" بسم الله الرحمن الرحيم "

عونك اللهم على شكر نعمتك في ملك كملك. وبحر في قصر. وبدر في دست. وغيث يصدر عن ليث. وعالم في ثوب عالم. وسلطان بين حسن وإحسان

لولا عجائب صنع الله ما نبتت

تلك الفضائل في لحم ولا عصب

هذه صفة تغني عن التسيمة. ولا تحوج الى التكنية. اذ هي مختصة بمولانا الأمير السيد الملك المؤيد ولي النعم أبي العباس مأمون بن مأمون خوارزم شاه مولى أمير المؤمنين أدام الله سلطانه. وحرس عزه ومكانه. وخالصة له دون الورى. وجامعة لديه محاسن الدنيا. اللهم فكما فضلته على عبادك بالفضائل التي لا تحصى. والفواضل التي لا تنسى. ففضله بطول العمر. ودوام الملك. وايصال الصنع. ورغد العيش. وسكون الجاش. وعلو اليد. وسعادة الجد. وكفاية المهم. وازالة الملم. وانظر للمكارم والمعالي بالدفاع عن مهجته. وحراسة دولته. وتثبيت وطأته. برحمتك ياأرحم الراحمين وأكرم الاكرمين آمين. وصلواتك على النبي محمد وآله أجمعين. " ثم ان هذا " الكتاب خفيف الحجم. ثقيل الوزن. صغير الجرم. كبير الغنم. في الكنايات عما يستهجن ذكره. ويستقبح نشره. أو يستحيا من تسميته. أو يتطير منه. أو يترفع ويصان عنه. بألفاظ مقبولة تؤدي المعنى. وتفصح عن المغزى. وتحسن القبيح. وتلطف الكثيف. وتكسوه المعرض الانيق. في مخاطبة الملوك ومكاتبة المحتشمين. ومذاكرة أهل الفضل. ومحاورة ذوي المروءة والظرف. فيحصل المراد. ويلوح النجاح. مع العدول عما ينبو عنه السمع. ولا يأنس به الطبع. الى ما يقوم مقامه. وينوب منابه. من كلام تأذن له الاذن. ولا يحجبه القلب. وما ذلك الا من البيان في النفوس. وخصائص البلاغة. ونتائج البراعة. ولطائف الصناعة. وأراني لم أسبق الي تأليف مثله. وترصيف شبه. وترصيع عقده. من كتاب الله واخبار النبي صلى الله عليه وسلم. وكلام السلف. ومن قلائد الشعراء. ونصوص البلغاء. وملح الظرفاء. في انواع النثر والنظم. وفنون الجد والهزل. وقد كنت ألفته بنيسابور في سنة أربعمائة فأجرى ذكره على اللسان العالي أدام الله علاه وخرج الامر الممتثل ادام الله رفعته بانفاذ نسخة منه الى الخزانة المعمورة أدام الله شرفها أنشأتها نشأة أخرى وسبكته ثانية بعد أولى ووردت في تبويبه وترتيبه وتأنقت في تهذيبه وتذهيبه وترجمته " بكتاب الكناية والتعريض " وشرفته بالاسم العالي ثبته الله ما دامت الايام والليالي وأخرجته في سبعة ابواب يشتمل كل باب منها على عدة فصول مترجمة بمودوعاتها

" فالباب الاول " في الكناية عن النساء والحرم وما يجري معهن ويتصل بذكرهن من سائر شؤنهن وأحوالهن وفصوله خمسة

" والباب الثاني " في ذكر الغلمان ومن يقول بهم والكناية عن أوصافهم وأحوالهم وفصوله خمسة "

والباب الثالث " في الكناية عن بعض فصول الطعام وعن المكان المهيأ له وفصوله أربعة "

والباب الرابع " في الكناية عن المقابح والعاهات وفصوله اثنا عشر "

والباب الخامس " في الكنايات عن المرض الشيب والكبر والموت وفصوله ثمانية "

والباب السادس " فيما يوجبه الوقت والحال من الكناية عن الطعام والشراب وما يتصل بها في فصلين

