بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (الْحَمد لله) الَّذِي خلق آدم من طين ثمَّ نفخ فِيهِ روحًا ثمَّ اصطفاه للرسالة كَمَا اصْطفى إِدْرِيس من بعده ونوحا وَاتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ومُوسَى كليمًا وَإِسْمَاعِيل ذبيحًا وَنصر هودا على عَاد وألان الْحَدِيد لداود ووسع لِسُلَيْمَان فِي الأَرْض روحًا وسخر لَهُ ريحًا وأيد صَالحا بآياته وَهَارُون بِرِسَالَاتِهِ وَجعل الْمَسِيح آيَة وروحًا ونجى يُوسُف من الْجب وَعلمه من تَأْوِيل الْأَحَادِيث فَكَانَ فِي أُمُوره نجيحا وأسعف لُقْمَان من الْأَنَام وآتاه الْحِكْمَة فِي الْمَنَام فَاسْتَيْقَظَ حكيمًا فصيحا وَخص مُحَمَّدًا ﷺ بالحوض المورود وبوأه من الْجنَّة مقْعدا فسيحا وَأنزل عَلَيْهِ فِي مُحكم كِتَابه الْعَزِيز: ﴿وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى﴾ وَجعل علم التَّعْبِير من الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَلم يظْهر لَهَا منازعا وَلَا مزيحًا (أَحْمَده) على كل حَال وأشكره على نعمه الَّتِي لَيْسَ لَهَا زَوَال (وَأشْهد أَن لَا اله إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة خَالِصَة فِي السِّرّ والإعلان مفرا بهَا الْقلب وَاللِّسَان (وَأشْهد) ان مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي حَاز من المكارم والمفاخر الرُّتْبَة الْعليا وجاهد فِي سَبِيل الله بِقَلْبِه وقالبه فَمَا أبقى بقيا وَكَانَ ﵊ فِي كل يَوْم يَقُول لأَصْحَابه: أَيّكُم رأى رُؤْيا ﷺ وعَلى آله الأخيار صَلَاة دائمة آنَاء اللَّيْل وأطراف النَّهَار. (يَقُول) الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى خَلِيل بن شاهين الظَّاهِرِيّ لطف الله بِهِ (قَوْله تَعَالَى) ﴿فَلَمَّا خر تبينت الْجِنّ أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين﴾ وَقَوله تَعَالَى فِي تَكْذِيب الكهانة ﴿وَلَا بقول كَاهِن قَلِيلا مَا تذكرُونَ﴾ (قَالَ) الواحدي الكاهن هُوَ الَّذِي يخبر عَن المغيبات وَقد ذمّ الشَّرْع الْكل لِتَفَرُّدِهِ تَعَالَى بِعلم الْغَيْب فَأَعْرَضت عَن ذَلِك وَلم ألتفت إِلَيْهِ وَأَرَدْت أَن أجمع كتابا يشْتَمل على علم يظْهر بِهِ المغيبات وَله أصل فِي الشَّرِيعَة وَهُوَ علم التَّأْوِيل وَالتَّعْبِير (وسميته) (كتاب الإشارات فِي علم الْعبارَات) واعتمدت فِي ذَلِك على كتب الْمُتَقَدِّمين وأقوال الْمَشَايِخ المعتبرين مثل كتاب الْأُصُول لدانيال الْحَكِيم وَكتاب التَّقْسِيم لجَعْفَر الصَّادِق وَكتاب الْجَوَامِع لمُحَمد بن سِيرِين وَكتاب الدستور لإِبْرَاهِيم الْكرْمَانِي وَكتاب الْإِرْشَاد لجَابِر المغربي وَكتاب التَّعْبِير لإسماعيل بن الْأَشْعَث وَكتاب كنز الرُّؤْيَا للمأموني وَكتاب بَيَان التَّعْبِير لعبدوس وَكتاب جمل الدَّلَائِل وَكتاب مبادئ التَّعْبِير وَكتاب كَافِي الرُّؤْيَا وَكتاب التَّعْبِير للطاموسي وَكتاب مقرمط الرُّؤْيَا وَكتاب تحفة الْمُلُوك وَكتاب منهاج التَّعْبِير لخَالِد الْأَصْفَهَانِي وَكتاب مُقَدّمَة التَّعْبِير وَكتاب حقائق الرُّؤْيَا وَكتاب الْوَجِيز لمُحَمد بن شامويه وَكتاب التَّعْبِير لأبي سعيد الْوَاعِظ وَكتاب كَامِل التَّعْبِير للشَّيْخ أبي الْفضل حُبَيْش بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد النقيشي وَكتاب الإشارات إِلَى علم الْعبارَات لأبي عبد الله بن أَحْمد بن عَامر السالمي وَكتاب الدّرّ المنظم فِي السِّرّ الْمُعظم لمُحَمد الْقرشِي النصيبي وَغير ذَلِك مثل الشَّيْخ أوحد الدّين عبد اللَّطِيف الدمياطي وَالشَّيْخ عبد الْقَادِر الأشموني وَالشَّيْخ يُوسُف الكربوني السكندري وَالشَّيْخ مُحَمَّد الفرعوني وَالشَّيْخ حسن الرَّمْلِيّ وَالشَّيْخ نور الدّين