بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمّد حدّثنَا أبو عليٍّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ البغداذيُّ، قالَ: ناولَني هذا الكتابَ أبو جعفرٍ الغالبيٌّ مُناولةً، وقالَ لي: هذا الكتابُ هوَ بخطّي، وأنا صحّحتُه لصاحبه. واستمللتُ هذا الكتابَ على ابنِ كَيسانَ مجلسًا مجلسًا، وقالَ لي ابنُ كَيسانَ: قرأتُ هذا الكتابَ على أبي العبّاسِ ثعلبٍ، وسمعتُ ابنَ بُكيرٍ يقرؤُه عليه. قالَ أبو عليٍّ: وقرأتُه بعدَ ذلكَ على المطرِّزِ أبي عُمرَ عن أحمدَ بنِ يحيَى، وسمعتُه أيضًا على أبي بكرٍ يقرؤه عليه مكيٌّ الزَّنجانيُّ، وأنا أنظرُ في كتابِه، وقالَ لي أبو بكرٍ: حدّثَني بهذا الكتابِ أبي عن ابن رُستُمَ

1 / 3

عن يعقوبَ. وهذا الكتابُ بخطِّ يدِ أبي. وحدّثَنا أبو الحسن بنُ كيسانَ النحويُّ ﵀ إملاءً، قالَ: قرأتُ على أحمدَ بنِ يحيى، وسمعتُ هذا الكتابَ، يقرؤُه عليه ابنُ بُكيرٍ من أوّلِه إلى آخرِه، وأنا أنظرُ في نسختي هذه:

1 / 4

١ - باب الغِنى والخِصب قال الأصمعيُّ: يُقالُ: إنّه لمُكثِرٌ، وإنّه لمُثْرٍ، يا هذا. وقد أثرَى فُلانٌ، إذا كثُرَ مالُه، يُثِري إثراءً. ويقالُ: ثَرا بنُو فُلانٍ بَني فُلانٍ، إذا صارُوا أكثرَ منهم، يَثرُونهم ثَرْوةً. وكَثَرَ بنُو فُلانٍ بَنِي فُلانٍ: إذا صارُوا أكثرَ منهم. ويُقال: إنّه لذو ثَراءٍ، وذو ثَرْوةٍ. يُرادُ به: لذو عددٍ وكثرةِ مالٍ. قال تميمُ بن أُبيِّ بنِ مُقبلٍ: وثَرْوةٌ، مِن رِجالٍ، لَو رأيتَهُمُ لَقُلتَ: إحدَى حِراجِ الجَرِّ، مِن أُقُرِ ثروةٌ أي: عددٌ كثيرٌ من مالٍ أو ناسٍ. ويُروى: "وثَورةٌ مِن رِجالٍ". قالَ: فالثَّورةُ: الرجالُ يَثورونَ. والثَّروةُ: منَ المالِ عن ابنِ الأعرابيِّ. والحِراجُ: جمعُ حَرَجةٍ. وهو شجرٌ مُلتفُّ كثير. وقال الباهليُّ: الحِراجُ: أصولُ الشَّجرِ. والجَرُّ: أسفلُ الجبلِ. وكلُّ ما غلُظَ في أسفلِ جبلٍ فهوَ جرٌّ. ويُروى: "حِراجِ الجَوِّ". والجوُّ: البطنُ. وأُقُرٌ: جبلٌ ببلادِ غَطَفانَ. وقالَ حاتمُ طيّئٍ: أماوِيَّ، ما يُغنِي الثَّراءُ عَنِ الفَتَى إذا حَشرَجَتْ يَومًا، وضاقَ بِها الصَّدرُ ويقال: إنّه لذو وَفْرٍ وذو دَثْرٍ. ويقال: قد استَوثَجَ منَ المالِ