" والباب السابع " في فنون شتى من الكناية والتعريض مختلفة الترتيب وفصوله سبعة وها انا أفتتح سياقها وأوفيها حقوقها وشرائطها بعون الله تعالى ودولة مولانا الملك السيد ولي النعم خوارزم شاه ثبتها الله وادامها

" بسم الله الرحمن الرحيم "

" الباب الأول في الكناية عن النساء والحرم وما يجري معهن ويتصل بذكرهن من سائر شؤنهن واحوالهن "

" فصل في الكناية عن المرأة "

| " فصل في الكناية عن المرأة "

Page 57

العرب تكنى عن المرأة بالنعجة والشاة والقلوص والسرحة والحرث والفراش والعتبة والقارورة والقوصرة والنعل والغل والقيد والظلة والجارة وبكلها جاءت الاخبار ونطقت الاشعار " فاما " الكناية بالنعجة فقد أوضح القرآن في قصة داود عليه السلام " ان هذا اخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة " أي إمرأة " وأما " الكناية بالشاة فكما قال عنترة العبسي

يا شاة ما قنص لمن حلت له

حرمت على وليها لم تحرم

فكنى عن امرأة وقال اي صيد أنت لمن يحل له ان يصيدك فأما أنا فان حرمة الجوار قد حرمتك على " وأما " الكناية بالقلوص فكما كتب رجل من مغزي كان فيه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوصيه بنسائه

الا أبلغ أبا حفص رسولا

فدالك من أخي ثقة ازاري

قلائصنا هداك الله إنا

شغلنا عنكم زمن الحصار

" وأما " الكناية بالسرحة وهي شجرة فكما قال حميد بن ثور

أبى الله الا أن سرحة مالك

علي كل أفنان العضاه تروق

وانما كنى عن امرأة مالك بسرحة مالك أحسن كناية وعبر عن اتقانها في الحسن على سائر الغواني أحسن عبارة وقد سلك طريقته في هذه الكناية من قال

ومالي من ذنب اليهم علمته

سوى انني قد قلت يا سرحة اسلمي

نعم فاسلمي ثم اسلمي ثمت اسلمى

ثلاث تحيات وان لم تكلمي

وانما تقع مثل هذه الكناية عمن لا يجسرون على تسميتها أو يتذممون من التصريح بها كما قال الشاعر

واني لا كنى عن قذور بغيرها

وأعرب أحيانا بها فأصرح

" وأما الحرث " فمنه قول الشاعر والقاه على طريق الألغاز

إذا أكل الجراد حروث قوم

فحرني همه أكل الجراد

يعني - بحرثه - امرأة وفي القرآن " نساؤكم حرث لكم " " وأما الفراش " فقد قال الله تعالى في وصف الجنة " وفرش مرفوعة " يعني النساء الا تراه يقول على أثرها " إنا أنشأناهن انشاء فجعلناهن أبكارا " " وروي " عن بعضهم انه قال لرجل أراد أن يتزوج استؤثر فراشك أي تخير السمينة من النساء " وأما " العتبة ففي قصة ابراهيم عليه السلام زار ابنه اسماعيل عليه السلام فوافق حضوره غيبته عن المنزل فقدمت عليه امراته وأخبرته بحاله ولن تعرض عليه القرى فقال لها قولي لابني ان اباك يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تغير عتبتك فلما رجع اسماعيل عليه السلام وقصت عليه المرأة القصة وأدت اليه الرسالة طلقها في الساعة امتثالا لأمر أبيه لان قوله غير عتبتك كناية عن طلاقها والاستبدال بها " وأما " الكناية بالقارورة فمن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسائق الابل التي عليها نساؤه رفقا بالقوارير " واما الكناية " بالقوصرة فمنها قول الراجز

أفلح من كانت له قوصرة

يأكل منها كل يوم مره

" وأما النعل " فمنها قول عمر رضي الله تعالى عنه المرأة نعل يلبسها الرجل إذا شاء لا إذا شاءت هي " وأما الغل " فمنه قول بعض الحكماء من العرب وهو يذكر النسا ومنهن الودود والولود القعود ومنهن غل يضعه الله في عنق من يشاء ويفكه عمن يشاء " وأما القيد " فمنه قول أبي الحسن الجوهري الجرجاني من قصيدة في الصاحب يذكر استعداده للسير إلى حضرته ويكنى عن طلاق امرأته

