مقدمة ... عَقيدَة الحافظ تقي الدّين عَبدالغني بن عَبدالواحد المقدسي "ت٦٠٠هـ" حَققها وَخرج أحاديثها وعَلق عَليها: عَبدالله بن مُحمّد البُصَيري بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدًا كثيرًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فإني عثرت وبتوفيق الله تعالى على ثلاث نسخ خطية لعقيدة الإمام الحافظ تقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي ﵀، وحيث أن هذه العقيدة تمثل منهج السلف ﵏ في أهم قضايا العقيدة وخاصة فيما يتعلق بصفات الله تعالى، ولما للعقيدة السلفية من أهمية بالغة في حياة المسلم فقد رأيت أن أقوم بتحقيقها ونشرها مساهمة مني في خدمة العقيدة السلفية ونشرها بين أبناء المسلمين، وأود أن أشير إلى أن هذه العقيدة قد طبعت عام ١٣٩١هـ ضمن مجموع في العقيدة بعناية الشيخ عبد الله بن حميد ﵀، لكنها نفذت الآن أسأل الله تعالى أن يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه وبهذه المناسبة أشكر الله تعالى على معونته وتوفيقه لي بخدمة هذه العقيدة كما أشكر كل من قدم لي عونًا أو مساعدة في نشرها وبالله التوفيق.

1 / 5

٣- عملي في الكتاب. أولًا: ترجمة ١ الحافظ عبد الغني اسمه ونسبه: هو الإمام الحافظ تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن _________ ١ مصادر ترجمة الحافظ عبد الغني رتبتها حسب أقدمية الوفاة: ١- ياقوت الحموي "٦٢٦هـ" معجم البلدان ٢/١٦٠ "جماعيل". ٢- محمد بن عبد الغني الشهير بابن نقطة "ت٦٢٩هـ" في التقييد ٢/١٣٨. ٣- ابن الدبيثي= أبو عبد الله محمد بن سعيد "ت٦٣٧هـ" في تاريخه: "انظر: المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي" انتقاء الذهبي ٣/٨٢-٨٣. ٤- ابن النجار= محمد بن محمود "ت٦٤٣هـ" في ذيل تاريخ بغداد "انظر: المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن الدمياطي ص ١٦٧-١٦٩". ٥- المنذري - زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي "ت٦٥٦هـ" في التكملة لوفيات النقلة ٢/١٧-١٩ رقم ٧٧٨. ٦- أبو شامة= عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي الدمشقي "ت٦٦٥هـ" في الذيل على الروضتين ص ٤٦-٤٧. ٧- الذهبي= محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي "ت٧٤٨هـ" في تذكرة الحفاظ ٤/١٣٧٢، وفي سير أعلام النبلاء ٢١/٤٤٣-٤٧١، وفي العبر ٣/١٢٩، وفي دول الإسلام ٢/١٠٧، وفي المعين في طبقات المحدثين ص ١٨٦. ٨ ابن كثير= إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي "ت٧٧٤هـ" في البداية والنهاية ج ١٣/٣٨-٣٩. ١ ٩- ابن رجب= عبد الرحمن بن أحمد الحنبلي "ت٧٩٥هـ" في الذيل على طبقات الحنابلة ٢/٥-٣٤. ١٠- جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي "ت٨٧٤هـ" النجوم الزاهرة ٦/١٨٥. ١١- السيوطي= جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي "ت٩١١هـ" في طبقات الحفاظ ٤٨٥-٤٨٦، وفي حسن المحاضرة ١/٣٥٤. ١٢- ابن طولون= محمد بن طولون الصالحي "ت٩٥٢هـ" تاريخ الصالحية ٢/٤٣٩. ١٣- حاجي خليفه= مصطفى بن عبد الله "ت١٠٦٧هـ" في كشف الظنون ١٠١٣،١١٦٤،١٥٠٩،٢٠٥٣. ١٤- ابن العماد الحنبلي= عبد الحي بن العماد الحنبلي "ت١٠٨٩هـ" شذرات الذهب ج ٤/٣٤٥-٣٤٦. ١٥- صديق حسن خان "ت ١٣٠٧هـ" في التاج المكلل ٢١٣. ١٦- إسماعيل باشا البغدادي "ت ١٣٣٧هـ" ذيل كشف الظنون ٢/٦٩،١٤٨، ٤٩٣،١٩٦،٢٩٦،٣٠٨،٣١٨. هدية العارفين له ١/٥٨٩ "هنا ترجمته" ١٧- الكتاني: محمد بن جعفر "ت ١٣٤٥هـ" الرسالة المستطرفة ٤٩. ١٨- بروكلمان "ت ١٣٧٦هـ" تاريخ الأدب العربي ٦/١٨٥-١٩٢. ١٩- خير الدين الزركلي "ت ١٣٩٦هـ" الأعلام ٤/٣٤. ٢٠- عمر رضا كحاله، في معجم المؤلفين ٥/٢٧٥.

