بسم الله الرحمن الرحيم رَبِّ يَسِّرْ وأَعِنْ الحمدُ لله داحي الأرض وجاعلها لنا مهادًا، وقاسِمِها جبالًا وقفارًا وبلادًا، وباني السموات ورافعها سبعًا شدادًا، وصلواته على سيدنا مُحَمَّد المبعوث بالتبشير والإنذار، والمنعوت بالتَشْدِيْدِ على الكفار، وعلى آله الأطهار، وصحبه المُهاجرين والأنصار، وأزواجهِ المُبرءآت من الدنس والعار. وبعدُ فهذا كتابٌ أذكر فيه ما اتفق لفظه وافترق مُسماه من الأمكنة المنسوب إليها نفرٌ من الرواة، والمواضع المذكورة في مغازي رَسُوْل الله، ﷺ وسراياه، وقطائعه، ومغازي أصحابه والولاة بعدهم، مُرتبًا على حروف المُعجم. وربما أُشير إلى ذكر بعض البقاع المأثورة في أيام العرب ووقائعها، من غير استقصاء لذلك وإسهاب، لعُزوبه عن غرض الحديثي، وإنما أذكر منها ما لهُ مَدخلٌ في الأخبار واتصال بالأمكنة المأثورة في الحديث، ليكون أبعد من الخبط، وأقُربَ إلى الضبط، مُشيرًا إلى ذكر استشهادٍ، إما من الشعر، وإما من ذكر إمامٍ يُنْسَبُ إلى المَوْضِعٌ.

1 / 32

كتابُ الْهَمْزَة ١ - بَابُ أُبُلَّةَ، وَأَيْلَةَ، وأَثْلَةَ أما اْلأَوَّلُ بِضَمِّ الْهَمْزَة والباء المُعْجَمَة بواحدةٍ، وتَشْدِيْدِ اللاَّمِ: فالبلدُ المعروف قُربَ الْبَصْرَة في جانبها البحريِّ، وهو أقدمُ من الْبَصْرَة، وقال الأصمعيُّ: هو اسم نبطيٌّ. ويُنْسَبُ إِلَيْهِ نفرٌ من رواة الحديث، منهم شيبان بن فروخ الأُبليُّ. وأما الثَّاني بِفَتْحِ الْهَمْزَة وسكون الياء المُعْجَمَة باثنتين من تحتها، وتخفيف اللام فهي بلدةٌ بحريةٌ أيضًا، وقيل: هي آخرُ الحِجاز وأول الشام. ويُنْسَبُ إليها جَمَاعَة من المتقدمين نحو يونس بن يزيد الأيليِّ، وعُقيل بن خالدٍ وَغَيْرِهِمَا. وأما الثَّالِثُ على وزن ما قبلهُ غير بدل الياءِ ثاءً مثلثة: مَوْضِعٌ حجازي من ناحية المدينة قال قيس بن الخطيم: بَل لَيْتَ أَهْلِيْ وأَهْلَ أَثْلَةَ في ... دَارٍ قَريْبٍ مِنْ حَيْثُ نخْتَلِفُ ٢ - بَابُ آرَةَ، وآوَة كِلاهما ممدودٌ على وَزْنِ قارةٍ. واْلأَوَّلُ بالراء: جبلٌ في الحجاز بين مَكَّة وَالْمَدِيْنَة، يُقابل قُدسَ، مِنْ

1 / 33

أشمخ ما يون من الجبال، أحمرُ تَخُرُّ من جوانبه عُيون على كل عين قَرْيَة فمنها الفرع وأم العيال والمضيق والمحضة والوَبَرةُ والفغوة تكتنف آرة من جميع جوانِبه، وفي كل هذه القرى نخيل وزرعٌُ وهي من السُّقسا على ثلاث مراحل، من عن يسارها مطلع الشمس، وواديها يصب في الأَبُواءِ ثُمَّ في وَدَّانَ. وجميع هذه المواضع مذكورة في الأخبار والآثار. وأما الثَّاني - بدل الراء واو: بلدة من بلاد الجبل قُربَ ساوة، خرج منها نفر من أهل العلم، ولهم ذِكرٌ في تاريخ الرَّيِّ. ٣ - باب أَبَّا، وَأَنا، وَأَيا، وَأُنَّا الكل مقصور واْلأَوَّلُ بِفَتْحِ الْهَمْزَة والباء المُنقطة بواحدة مُشَدَّدَة، قال ابن اسحاق عن معبد بن كعب بن مالك، قال: لما أتى رَسُوْل الله ﷺ بني قريظة نزل على بئرٍ من آبارهم في ناحية من أموالهم يُقَالُلها بئر أَبَّا. كذا وجدته مضبوطًا مُجودًا بخط أَبي الْحَسَنِ بْنِ الْفُرَاتِ. وقد سمعت بعض المُحصلين يقول: إنما هو أنا بِضَمِّ الْهَمْزَة وبالنُوْن الخفيفة. ونهر أَبَّا بين الكُوْفَة والقصر، يُنْسَبُ إلى أبا بن الصامغاني، وكان من ملوك النبط. ونهر أبا أيضًا من أنهار البطيحة نهر كبير. وأما الثَّاني بعد الْهَمْزَة المَضْمُومَة نُوْن خفيفة: - واد قُربَ السَّاحِل ناحية

