمة، وعماد للذين، وقارعة على المفسدين. تهيب السلطان فرض أكيد، وحتم على من ألقى السمع وهو شهيد، من عصى السلطان فقد أطاع الشيطان، السلطان يدافع عن سواد الأمة، وبياض الدعوة. من شايع السلطان حمد يومه وغده، ورجا من العيش أرغده، ومن نابذه كان في الأشقين مكتوبا، وللفم واليدين مكبوبا.

محاسن أوصاف الملوك وممادحهم

قد أحيا سير العدل، وأمات سير الجور، فحمى الدين منيع، وجناب الملك مريع، قد أنام الأنام في ظل عدله، ووسعهم بإحسانه وفضله، في يده خاتم عدل، وفي حكمه صارم فضل، نفوس الرعية في ظلال السكون وادعة، وفي رياض الأمن راتعة، دولته على العذل مؤسسة، ومن الجور مقدسة، قد صرف الناس بين خشونة إيعاده، ولين معاده، وأراهم بريق حسامه، مشفوعا ببوارق إنعامه. مولانا مستقل في ذروة عزه، مستقل بأعباء ملكه، يتصرف في السياسة بين رفق من غير ضعف، وخشونة من غير عنف، هو العدل متبسما، والجود متحسما، والبحر متكلما، والليث متكرما.

Page 27

التوفيق نتاج آرائه، والنصر حليف راياته، والإصابة سهم خطراته، والأقدار خدم عزماته، الدنيا في ظله كالعروس يتردد ماء النعمة على نحرها، ويتراءى ابتسام الغبطة من ثغرها، قد ألقت الدنيا إليه أزمتها، وملكته الأرض أعنتها، وطأ الله له مهاد الملك، وأعطاه مفاتيح الأرض، أعلى الله كلمته وحكمته ويده، وجنده، وجمع أسباب لسعادة عنده، قد ملكه الله أقطار بلاده، ونواصي عباده، سعادته تدع الدروب صحاصح، والبحور ضحاضح، ومغالق الدنيا على يده مفاتح، وأيام دولته مناجح، قد ساق الله إليه عظام المناتح، وكتب له صحائف النصر بأقلام الصفائح، السعادات إلى حضرته تتوالى توالي الأقطار، وتعم رحمته كافة النواحي والأقطار، توفر على الأطراف فحرسها، وعمد لآثار السوء فطمسها، لم يدع للباطل علما إلا وضعه، ولا ركنا للظلم إلا ضعضعه، قد حقن الدماء، وساس الدهماء، وهذب الأعمال، وثمر الأموال، قد أدرك الثار، وحسم الشر المثار، وأحسن الآثار.

ذكر الحضرة

حضرة مولانا موقع الوفود، ومطلع الجود، حضرته ملقى الرحال، وملتقى الرجال، وقبلة الآمال، مثابة المجد، وكعبة الملك، جناب وسيع، ومزار مريع، محط رحل الكرم، وغاية مبلغ الهمم، جناب رحب، ومورد عذب، كعبة الآمال ومحط الرحال، وقبلة الزجال، هي عرصة العدل، وساحة الفضل، مفرع الشكر، ومصرع الفقر، هي كعبة المحتاج، إن لم تكن كعبة الحجاج، ومشعر الكرم، إن لم تكن مشعر الحرم، ومنى الضيف إن لم تكن من الخيف وقبلة الصلات، إن لم تكن قبلة الصلاة.

Page 28