الجزء الاول

مقدمة التحقيق

| مقدمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.

وبعد:

تمثل الإمامة في حياة المسلمين واحدة من أهم مفردات العقيدة الإسلامية التي ما سل في الإسلام سيف كما سل فيها كما قيل.

ولم يكن للسيف فيها موضع لو أن المسلمين استمعوا لنداء العقل والفطرة السليمة واتبعوا منهج البحث العلمي والاستدلال المنطقي على ما اختلفوا عليه.

لكنها الأهواء عند ما تحل بديلا عن منطق العقل تجر الأمة إلى ويلات ومحن قد يكون أكثر المحترقين بنارها لا يعلمون حقيقة الأمر فيها لوقوعهم تحت تأثير أساليب الدعاية والتضليل والتغرير.

ولم تكن مسألة الإمامة من الغموض والإبهام بما يوصل المسلمين لهذه الحالة من التنازع والاختلاف، بل كانت واضحة جلية أيام الرسالة الأولى، لكن الغموض بدأ يكتنفها بتعاقب الزمن بسبب مزاحمتها لأهواء دفينة في نفوس دخلت الإسلام مرغمة، فأضمرت لأهله الشر ولنفسها الزعامة حين تسنح لها فرص غفلة الأمة عن كتابها وأقوال رسولها صلى الله عليه وآله.

وما أن انقضت أيام النبوة حتى ظهر كامن القوم وعلت أصوات أخر أخرستها كلمة الحق سنين طويلة، وعاش أكثر المسلمين التيه الفكري مع أن كثيرا منهم عايش الرسول صلى الله عليه وآله وسمع حديثه ووصاياه، وصار الحديث عن خلافة خاتم الرسل حديثا عن الزعامة بما تحمل من رواسب العقلية الجاهلية والقبلية، وغدا مصير خير أمة أخرجت للناس تقرره عقول قوم لم يتمثل الإسلام في حياتهم سلوكا ومفهوما ومشاعر بالقدر الذي يؤهلهم لخلافة خاتم الرسل صلى الله عليه وآله.

فالعجب كل العجب من أمة آمنت برسولها وكتابها وترجع إليهما في معرفة

Page 7

أحكامها من صوم وصلاة وحج ونكاح... وغير ذلك، ولا ترجع إليهما في أمر يصل فيه الاختلاف إلى حد التنازع والاقتتال وانتهاك الحرمات!! وكأن القوم قد فتشوا جميع أقوال نبيهم وتمعنوا في آيات كتابهم فلم يجدوا ما يتعلق بأمر الإمامة من شيء فحصروا دائرة النقاش فيها بحدود عقولهم ومصالحهم.

وحتى أولئك الذين لم يستطيعوا أن ينكروا ما أثر من نص في ذلك جرتهم الأهواء لئن يلووا أعناق الكلمات أو يحرفوها عن مواضعها، وقليل هم الذين عرفوا الإمامة وعظم خطرها وما تمثله من امتداد لمسيرة النبوة وما تضطلع به من مهمة حفظ الشريعة المقدسة والقيام بتطبيقها، فلم يروا لها أهلا إلا من ارتضاه الله ورسوله وكانت سيرته شاهدة على صدق ما اختاره الله له.

وذهب القوم مشارب شتى في تعريف الإمامة والإمام وتحديد صفاته وتعيين مصداقه، كل ينهل من معين ما يعتقد به، فغرب بعض وشرق آخرون.

وحيث كانت العصمة الواجب توفرها في الإمام الذي يخلف الرسول صلى الله عليه وآله بالقيام بمهام الرسالة من أهم المباحث في هذا المجال قامت (المؤسسة الإسلامية للبحوث والمعلومات) بتوجيه ورعاية من سماحة آية الله السيد علي الناصر-دام ظله-نجل سماحة المرجع الديني المقدس آية الله العظمى السيد ناصر الموسوي الأحسائي قدس سره، بتحقيق ونشر واحد من أهم الكتب عند الطائفة الإمامية الذي دار عليه قطب الرحى طويلا لكونه منصبا في جميع مباحثه على إيراد الأدلة الدالة على وجوب عصمة الإمام عليه السلام، ولما يتميز به من موضوعية فى الطرح بعيدا عن روح التعصب المذهبي الذي كان سائدا فترة تأليفه، وأيضا لما يتمتع به مؤلفه من مكانة علمية مرموقة أشهر من أن يشار إليها.

ونحن إذ نقدم للقارىء الكريم (كتاب الألفين الفارق بين الصدق والمين) لمؤلفه العلامة الحلي قدس سره بعد أن بذلنا ما بوسعنا لتحقيقه وإخراجه بما يليق به، نأمل من القارئ العزيز أن يتحفنا بملاحظاته القيمة عسانا أن نتلافى ما يمكن تلافيه مما أوقعنا فيه قصورنا ومحدودية إمكاناتنا، والله الهادي إلى سواء السبيل.