1 / 34

وأما أَيا الواقدي: مات أَبُو قلابة الجرمي بالشام بدير أيا، سنة أربعٍ أو خمس ومئة. وأما أُنَّا - بِضَمِّ الْهَمْزَة وتَشْدِيْدِ النون -: فعدة مواضع بالعراق. ٤ - بَاْبُ أَبُواءَ، وأَبُوا وأَبُوا أما اْلأَوَّلُ - بِفَتْحِ الْهَمْزَة وباء سَاكِنَة تَحْتَهَا نقطة وواو مَمْدُدَة: - جبل من عن يمين الطريق للمصعد إلى مَكَّة من المدينة، وهناك بلد يُنْسَبُ إلى هذا الجبل، وقد جاء ذكره في حديث الصَّعْبِ بن جثامة وغيره ويُقَالُ: إن هناك ماتت أُمُّ النَّبِي ﷺ وقال السُّكَّريُّ: هو جبل مرتفع شامخ ليس به شيءٌ من النبات غير الخزم والبشام، وهو لخزاعة وضمرة قال أَبُو قيس الرُّقيات: فَاْلخَيمُ الَّتِي بعُسْفَان فالجُحْ ... فَةُ أَقْوتْ فالْقاعُ فَاْلأَبُواءُ. وأما الثَّاني مثل اْلأَوَّلُ غير أنه مقصور، فكان اسمًا للقريتين اللتين على طريق الْبَصْرَة إلى مَكَّة المنسوبتين إلى طسم أو جديس. وأما الثَّالِثُ: - مثل ما قبله غير أن باءه مَفْتُوحةٌ: مَوْضِعٌ أو جبل شامي في قول النابغة: بَعْدَ ابْنِ عَاتِكَةَ الثَّاوي على أَبُوا

1 / 35

٥ - بابُ أَبْيَنَ، وأُبَيْر، وَأُثَيْر، وأَبْتَر أما اْلأَوَّلُ - بِفَتْحِ الْهَمْزَة وبَعْدَهَا باءٌ سَاكِنَة تَحْتَهَا نُقطةٌ ثُمَّ ياء تَحْتَهَا نُقْطَتَان مَفْتُوحةٌ وآخرهُ نُوْن فهو: عدن أبْين - البلد المشهور - ياقل: نُسب إلى أبين بن زهير بن أيمن بن الهيسع بن حمير بن سبإٍ وقد جاء ذكرُهُ في غير حديث. وأما الثَّاني: بِضَمِّ الْهَمْزَة وفتح الباء المُنقطة بواحدة وياءٍ تَحْتَهَا نُقْطَتَان سَاكِنَة وآخرهُ راءٌ: فعينُ أبي أُبير من ناحية هَجَرٍ دون الأحساء يُشرف عليها والغ وادي الْبَحْرَيْن. وأما الثَّالِثُ مثل ما قبله غير أَنَّ بَدَلَ الباء ثاءٌ مُثلثة: فهو صحراء أثير، بالكُوْفَة، يُنْسَبُ إلى أثير بن عمرو السَّكوني الطبيب الكُوفي، يُعرف بابن عمريا، قال عبد الله بن مالك: جُمع الأطباء لِعَلِيٌّ كَرَّمَ الله وَجْهَهُ، وكان أبصرهم بالطب أثير، فأخذ أثير رئَةَ شاةٍ حارةٍ فتتبع بها عرقًا فيها، فاستخرجه فأدخله في جراحة عَليّ، ثُمَّ نفخ العرق فاستخرجه فإذا عليه بياض الدماغ، وإذا الضربة قد وصلت إلى أم رأسه فَقال: يا أمير المؤمنين اعد عهدك فإنكَ مَيِّتٌ. وفي صحراء أثير حرق عَليٌّ ﵇ الطائفة الغُلاة فيه. وأما الرَّابع بعد الْهَمْزَة المَفْتُوحةٌ باء مُوْحَّدَة سَاكِنَة ثُمَّ تاءٌ فوقها نُقْطَتَان مَفْتُوحةٌ قهو مَوْضِعٌ شامي.

1 / 36