جوادي قدامي وذيلي مشمر

وقلبي من شوق يجيئ ويذهب

وقد كنت معقولا بأهلي مقيدا

وها أنا من ذاك العقال مسيب

وعلى ذكر الطلاق فاني استحسن واستطرف جدا ما كتبه ابن العميد في الكناية عن حلف بعض الملوك بالطلاق وهو قوله في فصل من كتاب حلف يمينا سمي فيها حرائره " وأما الظلة " فهي عند بعض الكوفيين أصيلة وعند بعضهم مكنية وكذلك الحليلة وينشد

واني محتاج إلى موت ظلتي

ولكن متاع السوء باق معمر

" وأما الجارة " ففيها يقول الاعشى أجارتنا بيني فانك طالق " ومن احسان " المتني المشهور قوله لسيف الدولة وقد أوقع ببني كلاب وسبى نساءهم ثم ردهن عليهم

ولو أن الامير سبى كلابا

عداه عن شموسهم الضباب

Page 58

وانما كني عن النساء بالشموس وعن المحاماة دونهن بالضباب والعرب قد تكنى أيضا عن النساء بالجآذر والظباء والمها والبقر " وأتى النعمان " بن المنذر بهذه الكناية وكان فيها دمه وذلك انه كان وتر زيد بن عدي اذ قتل أباه عدي بن زيد وزيد ترجمان الملك ابرويز وكان يتربص بالنعمان الدوائر ويبغي له الغوائل ولما علم ميل الملك إلى النساء وصف له بنات النعمان واشار عليه بخطبتهن وهو يعرف امتناعه من تزويج العجم لما في نفسه من النخوة فارسل اليه رسولا في الخطبة فقال النعمان أما للملك غنية ببقر العراق عن هؤلاء الاعرابيات السود وترجم زيد هذه اللفظة بالفارسية وقبح المعنى وأساء المحضر وقال انه يعير الملك بنيك البقر فأمر ابرويز باشخاص النعمان والقائه إلى الفيلة حتى خبطته بارجلها وأتت على بقيته.. ومما لا نهاية لحسنه كناية النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة الحسناء في المنبت السوء اياكم وخضراء الدمن

" فصل في الكنايات عن الحرم "

| " فصل في الكنايات عن الحرم "

" لما نقل " ابو الحسن خمارويه بن طولون والى مصر ابنته المسماة قطر الندى إلى المعتضد كتب اليه يذكره حرمة سلفها بسلفه ويصف ما يرد عليها من ابهة الخلافة وروعة السلطان ووحشة الغربة ويساله ايناسها وبسطها وتقريبها فأراد الوزير عبيد الله بن سليمان ان يجيب عن الكتاب بخطه فسأله جعفر بن محمد بن ثوابة أن يعتمد عليه في الجواب ففعل فكتب جعفر بن محمد كتابا قال في فصل منه..وأما الوديعة أعزك الله فهي بمنزلة ما انتقل من شمالك الي يمينك ضنامنا بها وحيطه لها ورعاية لمودتك غفيها قلما عرضه على الوزير عبيد الله ارتضاه جدا وقال له كنايتك عنها بالوديعة نصف البلاغة ووقع له بالزيادة في جراياته واقطاعاته " ولما كانت " أيام عز الدولة بن معز الدولة ونقل ابنته إلى عمدة الدولة أبى ثعلب الحمداني كتب غنه أبو اسحاق الصابي إلى أبي ثعلب كتابا استحسنه أهل الصناعة وتحفظوا منه هذا الفصل لاشتماله على عدة كنايات لطيفة ونسخته.. وقد توجه ابو النجم بدر الحرمى وهو الامين على ما يلحظه الوفي بما يحفظه نحوك يا سيدي ومولاي أدام الله عزك بالوديعة وانما ثقلت من وطن إلى سكن ومن مغرس إلى معرس ومن مأوئ مري والعطاف إلى مثوى كرامة والطاف وهي بضعة مني حصلت لديك وثمرة من جنى قلبي انفصلت اليك وما بان عني من وصلت حبله بحبلك وتخيرت له بارع فضلك ويوأته المنزل الرحب من جميل خلائقك وأسكنته الكنف الفسيح من كريم شيمك وطرائفك ولا ضياع على ما تضمنه أمانتك وتشتمل عليه صيانتك.. قال مؤلف الكتاب وكثيرا ما يكنى ابن العميد والصاحب والصابي وعبد العزيز بن يوسف وهم بلغاء العصر وافراد الدهر عن البنت بالكريمة وعن الصغيرة بالريحانة وعن الام بالحرة والبرة وعن الاخت بالشقيقة وعن الزوجة بكبيرة البيت وعن الحرم بمن وراء الستر وعن الزفاف بتأليف الشمل واتصال الحبل ولو كتبت الفصول المتضمنة لهذه الكنايات لا متد نفس الباب وفيما أوردته من هذه النكت كفاية " وحدثني " أبو النصر محمد بن عبد الجبار العتبي قال لما توفيت والدة الأمير الرضي أبي القاسم نوح ابن منصور احتاج خالي أبو النصر العتبي إلى مكاتبة الحضرة في التعزية عنها فلم يرتض لفظة الام والوالدة في ذكرها فكتب كتابا قال في فصل منه وقد قرع الاسماع نفوذ قضاء الله فيمن كان البيت المعمور ببقائها مصعد الدعوات المقبولة ومهبط البركات المأمولة فارتضاه كتاب الحضرة وتحفظوه

