* بسم الله الرحمن الرحيم

| * بسم الله الرحمن الرحيم

|| * بسم الله الرحمن الرحيم

* [اللهم انفعنا بما علمتنا ، وعلمنا ما ينفعنا]

| * [اللهم انفعنا بما علمتنا ، وعلمنا ما ينفعنا]

|| * [اللهم انفعنا بما علمتنا ، وعلمنا ما ينفعنا]

قال (1) الامام حجة الاسلام ، فخر الدين أبو عبد الله : محمد ابن عمر الرازى برد الله مضجعه :

سبحان المتفرد فى قيوميته بوجوب الأزلية والبقاء ، المتوحد فى ديمومية ألوهيته بامتناع التغير والفناء ، المتعالى بجلال هوية صمديته عن التركيب من الابعاض والاجزاء ، المنزه بسمو سر مديته عن مشاكلة الأشباه ومماثلة الأشياء ، والعالم الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء.

المحسن الذي لا تنقطع موائد كرمه عن عبيده فى طورى السراء والضراء ، وحالتى الشدة والرخاء ، الجليل الذي غرقت فى بحار جلاله غايات عقول العقلاء ، العظيم الذي تضاءلت فى سرادقات كما له نهايات علوم العلماء ، الكريم الذي تجاوزت أنواع آلائه ونعمائه عن التحديد والاحصاء ، الحكيم الذي تحيرت فى كيفية حكمته فى خلقة أصغر ذرة من ذرات مبدعاته ومكوناته : ألباب الألباء ، وحكمة الحكماء.

أحمده على ما أعطى من النعماء ، ورفع من البلاء.

Page 17

وأشهد أن لا إله الا الله ، وحده لا شريك له شهادة أتوسل بها الى رحمته يوم اللقاء فى دار البقاء ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم الأنبياء ، وسيد الأصفياء والأتقياء. صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد

فان الله تعالى لما وفقنى ، حتى صنفت فى أكثر العلوم الدينية ، والمباحث اليقينية : كتبا مشتملة (2) على تقرير الدلائل والبينات ، والأجوبة عن الشكوك والشبهات ، أردت أن اكتب هذا الكتاب ، لأجل أكبر أولادى ، وأعزهم على «محمد» رزقه الله الوصول الى أسرار المعالم الحكمية والحكمية ، والاطلاع على حقائق المباحث العقلية والنقلية أشرح فيه المسائل الالهية ، وأنبه على الغوامض العقلية. ليكون هذا الكتاب دستورا له. يرجع في المضائق إليه ، ويعول عليه. وسميته : ب «الأربعين فى أصول الدين».

والله سبحانه وتعالى يوفقنا للصدق والصواب ، ويصون عقولنا عن الزيغ والارتياب. وبالله التوفيق.

Page 18

* المسألة الأولى

| * المسألة الأولى

|| * المسألة الأولى

* فى

| * فى

|| * فى

* حدوث العالم

| * حدوث العالم

|| * حدوث العالم

اعلم : أنا اذا ادعينا أن العالم محدث ، فلا بد وأن نعلم أن العالم ما هو؟ وأن المحدث ما هو؟ وأن نعرف مذاهب الناس فى هذه المسألة ، حتى يمكننا أن نشرع بعد ذلك فى تقرير الدلائل. فلا جرم وجب علينا قبل الخوض فى تقرير الدلائل ، تقديم ثلاث مقدمات :

** المقدمة الأولى : فى حقيقة العالم

| ** المقدمة الأولى : فى حقيقة العالم

|| ** المقدمة الأولى : فى حقيقة العالم

قال المتكلمون : العالم كل موجود سوى الله تعالى. وتحقيق الكلام فى هذا الباب : أن نقول : الموجود على قسمين. وذلك لأن الموجود ، اما أن يكون من حيث هو هو غير قابل للعدم البتة ، واما أن يكون من حيث هو هو قابلا للعدم. فالموجود الذي تكون حقيقته من حيث هى هى غير قابلة للعدم البتة ، فهو المسمى بواجب الوجود لذاته. وهو الله سبحانه وتعالى. وأما الموجود الذي تكون حقيقته من حيث هى هى قابلة للعدم ، فهو المسمى بممكن الوجود لذاته وهو بحسب القسمة العقلية على ثلاثة أقسام : المتحيز ، والحال فى المتحيز ، والذي لا يكون متحيزا ولا حالا فى المتحيز.

أما القسم الأول وهو المتحيز. فاعلم أن المراد من المتحيز الذي يمكن أن يشار إليه ، اشارة حسية بأنه هاهنا أو هناك.