الْكَرْخِي الغزاوي وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْمَقْدِسِي وَالشَّيْخ شرف الدّين الكركي وَالشَّيْخ شمس الدّين حمرون الصَّفَدِي وَغير ذَلِك (وأضفت) إِلَى ذَلِك مَا اتّفق لي ولغيري من الرُّؤْيَا الصَّحِيحَة الَّتِي ظَهرت كفلق الصُّبْح فَمَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ بَينته بقول وَاحِد وَمَا اخْتلفُوا فِيهِ بَينته وبينت تَعْبِير كل وَاحِد على حَده وَمَا ظهر مَعْنَاهُ أولته بِدَلِيل أَو معنى وَاضح أَشرت فِي أَوله بقوله: قَالَ بعض المعبرين أَو قَالَ بَعضهم. (فصل فِي إِيضَاح أَدِلَّة تدل على أَن علم الرُّؤْيَا لَهُ أصل فِي الشَّرِيعَة) مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ مكنا ليوسف فِي الأَرْض ولنعلمه من تَأْوِيل الْأَحَادِيث﴾ قَالَ الواحدي: هُوَ تَأْوِيل الرُّؤْيَا وَقَوله تَعَالَى: ﴿لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة﴾ قَالَ بعض الْمُفَسّرين: يَعْنِي الرُّؤْيَا

1 / 603

الصَّالِحَة جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة قَالَ الشهرزوري فِي شَرحه للأربعين حَدِيثا وَكَذَا زين الْعَرَب فِي شَرحه للمصابيح: إِن مُدَّة ابْتِدَاء وَحي الرَّسُول ﵇ إِلَى مُفَارقَته الدُّنْيَا كَانَت ثَلَاثَة وَعشْرين سنة وَكَانَت سِتَّة أشهر مِنْهَا فِي أول الْأَمر يُوحى إِلَيْهِ مناما فَهِيَ جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من جملَة أَيَّام الْوَحْي لِأَنَّهُ عَاشَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سنة على أَكثر الرِّوَايَات وَأوحى إِلَيْهِ بعد أَرْبَعِينَ سنة وَمِنْهَا قَوْله ﵊: من لم يُؤمن بالرؤيا الصَّالِحَة لم يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَمِنْهَا قَوْله ﵊: لم يبْق من النُّبُوَّة إِلَّا الْمُبَشِّرَات وَهِي الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسلم أَو ترى لَهُ وَمِنْهَا قَوْله ﵊: أصدقكم حَدِيثا أصدقكم رُؤْيا وَإِذا اقْترب الزَّمَان لم تكد تكذب رُؤْيا الْمُؤمن وَلَا يَنْبَغِي لأحد أَن يكذب فِي رُؤْيَاهُ يزْعم أَنه رأى غير مَا رأى فَإِن الرُّؤْيَا وَحي يوحيه الله لَهُ فِي الْمَنَام وَمِنْهَا قَوْله ﵊ فِي صَحِيح البُخَارِيّ: أَن من تحلم بحلم لم يره كلف أَن يعْقد بَين شعيرتين وَلم يفعل وَمعنى الْحلم هُوَ معنى الرُّؤْيَا لَكِن غلب اسْتِعْمَال الرُّؤْيَا فِي المحبوبة والحلم فِي الْمَكْرُوهَة وَقَالَ عمر ﵁: أَلا أخْبركُم أَن الْإِنْسَان إِذا نَام عرج بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاء فَمَا رأى قبل أَن يصل إِلَى السَّمَاء فَذَلِك حلم وَمَا رأى بعد أَن يصل إِلَى السَّمَاء فَذَلِك الَّذِي يكون وَفِي قَول ابْن سِيرِين بَيَان أَن لَيْسَ كل مَا يرَاهُ الْإِنْسَان يكون صَحِيحا وَيجوز تَعْبِيره إِنَّمَا الصَّحِيح مِنْهُ مَا كَانَ من الله تَعَالَى يَأْتِيك بِهِ ملك الرُّؤْيَا وَهُوَ روحائيل من نُسْخَة أم الْكتاب يَعْنِي من اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَمَا سوى ذَلِك أضغاث أَحْلَام لَا تَأْوِيل لَهَا. (فصل فِي بَيَان معرفَة الرُّؤْيَا ومجاريها وقوتها وضعفها) وبينت مَا كَانَ مُسْتَقِيمًا وَاضحا وألغيت مَا كَانَ أضغاثًا مختلطًا وتأملت ذَلِك بِتَوْفِيق الله تَعَالَى. (وَاعْلَم) أَن صدق الرُّؤْيَا إِن نمت على جَنْبك الْأَيْمن لقَوْل ابْن سِيرِين: من نَام على جنبه الْأَيْمن فَرَأى رُؤْيا فَهِيَ من الله تَعَالَى وَمن نَام على جنبه الْأَيْسَر أَو على ظَهره وَرَأى رُؤْيا فَإِنَّهَا من قبل الْأَرْوَاح وَرُبمَا يَصح بعض وَمَا كَانَ مِنْهَا فِي مَنَامه على بَطْنه فَهُوَ أضغاث أَحْلَام وأصدق مَا تكون الرُّؤْيَا فِي