مُقَدّمَة قَالَ الْحَافِظ صَلَاح الدّين العلائي: الحكم على الحَدِيث بِكَوْنِهِ مَوْضُوعا من الْمُتَأَخِّرين عسر جدا، لِأَن ذَلِك لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بعد جمع الطّرق وَكَثْرَة التفتيش، وَأَنه لَيْسَ لهَذَا الْمَتْن سوى هَذَا الطَّرِيق الْوَاحِد، ثمَّ يكون فِي رُوَاته من هُوَ مُتَّهم بِالْكَذِبِ، مَعَ مَا يَنْضَم من قَرَائِن كَثِيرَة تَقْتَضِي لِلْحَافِظِ المتبحر الحكم بذلك. وَلِهَذَا انتقد الْعلمَاء على أبي الْفرج بن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه " الموضوعات " وتوسعه فِي الحكم بذلك على كثير من الْأَحَادِيث

1 / 63

الَّتِي لَيست بِهَذَا المثابة، وَيَجِيء بعده من لَا يَد لَهُ فِي علم الحَدِيث، فيقلده فِيمَا حكم بِهِ من الْوَضع. وَفِي هَذَا من الضَّرَر الْعَظِيم مَا لَا يخفى. وَهَذَا بِخِلَاف الْأَئِمَّة الْمُتَقَدِّمين الَّذين منحهم الله فِي علم الحَدِيث والتوسع فِي حفظه كشعبة وَالْقطَّان وَابْن مهْدي وأصحابهم مثل أَحْمد وَابْن الْمَدِينِيّ وَابْن معِين وَابْن

1 / 64

رَاهَوَيْه ثمَّ أَصْحَابهم مثل البُخَارِيّ وَمُسلم وَأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ. . وَهَكَذَا إِلَى زمن الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ. وَلم يجِئ بعدهمْ مساوٍ لَهُم وَلَا مقارب. فَمَتَى وجد فِي كَلَام أحد من الْمُتَقَدِّمين الحكم بِوَضْع شَيْء كَانَ مُتَعَمدا، وَإِن اخْتلف النَّقْل عَنْهُم عدل إِلَى التَّرْجِيح انْتهى.

1 / 65

وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَقد حكم جمع من الْمُتَقَدِّمين على أَحَادِيث بِأَنَّهُ لَا أصل لَهَا، ثمَّ وجد الْأَمر بِخِلَاف ذَلِك، فَوق كل ذِي علم عليم. انْتهى. وَذَلِكَ كَصَلَاة التَّسْبِيح.

1 / 66

وكما زعم ابْن حبَان فِي " صَحِيحه " أَنَّ قَوْلَهُ ﵇: " إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ، إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى " دَالٌّ عَلَى أَنَّ الأَخْبَارَ الَّتِي فِيهَا أَنَّهُ ﵇ كَانَ يَضَعُ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِهِ مِنَ الْجُوعِ بَاطِلَةٌ. وَرُدَّ عَلَيْهِ

1 / 67