" فصل في الكناية عن عورة المرأة "

| " فصل في الكناية عن عورة المرأة "

أنشدني أبو القاسم الرسوري لبعض العرب

وإذا الكريم أضاع مطلب أنفه

أو عرسه لكريهة لم يغضب

" والعرب " تقول ان الجنين إذا تمت أيامه في الرحم وأراد الخروج منه طلب بانفه الموضع الذي يخرج منه فقال لي الاستاذ ابو بكر الطبري انظر كيف لطف هذا الشاعر بحذفه للكناية عن فرج الام بقوله مطلب انفه " ومعنى " البيت ان الرجل متى لم يحم فرج أمه أو امراته لم يغضب من شيئ يؤتي اليه بعد ذلك.. وقال الصاحب في رسالته الموسومة بالتلبيه على مساوى شعر المتنبي قد كانت الشعراء تصف المآزر وتكني بها عما وراءها تنزيها لالفاظها عما يستبشع ذكره حتى تخطي هذا الشاعر المطبوع إلى التصريح الذي لم يهتد اليه غيره فقال

اني على شغفي بما في خمرها

لأعف عما في سرا ويلاتها

Page 59

وكثير من العهر أحسن من هذه العفافة " ومما " يستحسن للحجاج قوله لام عبد الرحمن ابن محمد بن الاشعث عمدت إلى مال الله فوضعته تحت ذيلك لانه كره أن يقول تحت استك كما تقوله العامة خوفا من ان يكون قد جازف كما عيب به عبد الله بن الزبير لما قال لامرأة عبد الله حارم أخرجي المال الذي تحت استك فقالت ما ظننت أحدا بلى شيئا من أمور المسلمين فيتكلم بهذا فقال بعض الحاضرين أما ترون إلى الخلع الخفي الذي أشارت اليه " وقال " أبو منصور الازهري في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن اتيان النساء في محاشهن انها كناية عن ادبارهن وأصلها من الحش " وقال " الجاحظ في قول الله عز وجل اسمه والذين هم لفروجهم حافظون. وقوله وريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها انها كناية عن العورة ولما كثر في الكلام قال بعض المفسرين انه يحتاج إلى كناية فقال في قوله تعالى وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا انها كناية عن الفروج كأنه لم يعلم ان كلام الجلد من أعجب العجب ولو كان كذلك لقال عند ذكر الفروج والذين هم لجلودهم حافظون ولقال ومريم ابنة عمران التي أحصلت جلدها " وروي " الفقهاء ان رفاعة طلق امراته فتزوجت برجل يقال له عبد الرحمن بن الزبير بفتح الزاي وجر الباء ثم شكته الى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت ان الذي معه كهدية الثوب فقال النبي صلى الله عليه وسلم أن تراجعي رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك فانظر الى لطافة هذا الكلام وكثرة رونقه وحسن كنايته عن العورة والنكاح بالعسيلة التي هي تصغير العسل وهو يذكر ويؤنث " وذهب " من أنكر تأنيثه الي انه تصغير عسلة يقال عسلة وعسل كما يقال تمرة وتمر " ومن نادر " الكناية وجيدها قول ابي حكيمة راشد بن اسحق الكاتب في فنه الذي شهر من قصيدة