الرّبيع والصيف لما تقدم من الحَدِيث الشريف وَقد ذهب بَعضهم بِأَن تَفْسِير ذَلِك على هَذَا الْوَجْه وأضعف مَا تكون فِي الخريف والشتاء وَقد قَالَ ابْن سِيرِين وَغَيره: أقوى مَا تكون الرُّؤْيَا عِنْد إِدْرَاك الثِّمَار واجتماع أمرهَا وأضعف مَا تكون عِنْد سُقُوط وَرقهَا وَذَهَاب ثَمَرهَا وَقيل إِن الله تَعَالَى وكل على كل مدر وَشَجر ملكا لحفظه من الْجِنّ لِئَلَّا يفسدونه فَإِذا انْقَضى أوانها وَارْتَفَعت الْمَلَائِكَة والموكلون بهَا بَعدت النُّفُوس وتغيرت الأمزجة فتظهر الأحلام السوء والاضغاث. فصل وَأقرب مَا تخرج الرُّؤْيَا أَي تظهر الرُّؤْيَا إِذا رئيت آخر اللَّيْل فَإِنَّهُ ينْتَظر بهَا وروى أَن ابْن سِيرِين قَالَ: من رأى رُؤْيا أول اللَّيْل فَإِنَّهُ ينْتَظر بهَا إِلَى عشْرين سنة فمادون ذَلِك وَيُقَاس على اللَّيْل وعَلى السنين وَيعرف مَا مضى من اللَّيْل وَينْقص من السنين بِقَدرِهِ مِثَاله إِذا مضى من اللَّيْل نصفه ينْتَظر الرُّؤْيَا إِلَى عشر سِنِين فَمَا دون ذَلِك وَيُقَاس على ذَلِك وَمن رأى رُؤْيا بعد الصُّبْح فَإِنَّهُ ينْتَظر لَهَا مُدَّة شهر وَمَا دون ذَلِك وَكَذَلِكَ رُؤْيَة النَّهَار وَقد ظَهرت رُؤْيَة يُوسُف ﵇ بعد عشْرين سنة فَلَا حل ذَلِك حد آخر انْتِظَار الرُّؤْيَا عشْرين وَقَالَ الْكرْمَانِي: أصح مَا تكون الرُّؤْيَا عِنْد استغراق النّوم لقَوْل عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه: مَا زَالَ الْإِنْسَان يرى الشَّيْء فَيكون وَيرى الشَّيْء فَلَا يكون وَالْجَوَاب عَن ذَلِك فِي قَول عمر بن الْخطاب ﵁. فصل وَقد يبطل تَأْوِيل الرُّؤْيَا إِذا كَانَ الْإِنْسَان قد عمل فِيمَا يرَاهُ فِي مَنَامه وشغل بِهِ فِي الْيَقَظَة سره وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي ﷺ: إِن الرُّؤْيَا ثَلَاثَة فالرؤيا الصَّالِحَة بشرى من الله تَعَالَى والرؤيا من تخويف الشَّيْطَان والرؤيا مِمَّا يحدث بِهِ الرجل نَفسه وَقَالَ بعض المعبرين: الرُّؤْيَا الصَّالِحَة على قسمَيْنِ: قسم بشرى وَقسم تحذير وَقد تخرج الرُّؤْيَا على مآرب كَثِيرَة وَقد رأى كسْرَى فِي الْمَنَام زَوَال ملكه وَظُهُور مُحَمَّد ﷺ وَكَانَ كَذَلِك وَقد رأى النمرود حِين رمى الْخَلِيل إِبْرَاهِيم ﵇ بمنجنيق أَن الْخَلِيل فِي رَوْضَة خضراء وفيهَا عين جَارِيَة فَكَانَ كَذَلِك وَرَأى فِرْعَوْن أَنه دخل الْبَحْر وَجُنُوده فَغَرقُوا فَكَانَ الْأَمر كَذَلِك وَإِن لم تخرج الرُّؤْيَا لصَاحِبهَا خرجت لِبَنِيهِ أَو لنظيره أَو لأحد من عشيرته وَقد رأى النَّبِي ﷺ فِي مَنَامه أَن ابْن أبي الْعيص فِي الْجنَّة بعد مَوته وَكَانَ مُشْركًا فأولها النَّبِي ﷺ عتاب بن أسيد لِأَنَّهُ كَانَ نَظِيره وَإِن عبرت الرُّؤْيَا فِي الْمَنَام فَإِنَّهَا تخرج على نَحْو مَا عبرت بِهِ إِذا كَانَ الْمعبر مِمَّن يركن إِلَيْهِ وسيمته الْخَيْر وَإِن

1 / 604

رأى الْإِنْسَان رُؤْيا مِمَّا تدل على خير أَو غَيره ثمَّ انتظرها فرآها على صفة مَا رأى أَولا فَتكون قد عبرت وَلَا يكون ذَلِك تَكْرَارا عِنْد بعض المعبرين وَلَيْسَت الرُّؤْيَا تبطل بِتَأْوِيل مَا أول بِمَا يُخَالف التَّعْبِير إِذْ لَو كَانَ ذَلِك لبطلت رُؤْيا عَزِيز مصر لقَوْل المعبرين اضغاث أَحْلَام وَإِن الشَّيْطَان يتَمَثَّل فِي الرُّؤْيَا بِكُل شَيْء إِلَّا بِاللَّه تَعَالَى وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَفِي الحَدِيث: إِذا رأى أحدكُم مَا يكره فَليقمْ وليتفل وَلَا يحدث بِهِ النَّاس وَفِي الحَدِيث: الْمَنَام على رجل طَائِر إِذا قصّ وَقع وَأول بَعضهم قصّ الرجل الْوُقُوع وَفِي حَدِيث آخر مَا يدل مَعْنَاهُ أَن الْإِنْسَان إِذا رأى فِي مَنَامه مَا يكره فَلَا يحدث بِهِ أحدا وَأَن يبصق عَن