البُلغة الى أصول اللغة لمحمد صديق حسن خان بهادر القنّوجي البخاري الهندي (١٣٠٧هـ) تحقيق ودراسة رسالة تقدمت بها الطالبة سهاد حمدان أحمد السامرائي إلى مجلس كلية التربية للبنات في جامعة تكريت وهي جزء من متطلبات نيل شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها بإشراف الأستاذ الدكتور أحمد خطاب العمر صفر ١٤٢٥هـ - نيسان ٢٠٠٤م

Unknown page

المقدمة الحمد لله الذي تفتتح بحمده كل رسالة ومقالة، والصلاة على محمد المصطفى صاحب النبوة والرسالة، وعلى آله وأصحابه الهادين من الضلالة. وبعد، فاللغة العربية لا تنفك تؤلف الكتب اللغوية الكثيرة والعديدة فيها؛ لتحمي نفسها من نسيان الأيام وتغيير اللسان، حتى أضحت كنزًا كبيرًا يصوغه علماء الشرق كيفما أرادوا، يحرسونها من الضياع والفقدان في كل البلدان فألفوا فيها قديمًا وحديثًا، فأصبحت أجمل حديثٍ يتناقله الباحثون والدارسون. ومن بين الكتب، كتابٌ أردت دراسته وتحقيقه لأنه أحد تواليف فقه اللغة، وهو (البُلغة الى أصول اللغة) لمحمد صديق حسن خان بهادر القَنُّوجي البخاري الهندي، وهو من علماء القرن الثالث عشر للهجرة ملك مملكة بهويال الهندية. والذي دعاني الى تحقيقه كونه من مؤلفات فقه اللغة التي تعد قليلة قياسًا بالنحو والصرف، وقيمة الكتاب التي امتازت بالتنوع، والشمول، والإيجاز. ومنهجي في هذا البحث يعتمد على دراسة وصفية وتحليلة ثم تحقيق ما خَلّفه محمد صديق حسن خان. اشتملت الدراسة على مبحثين، تناولت في المبحث الأول: سِيرة محمد صديق حسن خان، حيث تكلمت فيه على: اسمه، ونسبه، وكنيته، ولقبه وشيوخه، وتلاميذه، وأسرته، وعلمه، ومكانته وقدرته العلمية، وصفاته وأقوال العلماء فيه. وأحصيت مؤلفاته التي غصت بها كتب التراجم المختلفة، واعتمدت في ترجمة حياته على ما ذكره عن نفسه، فهو من أولئك الذين ترجموا لأنفسهم. وتكلمت في المبحث الثاني: أولًا: على منهجه العام في مؤلفاته. ثانيًا: على منهجه في الباب الأول، ويتضمن خطبة الكتاب، ومنهجه في المقدمة، ووصف عام للباب الأول، وما أرآده لكتابه، وما نقله وما خالف فيه السيوطي، ومناقشة آرائه. ثالثًا: على منهجه في الباب الثاني: وتضمن مصادر حظيت بالإهتمام ومصادر لم يذكرها المؤلف، والمصادر الجديدة، ومن ثم أهمية الكتاب ونسختي البُلغة، ومنهج التحقيق، والخاتمة. اشتمل الكتاب الذي حققته على بابين، الأول: في موضوعات فقه اللغة، والآخر: في ذكر عددٍ من المصادر اللغوية، وخاتمة الكتاب التي جاءت في اعجاز القرآن. واعتمدت على مصادر كثيرة، منها: الصاحبي في فقه اللغة، والخصائص، والمزهر، وكشف الظنون، وإيضاح المكنون، فضلًا عن مصادر أخرى، وفي موضوعات متنوعة بعيدًا عن اللغة العربية كأمثال مصادر أصول الفقه وغيرها، مما أعطى الموضوع صعوبة ناتجة عن اتساعه وضخامته.