1 / 7

وأقام هناك مدة سمع فيها من السلفي، ثم عاد إلى دمشق ثم رحل أيضًا إلى الإسكندرية سنة سبعين وأقام بها ثلاث سنين وسمع بها من الحافظ السلفي وأكثر عنه حتى قيل لعله كتب عنه ألف جزء وسمع من غيره -أيضًا-، وسمع بمصر من أبي محمد بن بري النحوي وجماعة، ثم عاد إ لى دمشق ثم سافر بعد السبعين إلى أصبهان وكان قد خرج إليها وليس معه إلا قليل فلوس فسهل الله له من حمله وأنفق عليه حتى دخل أصبهان وأقام بها مدة وسمع بها الكثير وحصل الكتب الجيدة ثم رجع. وسمع بهمذان من عبد الرزاق بن إسماعيل القرماني والحافظ أبي العلاء وغيرهما، وبأصبهان من الحافظين أبي موسى المديني وأبي سعد الصائغ وطبقتهما، وسمع بالموصل من خطيبها أبي الفضل الطوسي وكتب بخطه المتقن ما لا يوصف كثرة وعاد إلى دمشق ولم يزل ينسخ ويُصنِف ويحدث ويفيد المسلمين، ويعبد الله حتى توفاه الله على ذلك. وقد جمع فضائل الحافظ وسيرته الحافظ ضياء الدين في جزأين وذكر فيها أن الفقيه مكي بن عمر بن نعمة المصري جمع فضائله -أيضًا-. حفظه: قال الحافظ الضياء كان شيخنا الحافظ لا يكاد أحد يسأله عن حديث إلا ذكره له وبينه وذكر صحته أو سقمه ولا يسأل عن رجل إلا قال: هو فلان بن فلان الفلاني ويذكر

1 / 8

نسبه. وأنا أقول١: كان الحافظ عبد الغني أمير المؤمنين في الحديث. قال الضياء: وشاهدت الحافظ غير مرة بجامع دمشق يسأله بعض الحاضرين وهو على المنبر: اقرأ لنا أحاديث من غير أجزا فيقرأ الأحاديث بأسانيدها عن ظهر قلبه. وسمعت٢ أبا سليمان بن علي الحافظ يقول: سمعت بعض أهلنا يقول: إن الحافظ سئل لم لا تقرأ الأحاديث من غير كتاب؟ فقال: إني أخاف العجب وسمعت أبا العباس أحمد بن محمد بن الحافظ قال: سمعت علي بن فارس الزجاج الشيخ الصالح قال: لما جاء الحافظ من بلاد العجم قلت: يا حافظ ما حفظت بعد مائة ألف حديث؟ قال: بلى أو ما هذا معناه. ثناء العلماء عليه: لقد وصفه جمع من مشاهير العلماء بأوصاف كثيرة تنبئ عن تمكنه من علم الحديث ورجاله وصفاء سريرته وقوة اعتقاده وصلابته في السنة واتباعه لها، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وغضبه لانتهاك حدود الله لا تأخذه في الله لومة لائم كما وصف بالكرم والجود والزهد والورع وكثرة العبادة ﵀ قال ابن النجار في تاريخه حدث بالكثير وصنف في الحديث تصانيف حسنة وكان غزير الحفظ من أهل الإتقان والتجويد، قيّما بجميع فنون الحديث عارفًا بقوانينه _________ ١ القائل هو الحافظ الضياء. ٢ للضياء.

1 / 9

وأصوله وعلله وصحيحه وسقيمه وناسخه ومنسوخه وغريبه وشكله وفقهه ومعانيه وضبط أسماء رواته ومعرفة أحواله، وكان كثير العبادة ورعًا متمسكًا بالسنة على قانون السلف "وقال ابن الدبيثي في تاريخه:"وكان زاهدًا عابدًا أمّارا بالمعروف نهاء عن المنكر أثنى الحفاظ والأئمة على فهمه وحذقه وحفظه وكان داعية إلى السنة ناصرًا لها "وأثنى عليه الذهبي فقال: "الإمام العالم الحافظ الكبير الصادق العابد الأثري المتبع." وقال في موضع آخر بعد ذكر شيوخه: ولم يزل يطلب ويسمع ويكتب ويسهر ويدأب ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويتقي الله ويتعبد ويصوم ويتهجد وينشر العلم إلى أن مات١وذكره المنذر فقال: الفقيه الحافظ، كتب الكثير وله تصانيف مفيدة ولم يزل يجمع ويسمع ويسمع٢. وقال ابن كثير: الحافظ عبد الغني أبو محمد المقدسي صاحب التصانيف المشهورة٣وقال سبط ابن الجوزي: كان عبد الغني ورعًا زاهدًا عابدًا يصلي كل يوم ثلاثمائة ركعة ويقوم الليل ويصوم عامة السنة وكان كريمًا جوادًا لا يدخر شيئًا ويتصدق على الأرامل والأيتام حيث لا يراه أحد وكان يرقع ثوبه ويؤثر بثمن الجديد، وكان قد _________ ١ السير ٢١/٤٤٥. ٢ التكملة ٢/١٨. ٣ البداية ١٣/٣٨.

1 / 10