يسَاره ويتعوذ من الشَّيْطَان فَإِنَّهُ لَا يضرّهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَيَنْبَغِي أَن يكون الْمعبر ذَا حذاقة وفطنة صَدُوقًا فِي كَلَامه حسنا فِي أَفعاله مشتهرًا بالديانة والصيانة بِحَيْثُ لَا يُنكر عَلَيْهِ فِيمَا يعبره لشهرة صدقه وَلذَلِك سمى الله يُوسُف بِالصديقِ وَأَن يكون عَارِفًا بالأصول فِي علم التَّعْبِير وَأَن يُمَيّز رُؤْيَة كل أحد بِحَسب حَاله وَمَا يَلِيق بِهِ وَمَا يُنَاسِبه وَلَا يُسَاوِي النَّاس فِيمَا يرونه وَيعْتَبر فِي تَعْبِيره على مَا يظْهر لَهُ من آيَات الْقُرْآن وَتَفْسِيره وَمن حَدِيث رَسُول الله ﷺ وَمَا يَنْقُلهُ المتقدمون فِي كتبهمْ وَقد يَقع نَوَادِر ويعتمد على تعبيرها من الْأَلْفَاظ الجلية الظَّاهِرَة بَين النَّاس وَمَا نقل عَن الأدباء فِي أشعارهم وَغير ذَلِك من أَشْيَاء تناسب فِي الْمَعْنى كَمَا سنذكر إِن شَاءَ الله تَعَالَى بعض ذَلِك فِي بَاب النَّوَادِر وَلَو اعْتمد المعبرون على مَا ضبط فِي الْكتب خَاصَّة لعجزوا عَن أَشْيَاء كَثِيرَة لم تذكر فِي الْكتب لِأَن علم التَّعْبِير وَاخْتِلَاف رُؤْيا النَّاس كبحر لَيْسَ لَهُ شاطئ وَقد وضعت هَذَا الْكتاب مُلَخصا وبوبته ثَمَانِينَ بَابا وَجعلت لكل بَاب مَا يُنَاسِبه من مَعَانِيه وأسأل الله الْعِصْمَة من الْخَطَأ وَالنِّسْيَان فَإِنَّهُ حسبي وَنعم الْوَكِيل. (الْبَاب الأول) (فِي رُؤْيَة الله تَعَالَى وَالْعرش والكرسي واللوح والقلم وسدرة الْمُنْتَهى) ٣ - (فصل فِي رُؤْيَة الله تَعَالَى) قَالَ دانيال: من رأى الله ﷿ من الْمُؤمنِينَ فِي مَنَامه بِلَا كَيفَ وَلَا كَيْفيَّة مثل مَا ورد فِي الْأَخْبَار يدل على أَنه تَعَالَى يرِيه ذَاته يَوْم الْقِيَامَة وتنجح حَاجته (وَمن) رَآهُ وَهُوَ قَائِم وَالله تَعَالَى ينظر إِلَيْهِ دَائِما يدل على أَن هَذَا العَبْد يسلم فِي أَمر يكون فِي رَحْمَة الله تَعَالَى فَإِن كَانَ مذنبا يَنْبَغِي أَن يَتُوب وَقَالَ ابْن سِيرِين: من رأى الله تَعَالَى وَهُوَ يتَكَلَّم مَعَه يدل على أَن هَذَا العَبْد يكون عِنْد الله عَزِيزًا لقَوْله تَعَالَى: ﴿وقربناه نجيا﴾ (وَمن رأى) أَن الله كَلمه من وَرَاء حجاب يدل على زِيَادَة مَاله وَنعمته وَقُوَّة دينه وأمانته (وَمن رأى) أَن الله كَلمه لَا من وَرَاء حجاب يدل على وُقُوع الْخطاب عَلَيْهِ لأجل الدّين لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا أَو من وَرَاء حجاب﴾ (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى قربه وعززه ورحمه بكرامة يدل على أَنه تَعَالَى يرحمه فِي الْآخِرَة وَلكنه يَبْتَلِيه فِي الدُّنْيَا (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى يعظه يعْمل عملا يكون لله فِيهِ رضَا لقَوْله تَعَالَى: ﴿يعظكم لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ﴾ (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى بشره بِالْخَيرِ يدل على أَن الله تَعَالَى رَاض عَنهُ (وَمن) رأى أَنه بشره بِالشَّرِّ يدل على أَن الله تَعَالَى غَضْبَان عَلَيْهِ فليتق الله وَيحسن أَفعاله. (وَمن) رأى أَنه قَائِم بَين يَدي الله ناكسا رَأسه يدل على أَنه يصل إِلَيْهِ ظَالِم لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو ترى إِذْ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عِنْد رَبهم﴾ وَقَالَ الْكرْمَانِي: من أعطَاهُ الله تَعَالَى شَيْئا فِي مَنَامه سلط الْبلَاء والمحنة على بدنه فِي الدُّنْيَا (وَمن) رأى الله تَعَالَى وَرَأى من يُخبرهُ يَقع لَهُ حَاجَة عِنْد أحد من النَّاس وَيكون قَضَاؤُهَا على مَا تكون الرُّؤْيَا لَهُ (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى نزل على أَرض أَو مَدِينَة أَو قَرْيَة