Page 8

ترجمة المؤلف

| ترجمة المؤلف

|| ترجمة المؤلف

|||| اسمه وكنيته ولقبه

||||| اسمه وكنيته ولقبه

|||||| اسمه وكنيته ولقبه

||||||| اسمه وكنيته ولقبه

|||||||| اسمه وكنيته ولقبه

هو الشيخ الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي، وجاء في بعض كتب العامة أن اسمه الحسين (1) .

كنيته أبو منصور، وقد اشتهر بها، وهي التي كناه بها والده (2) . وله كنية أخرى ذكرها أهل العامة وبها عرف عندهم، وهي: (ابن المطهر) (3) .

يلقب ب (جمال الدين) وب (آية الله ) ، وأشهر ألقابه (العلامة) وإليه ينصرف عند الإطلاق.

ولقبه البعض ب (الأسدي) نسبة إلى أسرته التي تعرف بآل المطهر من بني أسد (4) .

ولقب ب (الحلي) نسبة إلى مدينة الحلة التي ولد فيها وسكنها (5) .

|||| مولده

||||| مولده

|||||| مولده

||||||| مولده

|||||||| مولده

اتفقت أكثر المصادر على أن ولادته في شهر رمضان عام (648 ه) ، لكن اختلف في يوم مولده، فقيل: ولد في ليلة الجمعة في الثلث الأخير من الليل في السابع

Page 9

والعشرين من شهر رمضان؛ كما جاء في جواب العلامة-المترجم-للسيد مهنا بن سنان عند ما سأله عن تاريخ مولده (1) .

وقيل: ولد في التاسع عشر من شهر رمضان، كما جاء في ترجمته لنفسه في رجاله (2) .

وقيل: ولد في التاسع والعشرين من شهر رمضان (3) .

|||| أسرته

||||| أسرته

|||||| أسرته

||||||| أسرته

|||||||| أسرته

ينحدر شيخنا العلامة من أسرة علمية عريقة، فوالده الشيخ سديد الدين يوسف ابن علي بن المطهر الحلي، وصفه بعض أصحاب التراجم بأنه كان فقيها محققا مدرسا عظيم الشأن (4) ، ونعته بعض بالشيخ الأجل الفقيه السعيد شيخ الإسلام (5) ، وقال عنه بعض بأنه أعلم العلماء في عصره في الأصول (6) .

وأمه هي بنت العالم الفقيه الشيخ أبي يحيى الحسن ابن الشيخ أبي زكريا يحيى ابن الحسن بن السعيد الهذلي الحلي (7) .

وخاله الشيخ نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي المشهور بالمحقق الحلي، الذي وصف بأنه المحقق المدقق، الإمام العلامة، واحد عصره، وكان ألسن أهل زمانه وأقومهم بالحجة وأسرعهم استحضارا (8) .

Page 10

وأخوه الشيخ رضي الدين علي بن يوسف بن المطهر، وكان أكبر سنا من العلامة بنحو ثلاث عشرة سنة، وكان عالما فاضلا (1) . وهو صاحب كتاب (العدد القوية لدفع المخاوف اليومية) الذي يعد من مصادر بحار الأنوار (2) .

وابنه الشيخ فخر الدين محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، وصف بأنه كان فاضلا محققا فقيها ثقة جليلا يروي عن أبيه العلامة (3) .

|||| ما قيل فيه

||||| ما قيل فيه

|||||| ما قيل فيه

||||||| ما قيل فيه

|||||||| ما قيل فيه

مدحه وأثنى عليه كل من ذكره من علماء الإمامية الذين كتبوا في الرجال والتراجم، وإليك نماذج من ذلك:

1-ابن داود: (شيخ الطائفة وعلامة وقته وصاحب التحقيق والتدقيق، كثير التصانيف، انتهت رئاسة الإمامية إليه في المعقول والمنقول) (4) .

2-السيد التفرشي: (ويخطر ببالي ألا أصفه، إذ لا يسع كتابي هذا ذكر علومه وتصانيفه وفضائله ومحامده، وإن كل ما يوصف به الناس من جميل وفضل فهو فوقه) (5) .

3-الحر العاملي: (فاضل عالم علامة العلماء، محقق مدقق ثقة ثقة، فقيه محدث متكلم ماهر، جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة، لا نظير له في الفنون والعلوم العقليات والنقليات، وفضائله ومحاسنه أكثر من أن تحصى) (6) .

Page 11