1 / 5

واستَوثَنَ، إذا استكثَرَ. ويقال: إنّه لمُتْرِبٌ. قالَ أبو عُبيدةَ: له مالٌ مثلُ التُّرابِ كثرةً. قالَ: ومِثلُها أثرَى. وهو ما فوقَ الاستغناءِ، وهما التَّخرُّقُ. والتَّخرُّقُ: أن تكونَ له الإبلُ والغنمُ والرَّقيقُ. الأصمعيُّ: يقالُ: إنّ له لمالًا جَمًّا أي: كثيرًا. قالَ: ويقالُ: رَجُلٌ مالٌ ومَيِّلٌ، إذا كانَ كثيرَ المالِ. ويقال: أمِرَ مالُه يأمَرُ أمَرًا وأمَرةً، وآمَرَه اللهُ. وأنشدَ أبو زيدٍ: * أُمُّ جَوارٍ، ضَنؤُها غَيرُ أمِرْ * ضَنؤها: نَسلُها. يقالُ: آمَرَهُ اللهُ يُؤمِرُهُ إيمارًا. ويقالُ في مَثَل: "في وَجهِ مالِكَ تَرَى إمَّرتَهُ". قالَ غيرُه: في وَجهِ مالِكَ تَعرِفُ أمَرتَهُ، أي: نَماءه وكثرتَه، وقالَ اللهُ ﵎: ﴿آمَرْنا مُترَفِيها﴾ أي: كَثَّرْنا. قالَ أبو عُبيدةَ: "يقالُ: خَيرُ المالِ سِكّةٌ مأبُورةٌ، أو مُهرةٌ مأمُورةٌ". فالسِّكّةُ: السَّطرُ المُستطيلُ منَ النَّخلِ. والمأبورةُ: الّتي قد أُبِرَتْ أي: أُصلِحتْ ولُقِّحقتْ. والمأمورةُ: الكثيرةُ الولدِ. مِن: آمرَها اللهُ، أي: كثَّرَها. وأرادَ "مُؤمَرة"، فقالَ "مأمورةٌ" مثلَ: مَزكومةٍ ومَحمومةٍ. وقالَ أبو الحسنِ: وقد يُقالُ: أمَرَه اللهُ بمعنَى: آمَرَه. يكونُ فيه لغتانِ: فَعَلَ وأفعَلَ. وقال الأصمعيُّ: تفسيرُ هذا: خيرُ المالِ نتاجٌ أو زرعٌ. والسِّكّةُ: الحديدةُ الّتي تُشقُّ بها الأرضُ. والمأبورةُ: المُصلَحةُ. والمأمورةُ: مِن قولِك: آمرَها اللهُ، أي: أكثرَها. فأراد "مُؤمَرة"، فجعلَها مثلَ: مزكومةٍ. وقال أبو الحسنِ: وأصلُ التّأبيرِ والأبرِ في النَّخلِ، ثُمّ يُستعملُ في الزَّرعِ، كما قالَ الشّاعرُ:

1 / 6

لا تأمَنَنْ قَومًا، ظَلَمتَهُمُ وبَدأتَهُم بالخَسْفِ، والغَشْمِ أن يأبِرُوا زَرعًا، لِغَيرِهِم والشَّيءُ تَحقِرُهُ، وقَد يَنمِي وقالَ غيرُه: إنّما قالَ "مأمورةٌ" لمجيئها معَ "مأبورة"، كما قالَ الآخرُ: هَتّاكُ أخبِيةٍ، وَلّاجُ أبْوِبةٍ يَخلِطُ بالجِدِّ، مِنهُ، البِرَّ واللِّينا رجَعنا إلى الكتابِ: ويقال: ضَفا مالُ فلانٍ يَضفُو ضَفْوًا، إذا كثُرَ. ويقالُ: ثوبٌ ضافٍ أي: سابغٌ. وفُلانٌ ضافي الفضلِ على قومِه أي: سابغٌ. قالَ أبو ذُؤيبٍ: إذا الهَدَفُ المِعزابُ، صَوَّبَ رأسَهُ وأعجَبَهُ ضَفوٌ، مِنَ الثَّلّةِ الخُطْلِ ويقال: ضَنأَ المالُ يَضنأُ ضَنْئًا. وحكَى الفرّاءُ: أضنأَ المالُ وأضنَى، بهمزٍ وبغيرِ همزٍ، وأضنأَ القومُ: إذا كثُرتْ ماشيتُهم. والمَشاءُ والوَشاءُ والفَشاءُ، مَمدوداتٌ: تَناسلُ المالِ. يقالُ: أمشَى القومُ وأوشَوا وأفشَوا. قالَ الحُطيئةُ: * ويُمشِي، إن أُرِيدَ بِهِ المَشاءُ * ويقالُ: مَشَى على آلِ فُلانٍ مالٌ أي: تَناتَجَ وكثُرَ. ويقالُ: ناقةٌ ماشِيةُ أي: كثيرةُ الأولادِ. ويقالُ: مالٌ ذو مَشاءٍ أي: ذو نَماءٍ يَتناسلُ. وقد ارتعَجَ المالُ. ويقال: إنّ له لمالًا عُكامِسًا وعُكَمِسًا وعُكابِسًا وعُكَبِسًا. وهو في الماشيةِ والإبلِ. وكلُّ متراكبٍ فهو عُكامِسٌ. ويقال: إنْ له لمالًا ذا مِزٍّ. والمِزُّ: الشّيءُ له فضلٌ. ويقال: إنّ له لغَنمًا عُلَبِطةً، ولا يقالُ إلّا في

1 / 7