أَو حارة وَنَحْو ذَلِك يدل على أَن الله تَعَالَى ينصر أهل ذَلِك الْمَكَان ويظفرهم على الْأَعْدَاء فَإِن كَانَ فِيهَا قحط يدل على الخصب وَإِن كَانَ فِيهَا خصب زَاد الله خصبها ويرزق أَهلهَا التَّسْوِيَة (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى نور وَهُوَ قَادر على وَصفه فَإِنَّهُ يدل على أَن الله تَعَالَى سَمَّاهُ باسم آخر يحصل لَهُ شرف وعظمة (وَمن) رأى أَن الله تَعَالَى قَالَ لَهُ تعال إِلَى يدل على قرب أَجله (وَمن) رأى أَن الله تَعَالَى غضب على أهل مَكَان يدل على أَن قَاضِي ذَلِك الْمَكَان يمِيل فِي الْقَضَاء وَأَنه يظلم الرّعية أَو عالمه يكون غير متدين وَإِن كَانَ الرَّائِي سَارِقا سَقَطت رجله وَيدل على أَن الرَّائِي يكون مذنبا أَيْضا ولائقا بالعقوبة وَيَقَع فِي ذَلِك الْمَكَان بلَاء وفتنة. (وَمن) رأى أَن الله تَعَالَى على صُورَة رجل مَعْرُوف يدل على أَن ذَلِك الرجل قاهر وعظيم (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى فِي الْمَقَابِر يدل على نزُول الرَّحْمَة على تِلْكَ الْمَقَابِر (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى على صُورَة وَهُوَ يسْجد لَهَا فَإِنَّهُ يفتري على الله تَعَالَى: (وَمن رأى) أَنه يسب الله تَعَالَى يكون كَافِرًا بِنِعْمَة الله تَعَالَى وساخطًا لقضائه وَحكمه وَمن رأى أَن الله تَعَالَى جَالس على سَرِير أَو مُضْطَجع أَو نَائِم أَو غير ذَلِك مِمَّا لَا يَلِيق فِي حَقه جلّ وَعز يدل على أَن الرَّائِي يعْصى الله تَعَالَى ويصاحب الأشرار وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: رُؤْيا الله تَعَالَى فِي الْمَنَام تؤول على سَبْعَة أوجه: حُصُول نعْمَة فِي الدُّنْيَا وراحة فِي الْآخِرَة وَأمن وراحة وَنور وهداية وَقُوَّة للدّين وَالْعَفو وَالدُّخُول إِلَى الْجنَّة بكرمه وَيظْهر الْعدْل ويقهر الظلمَة فِي تِلْكَ الديار ويعز الرَّائِي ويشرفه وَينظر إِلَيْهِ نظرة الرَّحْمَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم: سَأَلت مُحَمَّد بن سِيرِين أَي الرُّؤْيَا أصح عنْدك؟ قَالَ: أَن يرى العَبْد خالقه بِلَا كَيفَ وَلَا كَيْفيَّة وَقَالَ السالمي ﵀: من رأى الله ﷿ وَهُوَ يعانقه أَو يقبله فَازَ بِالْأَمر الَّذِي يَطْلُبهُ ونال من حسن الْعَمَل مَا يرغبه (وَمن رأى) أَنه أعطَاهُ شَيْئا من أُمُور الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يُصِيبهُ أسقام (وَمن رأى) أَنه وعده بالمغفرة أَو بشره أَو غير ذَلِك فَإِن الْوَعْد يكون على حِكْمَة لقَوْله تَعَالَى: ﴿قَوْله الْحق﴾ (وَمن رأى) أَنه يفر من الله تَعَالَى وَهُوَ يَطْلُبهُ فَإِنَّهُ يحول عَن الْعِبَادَة وَالطَّاعَة أَو يعْتق وَالِده إِن كَانَ حَيا أَو يأبق من سَيّده إِن كَانَ لَهُ سيد. (وَمن رأى) أَن الله ﷾ يهينه يكون ذَا بِدعَة فليتق الله ﷾ لقَوْله: ﴿يسمعُونَ كَلَام الله ثمَّ يحرفونه من بعد مَا عقلوه﴾ الْآيَة وَمن رأى أَن الله ﷾ على غير مَا ذكرنَا جَمِيعه يكون نوعا مُفردا مِمَّا يُوَافق الشَّرِيعَة فَهُوَ خير على كل حَال وَقَالَ أَبُو سعيد الْوَاعِظ: من رأى كَأَنَّهُ قَائِم بَين يَدي الله تَعَالَى وَالله ينظر إِلَيْهِ فَإِن كَانَ من الصَّالِحين فليحذر الله تَعَالَى لقَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين﴾ (وَمن رأى) كَأَنَّهُ يكلم الله من وَرَاء حجاب فَإِنَّهُ يحسن دينه وَإِن كَانَ عِنْده أَمَانَة أَدَّاهَا وَإِن كَانَ ذَا سُلْطَان نفذ أمره (وَمن رأى) أَنه يتَكَلَّم مَعَ الله تَعَالَى من غير حجاب فَإِنَّهُ يؤول بِحُصُول خلل فِي دينه لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله﴾ الْآيَة (وَمن رأى) أَن الله ﷾ حَاسبه أَو غفر لَهُ وَلم يعاين صفة