الغنية فهرست شيوخ القاضي عياض (٤٧٦ - ٥٤٤ هـ) تحقيق ماهر زهير جرار دار الغرب الإسلامي الطبعة الأولى ١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م

Unknown page

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما قال الشيخ الفقيه القاضي الإمام المحدث الحافظ الناقد أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي ﵀: الحمد لله الذي شرح أفئدتنا لمعرفته وذلل ألسنتنا بالإقرار بربوبيته، وجعل أمتنا من أتباع سيد الرسل وزمرته، وجمع همتنا على الاهتداء به واتباع سنته، ﷺ وعلى آله وعترته. وبعد، أيها الراغبون في تعيين رواياتي وإجازة مسموعاتي ومجموعاتي، فقد تعين بحكم إلحاحكم علي، ومدكم أيدي الرغبات إلي، أن أنص لكم من ذلك على عيون، وأخص أوراقي هذه بما لعله يفي بالمضمون، وأحيل على فهارس الأشياخ على العموم في سائر أنواع العلوم، وأسمي أشياخي الذين أخذت عنهم قراءةً وسماعًا، ومناولةً وإجازةً وممن كتب إلي ممن لم ألقه وذكرت من خبر كل واحدٍ منهم ما يعطي الحال وفقه، بطرفٍ من الاختصار والإيجاز، بحكم ما أدت إليه الحال من الرحلة والانحفاز. وذكرت أثناء ذلك أسماء جلةٍ ممن لقيتهم

1 / 25

وجالستهم وذاكرتهم ولم أرو عنهم، أو سمعت منهم اليسير إما لقاطعٍ قطع، أو لسبب منع. أو لأنهم لم يكونوا أصحاب روايةٍ، أو أهل إتقان لما رووا أو دراية.

1 / 26

باب من اسمه محمد من شيوخنا ١-الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن عيسى بن حسين التميمي: أجل شيوخ بلدنا سبتة، ﵀، ومقدم فقهائهم، مولده بمدينة فاس انتقل به أبوه إلى سبتة وهو شاب، وأصله من تاهرت وجده هو المنتقل إلى فاس؛ فطلب العلم بسبتة على شيوخنا أبي محمد المسيلي وغيره. ورحل إلى الأندلس ثلاث رحل: إحداها في شبيبته إلى إشبيلية، فقرأ بها الأدب على أبي بكر ابن القصيرة. والثانية إلى المرية سنة ثمانين وأربعمائة، فأخذ عن ابن المرابط وأجازه الدلائي. والثالثة سنة ثمانٍ وثمانين إلى قرطبة، فسمع

1 / 27

الجياني وابن الطلاع وأبا مروان ابن سراج والعبسي، وأقام بها نحو عامين واتسع في الأخذ وتقلد الشورى أخريات أيام البرغواطي قبل رحلته فاستمر رأسًا في المفتين إلى أخريات أيامه، وسمع أيضًا من ابن سعدون وأبي القاسم ابن الباجي وغيرهما. وكان كثير الكتب حافظًا عارفًا بالفقه، مليح الخط والكتابة والمحاضرة، من أعقل أهل زمانه وأفضلهم وأسمتهم تام الفضل كامل المروءة بعيد الصيت عند الخاصة والعامة عظيم القدر. لازمته كثيرًا للمناظرة في المدونة والموطأ وسماع المصنفات فقرأت وسمعت عليه بقراءة غيري كثيرًا وأجازني جميع روايته. وولي القضاء بسبتة نحو ست سنين، واستعفى من ذلك أخيرًا فأعفي، وذلك في محرم سنة ست وتسعين، ثم التزم القضاء بمدينة فاس بعد أن سجن على إبايته من ذلك، وذلك سنة ثلاث وخمسمائة فنهض إليها ثم انصرف زائرًا إلى سبتة وتلدد

1 / 28