ثم فما عندك خير يرتجى

أيها الاير القليل المنفعه

طالما جدلت فرسان الوغى

وافتتحت القلعة الممتنعه

وتقحمت مطامير الهوى

فعرفت الضيق منها والسعه

وعهدي بالاستاذ الطبري ينشد هذه الابيات ويعجب من جودتها في معناها ويقول ان من يكنى عن الاحراح والفقاح بمطامير الهوى لمن شياطين الانس الذين سخر لهم الكلام حتى قادوه بألين " زمم دمما يليق " بهذا الفصل قول البحتري في رجل تزوج قينة

تزوجها بعد احراقها

قلوب الندامى واقلاقها

فكيف انبسطت ولم تنقيض

لاجلاسها مع عشاقها

اذا كنت تمكن من حبها

فانك تمكن من ساقها

" فصل يتصل به في الكناية عن عورة الرجل "

| " فصل يتصل به في الكناية عن عورة الرجل "

قال النبي صلى الله عليه وسلم من تعزي بعزاء الجاهلية فاعضوه بهن أبيه ولا تكنوا وقال عليه الصلاة والسلام من وقاه الله شر ما بين فكيه ورجليه دخل الجنة.. وقال الشاعر في مثل هاتين الكنايتين

وعضوين للأنسان لا عظم فيهما

هما سببا اصلاحه وفساده

إذا صلحا كان الصلاح لديهما

وان فسدا لم يحظ يوم معاده

وقد كنى عنها عبد العزيز بن محمد السوسي بالبلبلة فقال من قصيدة

وحين قامت على بلبلتي

ولم أجد خيلة تبلبلت

يكنى عن جلد عميرة وعميرة كناية وكذلك القضيب والطومار قال ابو نعامة

زرت أخاكم يا بني صالح

فلم يزل بنشر طومار

حتى اذا اخشوشن في كفه

أدخله مصيدة الفار

" وقال دعبل "

يا من يقلب طومارا وينشره

ماذا بقلبك من حب الطوامير

فيه مشابه من شيئ كلفت به

طولا بطول وتدويرا بتدوير

ومن كنايات ابن الرومي في هذا الباب قوله يهجو شخصا

ما مر من يوم عليه وليلة

الا وبعض غلامه في بعضه

" وأنشدني أبو الفتح البستي لنفسه "

وذات دل اذا لا حظت صورتها

رجعت عنها بقلب جد مفتون

تزور عني بنون الصدغ حين رأت

امام لهوي يقرا سورة النون

Page 60

ولقد ملح في الجمع بين النونين وطرف في الكناية عن متاعه بامام اللهو وعن عوجاجه وقلة انتصابه بقراءة سورة النون وانما شبهه بسورة النون المعروفة " وكانت " جنان المدنية تكنى عن متاع الرجل بمفتاح اللذة وفي كتاب ملح النوادر أن رجلا رواد امرأة عذراء عن عذرتها فقالت هذه ختم الله فقال واشار الي متاعه وهذا مفتاح الله " ومن الكنايات " الجيدة في هذا الباب فلان عفيف الازار وفلان طاهر الذيل اذا كان عفيف الفرج " وقلت " في كتاب المبهج من عف ازاره خفت أوزاره وانما يكنى بالازار عما وراءه كما قالت امرأة من العرب

النازلين بكل معترك

والطيبين معاقد الازر

وما احسن كنايات زيادة بن زيد عن عفة الفرج وشرف المنكح بقوله

فلما بلغنا الامهات وجدتم

بني عمكم كانوا كرام المضاجع

" فصل " في الكناية عما يجري بين الرجال والنساء من اتباع الشهوة والتماس اللذة وطلب النسل

| " فصل " في الكناية عما يجري بين الرجال والنساء من اتباع الشهوة والتماس اللذة وطلب النسل

لا أحسن ولا أجمل ولا ألطف من عناية الله تعالى عن ذلك بقوله " وقد أفضى بعضكم الى بعض " وقوله عز ذكره " فلما تغشاها " وقوله " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " وقوله " فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم " وقوله " فأتوا حرثكم أنى شئتم وقوله " فما استمتعتم به منهن " وقوله في الكناية عن طلب ذلك حكاية عن يوسف عليه السلام " هي راودتني عن نفسي " فسبحان الله ما اجمع كلامه للمحاسن واللطائف وما أظهر أثر الاعجاز على انجازه وبسطه في معناه ولفظه " ومما " جاء في حسن الكناية عن النكاح في شعر الجاهلية قول الاعشى

وفي كل يوم أنت جاشم غزوة

تشد لاقصاها عزيم عزائكا

مورثة مالا وفي الحي رفعة

لما ضاع فيها من قروء نسائكا

القروء ههنا الاطهار لان الممدوح لما كان كثير الغزو ولم يغش النساء للغيبة عنهن في مغازيه أضاع اطهارهن " وقد زعم نقاد " الشعر ان هذه الكناية لطيفة دالة على حذق الشاعر بصنعته " وعندي " ان ضياع اطهار نساء الملوك ليس مما يخاطبون به وكذلك قول الاخطل في بني مروان

قوم اذا حاربوا شدوا مآزرهم

دون النساء ولو بآتت بأطهار

فانه على حسنه من فضول القول الذي لو رزق فضل السكوت عنها لحاز الفضيلة وما للشاعر ذكر حرم الملوك فضلا عما يجري لهم معهن..وأما قول الربيع بن زياد

أفبعد مقتل مالك بن زهير

ترجو النساء عواقب الاطهار

فهو أيضا كناية عن النكاح بعد الطهر يقول أيرجون أن يحملن مثله في شرفه وكرمه والعرب تزعم ان أكثر ما تكون المرأة اشتمالا على الحبل بعد مواقعة الرجل إياها بعيد طهرها من حيضها فيكون الحمل عاقبة الطهر.. ويروي ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع ذات ليلة وهو يطوف امرأة تغني بهذين

تطاول هذا الليل وأزور جانبه

وارقني ان لا خليل ألاعبه

فو الله لولا لا شيئ غيره

لزعزع من هذا السرير جوانبه

فسئل عنها فقيل هي مغيبة وزوجها فلان خارج في بعض البعوث فأمر برده اليها وزعزعة السرير؟ كناية عن الزج العفيف " ومما " يقاربها قول أبي عثمان الخالدي من؟؟ واذا الليل كف كل رقيب وعاذل صرت الفرش تحت قوم صرير المحامل ومن الكنايات عن النكاح الحلج وقد استعمله أبو نواس في قوله

ثم توركت على متنه

كأنني طير على برج

وكان منا عبث ساعة

واندفع الحلاج في الحلج

وللقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني من قصيدة هزل ومداعبة

تبيت تحلج طول الليل منكمشا

وباختيار ينادي ادركوا الفرقا

وقام عمرو فامنه أكف يد

لما انثنى أو تحسى منهم المرقا

اذا هو امته مثل الرمح واتسعت

كالترس وافق شن عندها طبقا

ومن ملح البحتري في هذه الكناية قوله

لم يخط باب الدهليز منصرفا

الا وخلخالها مع الشنف

وهو مسروق من قول غيره

ترفق قليلا قد اوجعتني

وألصقت قرطي بخلخاليا

وقد أخذ الاستاذ أبو بكر الطبري هذه الكناية وزاد فيها حيث قال

والشأن في ظنك الظن الجميل بها

وطال ما أوجعت كنفي رجلاها

وانظر إلى كعبها تبصر به ندبا

من طول ما خدش الكعبين قرطاها

Page 61