لقى الله فِي الْقِيَامَة كَذَلِك (وَمن رأى) أَن الله تَعَالَى ساخط عَلَيْهِ فَإِنَّهُ عَاق لوَالِديهِ فليستغفر لَهُم وَرُبمَا يسْقط من مَكَان رفيع لقَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن يحلل عَلَيْهِ غَضَبي فقد هوى﴾ . ٤ - (فصل فِي رُؤْيَة الْعَرْش وَمَا يَتَّصِف بِهِ) من رَآهُ على هَيئته الموصوفة عِنْد الْعلمَاء فَهُوَ خير على كل حَال وَقيل إِن الْعَرْش يعبر بأمير كَبِير وَمن رَآهُ وَهُوَ مزخرف يعبر بِأَنَّهُ يصاحب رجلا جليل الْقدر وَيحصل لَهُ مِنْهُ عز وجاه وَإِن رَآهُ بالزخرف ملونا بألوان شَتَّى يدل على أَن الرَّائِي يصاحب رُؤَسَاء ذَوي فَضَائِل وَمَعْرِفَة بعلو قدره وَمن رَآهُ على غير هَيْئَة حَسَنَة يكون ذَلِك نقصا فِي حق الرَّائِي وحقارة لَهُ (وَقَالَ) جَعْفَر الصَّادِق رُؤْيَة الْعَرْش تؤول على خَمْسَة أوجه: رفْعَة ومرتبة ورياسة وَعز وجاه وَمن رأى أَنه يُطِيل النّظر إِلَى الْعَرْش من غير مشقة فَإِنَّهُ يَدُوم فِي سُلْطَانه. ٥ - (فصل فِي رُؤْيَة كرْسِي الله تَعَالَى وَهُوَ فِي الْمَنَام علم) وَقَالَ بعض المعبرين: هُوَ رجل كَامِل عَاقل (وَقَالَ) جَابر المغربي: الْكُرْسِيّ يؤول بمطيع أَو زاهد تَقِيّ كَامِل أَو ملك عَادل ورع عَالم وَمن رأى أَنه متلأليء بِالنورِ وَعَلِيهِ جلالة رهيبة فَيكون الرَّائِي ذَا مهابة وَصَلَاح وَإِن رَآهَا أحد من الْعلمَاء يكون فِي حَقه أحسن من غَيره ويصل إِلَى رائيه خير من السُّلْطَان الْعَادِل أَو من الْعَالم الْعَامِل وَيكثر مَاله (وَمن) رأى بضد ذَلِك يدل على حُصُول نقص فِي أُمُور الْعلمَاء والأدباء (وَقَالَ) جَعْفَر الصَّادِق ﵁: رُؤْيَة الْكُرْسِيّ تؤول على سِتَّة أوجه الْعدْل والعز وَالْولَايَة وعلو الْأَمر وَالْقدر والجاه وَأما الْكُرْسِيّ يؤلفه النجار فَهُوَ امْرَأَة بِقدر ذَلِك الْكُرْسِيّ (وَقَالَ) السالمي: رُؤْيَة الْكُرْسِيّ خير على كل حَال مَا لم يكن فِيهِ مَا يُنكر فِي الشَّرِيعَة إِن فَإِن كَانَ فِيهِ مَا يُنكر فَلَيْسَ بجيد فِي حق الرَّائِي إِمَّا فِي الدّين أَو فِي أَمر يَطْلُبهُ من أُمُور الدُّنْيَا.

1 / 605

٦ - (فصل فِي رُؤْيَة اللَّوْح الْمَحْفُوظ) وَهِي تعبر بِرُؤْيَة رجل عَالم مُؤمن مَقْبُول الْكَلَام (وَقَالَ) بعض المعبرين: هُوَ رجل مصلح ينْفق مَاله فِي طَرِيق الْحق (وَقَالَ) الْكرْمَانِي: هُوَ يؤول للرائي بِحُصُول علم وَقُرْآن وَحِكْمَة لقَوْله ﷿: ﴿بل هُوَ قُرْآن مجيد فِي لوح مَحْفُوظ﴾ وَقَالَ جَابر المغربي: وَمن رأى اللَّوْح الْمَحْفُوظ صَغِيرا حَقِيرًا يدل على كَون حَال الرَّائِي رديئا وَمن رأى اسْمه مَكْتُوبًا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَإِنَّهُ يدل على قرب أَجله (وَمن رأى) شَيْئا مَكْتُوبًا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ يكون ذَلِك الشَّيْء مَوْجُودا بِعَيْنِه وَقَالَ جَعْفَر الصَّادِق ﵁: رُؤْيَته اللَّوْح الَّذِي يتَعَلَّم فِيهِ الصّبيان يؤول على سِتَّة أوجه رياسة وَولد وعالم وهداية ونفاذ أَمر وَعلم. ٧ - (فصل فِي رُؤْيَة الْقَلَم) فَمن رأى قلم الْقُدْرَة وَهُوَ يكْتب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَفسّر قِرَاءَة الْكتاب فَإِن الرُّؤْيَة تكون كَمَا هِيَ مَكْتُوبَة وَإِن لم يُفَسر الْكِتَابَة فَإِنَّهُ يكون متفكرا فِي خلق الله ورؤية الْقَلَم مَا لم يكن فِيهِ حَادث فَهِيَ جَيِّدَة وَإِن كَانَ فِيهِ حَادث فَهِيَ تشوش خاطر أَو تَعْطِيل مَا يَقْصِدهُ من أُمُور الدُّنْيَا وَأما أَقْلَام الْكِتَابَة فلهَا تأويلات فَمن رأى أَن بِيَدِهِ قَلما يرزقه الله تَعَالَى ولدا عَالما وَقيل إِنَّه وَظِيفَة وَقيل علم لقَوْله تَعَالَى: ﴿علم بالقلم﴾ الْآيَة وَإِن رَآهُ يكْتب