واذا عرفت حقيقة المتحيز. فنقول : المتحيز اما أن يكون قابلا للقسمة ، واما أن لا يكون. فالمتحيز الذي يكون قابلا للقسمة هو المسمى

Page 19

بالجسم. فعلى هذا : الجسم ما يكون مؤلفا من جزءين فصاعدا. والمعتزلة يقولون : الجسم هو الذي يكون طويلا عريضا عميقا واقل (3) الجسم انما يحصل من ثمانية أجزاء. وهذا النزاع لغوى لا عقلى. وأما المتحيز الذي لا يكون منقسما. فهو المسمى بالجواهر الفرد. والناس قد اختلفوا فى اثباته. وسنذكر هذه المسألة على الاستقصاء. ان شاء الله تعالى.

وأما القسم الثانى من اقسام الممكن. وهو الذي يكون حالا فى المتحيز. وتفسير الحلول هو : أن الشيئين اذا اختص أحدهما بالآخر ، فقد يكونان بحيث تكون الاشارة الى أحدهما غير الاشارة الى الآخر. مثل : كون الماء فى الكوز ، فان ذات الماء مباينة لذات الكوز ، فى الاشارة الحسية ، الا أنهما متماسان بسطحيهما. وقد يكونان بحيث تكون الاشارة الى أحدهما ، اشارة الى الآخر ، تحقيقا أو تقديرا. وهو مثل كون اللون فى المتلون. فان اللون ليس له ذات مباينة عن ذات (4) المتلون فى الاشارة الحسية ، بل الاشارة الى اللون نفس الاشارة الى المتلون.

اذا عرفت هذا ، فنقول : الشيئان اذا اختص أحدهما بالآخر على القسم الثانى ثم يكون احدهما محتاجا فى وجوده الى الآخر ، ويكون الآخر غنيا فى وجوده عن الأول : يسمى المحتاج حالا ، والغنى محلا. فان الجسم غنى فى وجوده عن اللون واللون محتاج فى وجوده الى الجسم. فلا جرم قلنا : ان اللون حال فى الجسم ، والجسم محل اللون.

اذا عرفت معنى الحلول. فنقول : كل ما كان حالا فى المتحيز ، فذلك الحال يسمى بالعرض. ثم نقول : العرض قسمان : أحدهما الذي

Page 20

يمكن قيامة بغير الحى. والثانى : الذي لا يمكن قيامة بغير الحى. ويتدرج تحت كل واحد من هذين القسمين : أنواع كثيرة ، لا يمكن استقصاء القول فيها فى هذا المختصر.

ويجب أن تعلم أن أحد أنواع العرض ، الذي يمكن قيامه بغير الحى : الأكوان. والكون : عبارة عن حصول الجوهر فى الحيز. ويندرج تحت الكون : أربعة أشياء : الحركة. وهى عبارة عن الحصول فى حيز ، بعد أن كان فى حيز آخر. والكون. وهو عبارة عن حصول الجسم الواحد ، فى حيز واحد ، أكثر من زمان واحد. والاجتماع. وهو عبارة عن حصول المتحيزين فى حيزين ، بحيث لا يمكن أن يتوسط بينهما ثالث. والافتراق. وهو عبارة عن حصول المتحيزين فى حيزين يمكن أن يتوسط بينهما ثالث.

واعلم : أن المشهور عند (جمهور المتأخرين) أن حصول الجوهر فى الحيز ، صفة معللة ، بمعنى قائم فى الجوهر. وذلك المعنى يوجد ، كونه حاصلا فى ذلك الحيز. ثم انهم سموا حصول الجوهر فى الحيز بالكائنية. وسموا المعنى الموجب للكائنية بالكون. وقالوا : هذا الكون علة للكائنية.

وهذا القول عندنا باطل. (وذلك لأن المعنى الذي يوجب حصول الجوهر فى حيز معين. اما أن يتوقف صحة قيامه بالجوهر ، على كون ذلك الجوهر حاصلا فى ذلك الحيز ، وأما أن لا يتوقف عليه. والأول باطل. لأنا اذا عللنا حصول ذلك الجوهر فى ذلك الحيز بذلك المعنى ، كان حصول ذلك الجوهر فى ذلك الحيز ، محتاجا الى قيام ذلك المعنى به. وقيام ذلك المعنى به. يكون محتاجا الى حصول ذلك الجوهر فى ذلك الحيز. فيلتزم الدور. وهو محال.

Page 21