1 / 1

ولكون الموضوع في التحقيق، فقد تطلب دقةً وعمقًا في التوثيق والتنظيم، وتحري الصحة والضبط بالرجوع الى المصادر التي وثقت منها، ومن بين الصعوبات صعوبة الحصول على المصادر، وقلتها وعدم تمكني من الحصول على النسخة الأصلية لعدم توافرها بعد أن بحثت عنها في أكثر من مكتبة، فضلًا عن تنوع الموضوع ما بين لغة وتراجم وخاتمة في الإعجاز. وأخيرًا أتوجه بالشكر والعرفان لمن قرأ البحث، وقَوَّمه الأستاذ المشرف الدكتور أحمد خطاب العمر وأدعو له بالصحة، وطول العمر. وأشكر لوالديّ وأدعو لهما بالصحة وطول البقاء. وأشكر للسيد عز الدين الغلام الرفاعي الذي زودني بالنسخة الأولى من (البُلغة الى أصول اللغة) وشكري الجزيل لمدير مكتبة الشيخ عبد القادر الكيلاني الذي ساعدني في الحصول على النسخة الثانية، المصورة، وأشكر لأساتذة قسم اللغة العربية في كلية التربية للبنات وأشكر لأسرة مكتبة كلية التربية للبنات، ومكتبة سامراء العامة، ولكل من ساعدني من الأساتذة والزميلات والطالبات والمعارف من الناس تسهيل مهمة انجاز البحث. وعذرًا إن كنت قصرت هنا أو هناك في هذه الرسالة أو بدت فيها هنات، فلا يملك الإنسان من كل أمره الكمال، بل الكمال لله وحده، وأسأله سبحانه أن يجعل جهدنا وبحثنا خالصًا لوجهه، وختام الكلام الصلاة والسلام على سيد الأنام محمد وعلى آله وصحبه. الطالبة سهاد حمدان أحمد السامرائي ٢٩/صفر/١٤٢٥هـ - ٢٠/ ٣ /٢٠٠٤ م

1 / 2

التمهيد البُلغة لغة: بَلَغَ الشيءُ يَبْلُغُ بُلُوغًا وبلاغًا، وصل وانْتَهى، وهذا بلاغٌ وبُلْغَة وتَبَلُّغٌ أي: كفاية، وتَبَلّغَ بالقليل أكتَفَى به.

1 / 3

والبُلْغةُ: ما يُتَبَلَّغُ به من العيش ولا فضلَ فيه (١). مما سبق يتبين أن البُلغة: اكتفاء الشيء عن غيره، واكتماله بحيث إن المرء لا يحتاج الى سواها، فهي مكتملة كافية لا فضلِ فيها ولا زآئد عنها. ومن هذه المادة أخذَ محمد صديق حسن خان (ـ ١٣٠٧هـ) عنوان كتابه (البُلغة الى أصول اللغة) والذي نحن بصدد دراسته وتحقيقه وتقديمه الى الدارسين كتابًا من كتب فقه اللغة العربية. وألحق أن هذا المصطلح قد استعاره كثيرون سبقوا هذا المؤلف ووضعوه عنوانات لمؤلفاتهم في مختلف الفنون اللغوية، والصرفية، والفقهية، والطبية، والتاريخية، وعلم الحديث، والأصول، والأخلاق، والتصوف. وقد وجدت أن أول من استخدم هذا المصطلح هو في غير اللغة العربية وتتبعت ذلك في كتاب كشف الظنون وإيضاح المكنون وهذه بعض المؤلفات في غير اللغة العربية مرتبة حسب قدمها. ١. " البُلغة في حفظ الصحة: للشيخ أحمد بن إبراهيم ابن الجزار الأفريقي (ـ٤٠٠هـ) " (٢). ٢. " بلغة المقاصد في التصوف: لأبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري الشافعي (ـ ٤٦٥هـ) " (٣). ٣. " بُلغة المستعجل في التاريخ: لأبي عبد الله محمد (بن فرج بن عبد الله) بن أبي نصر الحميدي الأندلسي (ـ ٤٨٨هـ) " (٤). ٤. " البُلغة في الفروع: لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي، ابن الجوزي البغدادي الحنبلي (ـ ٥٩٧ هـ) " (٥). ٥. " بلغة الساغب وبغية الراغب في الفروع: تأليف فخر الدين أبي عبد الله محمد بن الخضر الحراني الحنبلي (ـ٦٢١هـ) " (٦). ٦. " بلغة الغواص في الأكوان الى معدن الاخلاص: للشيخ محيي الدين محمد علي، ابن العربي (ـ ٦٣٨هـ) " (٧). _________ (١) ينظر: اساس البلاغة للزمخشري: ٥٠، ينظر: لسان العرب لابن منظور: ١/ ٢٥٨،٢٥٩ مادة (بلغ). (٢) كشف الظنون عن اسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة: ١/ ٢٥٣. (٣) إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون إسماعيل باشا البغدادي: ١/ ١٩٤. (٤) كشف الظنون: ١/ ٢٥٢. (٥) المصدر نفسه: ١/ ٢٥٣. (٦) إيضاح المكنون: ١/ ١٩٣. (٧) كشف الظنون: ١/ ٢٥٢.

1 / 4