بِهِ فَهُوَ مشي حَال وَقَضَاء حَاجَة (وَمن رأى) بِهِ مَا يعِيبهُ فَهُوَ ضد ذَلِك (وَمن رأى) أَنه يكْتب وَلَا يظْهر أثر كِتَابَته فَإِنَّهُ إِن كَانَ صَاحب منصب عزل عَنهُ وَقيل أمره لَا ينفذ وَقد رأى بعض الْأَعْيَان بِيَدِهِ أَرْبَعَة أَقْلَام فعبرت بأَرْبعَة وظائف وَكَانَ الْأَمر كَذَلِك وَمن رأى بِيَدِهِ عدَّة أَقْلَام فَهُوَ خير على كل حَال وَمن رأى أَنه يبرى قَلما وَأتم برايته يكون مُسَددًا فِي أُمُوره وَإِن عسرت عَلَيْهِ برايته يكون بضد ذَلِك (وَمن رأى) أَنه يَمْتَد قَلما من دَوَاة مَجْهُولَة فَإِنَّهُ يركب فَاحِشَة (وَمن رأى) أَنه زوج قَلما إِلَى قلم فَفِيهِ وَجْهَان إِمَّا أَن يُولد لَهُ ولدان أَو يَأْتِيهِ أَخ (وَمن رأى) أَن قلمه ضَاعَ أَو سرق أَو بَاعه أَو كسر فَلَا خير فِيهِ وَيكون التَّعْبِير على قدر حسب الرَّائِي وَمن رأى أَنه يكْتب بقلم وَهُوَ أُمِّي فَلَا خير فِيهِ وَرُبمَا يدل على قرب وَفَاته وَقَالَ الإِمَام جَعْفَر الصَّادِق ﵁: رُؤْيَة الْقَلَم تؤول على سَبْعَة أوجه: حِكْمَة وَأمر وَعلم وأبهة وَولَايَة واستقامة الْأَشْيَاء ونيل المُرَاد. ٨ - (فصل فِي رُؤْيَة سِدْرَة الْمُنْتَهى) من رأى بهَا أوراقًا ثَابِتَة يدل على كَثْرَة المواليد فِي ذَلِك الزَّمَان وَالْمَكَان (وَمن رأى) وَرقهَا أَو بعضه يتساقط فَيدل على وُقُوع فنَاء (وَمن رأى) أَن ورقة عَلَيْهَا اسْم معِين اصْفَرَّتْ يكون قرب أجل صَاحب ذَلِك الِاسْم وَإِن سَقَطت يكون فرَاغ عمره (وَمن رأى) أَنَّهَا خَالِيَة عَن أوراقها لَا خير فِيهِ وَرُبمَا دلّت رؤيتها على انْتِهَاء أَمر الرَّائِي بِمَا هُوَ فِيهِ من خير أَو شَرّ لاشتقاق اسْمهَا. (الْبَاب الثَّانِي) (فِي رُؤْيَة الْمَلَائِكَة وَالْوَحي وَالسَّمَاوَات والأفلاك) فصل من رأى جِبْرِيل ﵇ فَإِنَّهُ يُسَافر فِي طلب علم وَيدْرك أمْنِيته وَإِن تَكَرَّرت رُؤْيَاهُ فَإِنَّهُ ظفر على الْأَعْدَاء وَرُبمَا أَمر بِمَعْرُوف أَو نهى عَن مُنكر (وَمن رأى) مِيكَائِيل فَإِنَّهُ يرْزق مَالا وشرفا وَعزا وَيكون سخيا جوادا (وَمن رأى) إسْرَافيل فَإِنَّهُ خبر صَالح وسفر فِيهِ معاش بمصلحة وَمَنْفَعَة (وَمن رأى) عزرائيل ملك الْمَوْت فليستعد للْمَوْت وَإِن كَانَ هُنَاكَ عليل يدل على مَوته وَرُبمَا دلّ ذَلِك على عَدو قَاصد فليعتبر بِسوء أَحْوَال الرُّؤْيَا وَمَا تدل عَلَيْهِ من صَلَاح وَفَسَاد (وَمن رأى) أَنه يقبله فَيدل على حُصُول مِيرَاث وَقيل تدل على تفرق جمَاعَة أَو حُدُوث أَمر مَكْرُوه (وَمن رأى) أحدا من الْمَلَائِكَة الروحانية أَو الْكِرَام الْكَاتِبين فَإِن ذَلِك شَهَادَة يرزقها أَو شَهَادَة تقع عَلَيْهِ وَمن رأى أحد الْمَلَائِكَة فِي مَوضِع فَإِن

1 / 607

أَهله يصيبون خيرا وظفرا وفرجا من هم أَو غم وَإِذا رأى جملَة من الْمَلَائِكَة فَرُبمَا يدل على عَسْكَر وَرُبمَا يكون طاعونا وحربا (وَقَالَ) بَعضهم: الْملك يعبر بِالْملكِ أَو بقاصده. (وَمن رأى) أَنه يطير مَعَ الْمَلَائِكَة فَإِنَّهُ ينَال السَّعَادَة فِي الْآخِرَة ويفوز برضوان الله وَكَرمه (وَمن رأى) أحدا من الْمَلَائِكَة على هَيْئَة إِنْسَان حسن الملبس والمنظر فَإِنَّهُ سرُور وَخير وَإِن رَآهُ على صُورَة قبيحة أَو نُقْصَان فَإِنَّهُ ضد ذَلِك وَإِن رأى ملكا وَأخْبرهُ بِأَمْر فَيكون كَذَلِك وَقَالَ أَبُو سعيد الْوَاعِظ: رُؤْيَة الْمَلَائِكَة إِذا كَانُوا معروفين تدل على حُصُول شَيْء لصَاحب الرُّؤْيَا وَعز وَقُوَّة وَبشَارَة وَنَصره وَأمن وَيسر وَحج (وَمن رأى) الْمَلَائِكَة هَبَطت فِي مَكَان فَإِنَّهُ يؤول بالنصرة لأَهله (وَمن رأى) أحدا من الْمَلَائِكَة على صفة النسْوَة فَإِنَّهُ يؤول بكذبه على الله تَعَالَى (وَمن رأى) كَأَن الْمَلَائِكَة يلعنونه فَإِنَّهُ يؤول بِفساد دينه وَعدم اعْتِقَاده (وَمن رأى) أحدا من الْمَلَائِكَة يصنع شَيْئا مَعْرُوفا فَإِنَّهُ يؤول على حسن دين صَاحب تِلْكَ الصَّنْعَة وسلوكه فِيهَا وَفِي تِلْكَ الطَّرِيقَة الحميدة (وَمن رأى) أَنه صَاحب ملكا فَإِنَّهُ عز ودولة ورفعة وظفر. ٣ - (فصل فِي رُؤْيا الْوَحْي) من رأى أَنه أوحى إِلَيْهِ أَو إِلَى غَيره بِأَمْر على لِسَان ملك مَعْرُوف الْهَيْئَة لَا يشك فِيهِ فَإِنَّهُ يعبر على سِتَّة أوجه: أَولهَا مَا يخبر بِهِ حق لقَوْل النَّبِي ﷺ الدَّال مَعْنَاهُ على ذَلِك وَالثَّانِي: تَفْوِيض أَمر إِلَيْهِ أَو وُصُول خبر من السُّلْطَان على لِسَان وَاسِطَة ثمَّ يعْتَبر الْخَبَر على مَا يظْهر مِمَّا قيل للرائي وَالثَّالِث: علو شَأْن وارتفاع مَكَان وَعز وإقبال وَالرَّابِع: زِيَادَة فِي الْعلم وَصَلَاح فِي الدّين وسياسة فِي الْأُمُور وَالْخَامِس: رُبمَا يكون مضى من عمر الرَّائِي أَرْبَعُونَ سنة إِذا كَانَ مِمَّا يعبر عَنهُ وَالسَّادِس: إِنَّه كَرَامَة من الله تَعَالَى وعصمة. ٤ - (فصل فِي رُؤْيا السَّمَاوَات) من رأى أَنه فِي السَّمَاء الأولى فَإِنَّهُ يدل على قرب أَجله وَمن رأى أَنه فِي السَّمَاء الثَّانِيَة يحصل لَهُ علم وَحِكْمَة وَمن رأى أَنه فِي السَّمَاء الثَّالِثَة يحصل لَهُ الْعِزّ والإقبال فِي الدُّنْيَا (وَمن رأى) أَنه فِي السَّمَاء الرَّابِعَة فَإِنَّهُ يتَقرَّب إِلَى السُّلْطَان وَمن رأى أَنه فِي السَّمَاء الْخَامِسَة يحصل لَهُ فزع وجزع (وَمن رأى) أَنه فِي السَّمَاء السَّادِسَة يحصل لَهُ سَعَادَة وجاه (وَمن) رأى أَنه صعد إِلَى السَّمَاء وَوجد بَابهَا مغلوقا فَلَا خير فِيهِ وَيدل على عمله إِمَّا برياء أَو نقص فِيهِ (وَمن رأى) أَنه لَا يَسْتَطِيع النّظر إِلَى السَّمَاء نكس رَأسه فَإِنَّهُ يعز سُلْطَانه وَتغَير أُمُوره وَقَالَ ابْن سِيرِين: من رأى أَنه فِي السَّمَاء فَإِنَّهُ يدل على أَنه يُسَافر سفرا عَظِيما ويجد فِي ذَلِك السّفر عزا ومرتبة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (وَمن) رأى أَنه طَار على عرض السَّمَاء يكون مثل ذَلِك وَمن رأى أَنه يُسَافر مُسْتَقِيمًا إِلَى أَن وصل إِلَى السَّمَاء يدل على وُصُول شدَّة ونصرة للرائي وَمن رأى أَنه سَار إِلَى السَّمَاء قَائِما وَلم يعد إِلَى الأَرْض يدل على انْقِضَاء عمره (وَمن رأى) أَن رَأسه وصل إِلَى السَّمَاء يدل على علو الْمنزلَة وَزِيَادَة الأبهة (وَمن رأى) انه سمع من السَّمَاء نِدَاء مُنَاد فَإِنَّهُ يكون خيرا. (قَالَ) الْكرْمَانِي: من رأى أَنه بني فِي السَّمَاء بِنَاء فَإِنَّهُ يدل على مَوته وَمن رأى أَنه بنى فِي السَّمَاء بِنَاء من الْآجر والجص يدل على أَنه يكون مغرورا فِي الدُّنْيَا وَمن رأى أَنه نزل من السَّمَاء رمل أَو تُرَاب إِن كَانَ قَلِيلا يكون جيدا وَإِن كَانَ كثيرا يكون ضد ذَلِك وَمن رأى أَنه نزل من السَّمَاء نَار أَو عقرب أَو حَيَّة أَو حجر يدل على نزُول عَذَاب الله على ذَلِك الْمَكَان (وَمن رأى) أَنه تدلى من السَّمَاء يدل على أَنه يتَمَسَّك بدين الله وَسنة رَسُوله (وَمن رأى) أَنه مُعَلّق من السَّمَاء بِحَبل يدل على علو أمره (وَمن رأى) ابواب السَّمَاء مفتحة يدل على إِجَابَة الدُّعَاء وَكَثْرَة الأمطار وجريان الْمِيَاه لقَوْله تَعَالَى: ﴿ففتحنا أَبْوَاب السَّمَاء بِمَاء منهمر﴾ الْآيَة (وَمن رأى) أَنه صعد إِلَى السَّمَاء بسلم أَو بِسَبَب من الْأَسْبَاب نَالَ من الْملك حظرة ورفعة وَإِن صعد إِلَيْهَا بِلَا سلم وَلَا سَبَب نَالَ مِنْهُ خوفًا. (وَمن) رأى أَنه غَابَ فِي إِحْدَى السَّمَاوَات وَلم يدر بِنَفسِهِ فِي أَي سَمَاء هُوَ وَلم يرجع إِلَى الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَمُوت لَا

1 / 608