بسم الله الرحمن الرحيم [وبه نستعين] الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين. أما على إثر ذلك أطال الله بقاء الأمير الجليل عضد الدولة مولانا وأدام عزه، وتأييده، ونصره، وأسبغ عليه طوله، وفضله، فإني جمعت في هذا الكتاب أبوابًا من العربية متحريًا في جمعها على ما ورد به أمره أعلاه الله. فإن وافق اجتهادي ما رسم فذلك بيمن نقيبته، وحسن تنبيهه، وهدايته وإن قصر إدراك عبده عما حده مولانا أدام الله إرشاده ورشده رجوت أن يسعني صفحه لعلمه بأن الخطأ بعد التحري موضوع عن المخطيء.

1 / 5

الكلام يأتلف من ثلاثة أشياء: اسم، وفعل، وحرف. فما جاز الإخبار عنه من هذا الكلم فهو اسم. ومثال الإخبار عنه، كقولنا: عبد الله مقبل، وقام بكر. فمقبل خبر عن عبد الله، وقام خبر عن بكر. والاسم الدال على معنى غير معين نحو: العلم، والجهل في هذا الاعتبار كالاسم الدال على عين تقول: العلم حسن، والجهل قبيح. فيكون حسن خبرًا عن العلم، كما كان مقبل خبرًا عن عبد الله في قولك: عبد الله مقبل. ومن صفات الاسم جواز دخول الألف واللام عليه ولحاق التنوين له كقولنا: الغلام والفرس، وفرس، وغلام.

1 / 6

وأما الفعل فما كان مسندًا إلى شيء، ولم يسند إليه شيء مثال ذلك: خرج عبد الله، وينطلق بكر، واذهب ولا تضرب فقولنا: خرج، وينطلق كل واحد منهما مسند إلى الاسم الذي بعده وكذلك قولنا: اذهب ولا تضرب الفعل فيه مسند إلى ضمير المخاطب المأمور أو المنهي، وهو مضمر فيه. ولو أسند إلى الفعل شيء فقيل ضحك خرج، أو كتب ينطلق، وما أشبه ذلك لم يكن كلاما. فالاسم في باب الإسناد إليه والحديث عنه أعم من الفعل لأن الاسم كما يجوز أن يكون مخبرًا عنه فقد يجوز أن يكون خبرًا في قولك: زيد منطلق، والله إلهنا. والفعل في باب الأخبار أخص من الاسم لأنه إنما يكون أبدًا مسندًا إلى غيره، ولا يسند غيره إليه. والفعل ينقسم بانقسام الزمان: ماض، وحاضر، ومستقبل فالماضي نحو: ذهب، وسمع، ومكث، واستخرج، ودحرج والحاضر نحو: يكتب، ويقوم، ويقرأ، وجميع ما لحقت أوله زيادة [من الزيادات الهمزة، والنون، والتاء والياء] وهذا اللفظ يشمل الحاضر والمستقبل. فإذا

1 / 7

دخلت عليه السين أو سوف اختص به المستقبل، وخلص له وذلك نحو: سوف يكتب، وسيقرأ. والحرف ما جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل، نحو لام الجر وبائه، وهل، وقد، وسوف، وحتى، وأما.

1 / 8

باب ما إذا إيتلف من هذه الكلم الثلاث كان كلاما مستقلا فالاسم يأتلف مع الاسم، فيكون كلامًا مفيدًا كقولنا: عمرو أخوك، وبشر صاحبك. ويأتلف الفعل مع الاسم فيكون كذلك كقولنا: كتب عبد الله، وسر بكر. ومن ذلك: زيد في الدار ويدخل الحرف على كل واحد من الجملتين فيكون كلامًا كقولنا: إن عمرًا أخوك، وما بشر صاحبك، وهل كتب عبد الله، وما سر بكر، ولعل زيدًا في الدار. وما عدا ما ذكر مما يمكن إيتلافه من هذه الكلم فمطرح إلا الحرف مع الاسم في النداء نحو: يا زيد، ويا عبد الله. فإن الحرف والاسم قد إيتلف منهما كلام مفيد في النداء.

1 / 9