بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الحمد لله غافر الذنوب، وكاشف الكروب، وساتر العيوب، وقابل التوب، أحمده وأشكره وأستغفره، وإليه من كل حوب أتوب، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له علام الغيوب، وأشهد أن سيدنا محمد ﷺ عبده ورسوله، السيد الكامل الفاتح الخاتم في الخلاق، أو اشتدت الأهوال والخطوب، وصلى الله عليه وعلى آله وأزد ذريته وصحبه الصابرين الصادقين، القانتين الذاكرين الله قياما وقعودا وعلى الجنوب، صلاة دائمة عدد ما خلق الله، وعدد ما هو خالقه، تنجي قالها من كل مرهوب، وتنيله بها كل محبوب، ومرغوب، وسلم تسليما وكرم وزاده شرفا، وتعظيما أبدا دائما سرمدا. أما بعد: فإن الله تعالى وعد عباده المؤمنين مغفرته في كتابه المبين، وعلى لسان رسوله الصادق الأمين فقال ﷾ (قُل يا عبادي الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لاتَقنطوا مِن رَحمَةِ اللَهَ إِنّ الله يَغفِرُ الذُنوبَ جَميعًا إِنّهُ هُوَ الغَفورُ الرَحيم) وقال تعالى (وَمَن يَعمَل سُوءًا أَو يَظلِم نَفسَهُ ثُمَّ يَستَغفِرِ اللَهَ يَجِدِ اللَهَ غَفورًا رَحيما) . والآيات في ذلك كثيرة. وبشر النبي ﷺ أمته بالمغفرة في أحاديث كثيرة منها: قوله ﷺ فيما يرويه عن ربه عزوجل: (يا ابنَ آَدم إِنّكَ ما دَعوتَني وَرَجوتَني، غَفَرَتُ لَكً عَلى ما كانَ مِنكَ وَلا أُبالي، يا ابنَ آَدمَ وَلَو بَلَغَت ذُنوبُكَ عَنانَ السماءِ ثُمَّ استَغفَرتَني غَفَرتُ لَك) . رواه الترمذي.

1 / 11

وروى مسلم (يا ابنَ آَدَم كُلُكُم مُذنِب إِلاّ مَن عافيتُ فاستَغفِروني أَغفِرُ لَكُم) . وقال ﷺ: قال إبليس: (وعزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الله ﷿ وجلالي، لا أزال أغفر لهم ما استغفروني) . رواه الحاكم، وقال: صحيح في الإسناد. وقد روى عن سيد الأولين والآخرين ﷺ أحاديث في الحث على أقوال، وأفعال، وأحوال رتب المغفرة على قولها، أو فعلها. وورد عنه ﷺ أحاديث في الحث على أقوال وأفعال وعد الجنة على أقوال، وأفعال، وأحوال رتب المغفرة على قولها، أو فعلها. وورد عنه ﷺ أحاديث في الحث على أقوال، وفعال، وعد النجاة من النار، أو العتق منها، أو البعد عنها على فعلها وقولها، أجارني الله وجميع إخواني المسلمين منها. ولما كثرت ذنوبي وعظمت، وأرهقتني، ولم يبق لي عمل غير رجائي لربي ﷿، فتعلقت بوعده، فإنه كريم رحيم غفور حليم، لا يخلف الميعاد، فعزمت على جمع ما تصل إليه قدرتي من الأحاديث الصحيحة، والحسنة، والضعيفة في ذلك، ورتبته على ثلاثة أبواب: الباب الأول فيما ورد من الأحاديث التي وعد النبي النجاة من النار لمن قال ذلك أو فعله أو أعتقه الله من النار أو باعده الله منها

1 / 12

ولا يترك العمل بالحديث الضعيف في جميع ذلك لما روى الحسني ابن عرفة بسنده عن جابر بن عبد الله ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: (من بلغه عن الله ﷿ شيء فيه فضيلة فأخذوه) . وفي رواية (فأخذ به إيمانا به، ورجاء ثوابه أعطاه الله ذلك، وإن لم يكن كذلك) . وورد نحوه من غير هذا الطريق أنه: (من بلغه عن الله ﷿ شيء فيه فضيلة فلم يصدقها لم ينلها) . وما وجدته من تصحيح وتحسين وتضعيف فقوله في ذلك للإمام زين الدين المنذري، والشيخ نور الدين الهيثمي، والشيخ زين الدين العراقي، وما كان غير ذلك عزوته إلى مخرجه فإن كان فيه تصحيح، أو تحسين، أو تضعيف ذكرته، وإن أطلقت وعزوته مثلا إلى الطبراني، أو غيره ففيه مقال، ويجوز العمل به في الترغيب والترهيب، وفي فضائل الأعمال، كما نص عليه العلماء ﵃، وعلى العبد أن يفعل، ويقول ما أمره به سيده، والله ﵎ أكرم من أن يخيب سعيه، وعلى الله الكريم اعتمادي، وإليه تفويضي وإستنادي، وأسأله النفع به لي ولإخواني المسلمين، وهو حسبي ونعم الوكيل.

1 / 13

في الأفعال والأقوال المحصلة للمغفرة

1 / 15

إن شاء الله تعالى إسباغ الوضوء من أسباب المغفرة عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: (إذا توضأ العبد المسلم، أو المؤمن فغسل وجهه، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب) . ورواه أيضا من حديث عثمان ﵁ (من توضأ فأحسن الوضوء خرج خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره) . وفي رواية عثمان ﵁ أنه توضأ ثم قال: رأيت رسول الله ﷺ توضأ مثل وضوئى هذا، ثم قال: (من توضأ هكذا غفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة) . رواه مسلم. وزاد النسائي (ما من امرىء يتوضأ فيحسن وضوءه، إلا غفر له ما بين الصلاة والصلاة الأخرى حتى يصليها) . وسنده على شرط الشيخين.

1 / 17