ذات يوم رأى زربة صهره علي الحرازي يضرب زوجته، وقد شاهده مرارا يشتمها بأبشع السباب، فحاول زربة أن يوفق بينهما، لكن صهره قال له غاضبا: المرأة لا تشعر برجولتك إذا لم تذلها. كلام أذهل زربة فتذكر أمه حين ذهبت غاضبة من أبيه بعد سبة بسيطة، وحين ذهبت زوجة الحطاب غاضبة من أمر بسيط، ولو أن أحدا في قريته ضرب زوجته يحق لها طلب الطلاق. سأل نادية: كيف يسمح للزوج بضرب زوجته؟ وجدها مستسلمة لهذا الأمر، حيث قالت: تأديب الزوجة من قبل الزوج موجود في القرآن. على الرغم من ثقافة زربة البسيطة إلا أنه كان أكثر وعيا والتصاقا بالفطرة الإنسانية. وجد زربة أن الكثير من الناس يفهمون القرآن بطرق مختلفة. يفكر هل التفسير القديم للقرآن يناسب كل زمان ومكان؟ أم يتغير بتغير ثقافة الشعوب. لعن إبليس الذي يوسوس أشياء كثيرة، ثم ذهب إلى فراش نادية، راءها تفاحة تفوح مسكا وراح يقضمها، يقضمها ... لا ينقص منها شيئا، حتى شعر بذاته تتلاشى في الوجود.
6
يوم إعلان قيام الوحدة اليمنية، كان زربة يمضغ القات مع صهره علي في صنعاء. كان ذلك اليوم أسعد أيام حياته. لكن ما سمعه من صهره بخصوص الوحدة أغضبه حين قال : لماذا لا تنضم دولة الجنوب إلى دولة الشمال «الجمهورية العربية اليمنية»، هم شويت هنود، صومال، أخدام ...؟
لم يفهم زربة معنى ما وراء ذلك الكلام إلا حين اكتسحت قوات الشمال جنوب اليمن بعد الوحدة في صيف (1994م). نزل زربة للعمل في عدن، كغيره من العمال والتجار وبياعي القات الذين تدفقوا إلى هناك بالآلاف. شاهد المدينة عكس ما وصفها أبوه وجده؛ فقد قيل له: إنها كانت مدينة جميلة. فتح محمد سالم الحطاب بوفيه، وفتح ثابت ابن الوطواط ورشة نجارة، وسمير ناجي المقشش عمل نجارا، وصادق العردان فتح مطعما، وهناك من فتح الدكاكين من قرية نجاد. تحولت عدن إلى خلية نحل نشطة بعد أن كانت مدينة تعاني من الركود. وجد زربة عملا في ورشة كبيرة لصاحبها محمد علي العريقي، في منطقة الشيخ عثمان. هذا الاسم الذي كان يظنه بعض أبناء القبائل الشمالية بأنه شيخ قبيلة كمشايخهم؛ فقد كان رجال القبائل في حرب (1972م) بين الشمال والجنوب، يحلفون بأنهم سينتفون شنب الشيخ عثمان ويسحبونه إلى صنعاء. عمل زربة حارسا في مخزن الورشة، فوجده عملا أسهل من عناء حمل أحجار البناء. تدفق القات من الشمال إلى الجنوب بكميات هائلة، بعد أن كان تداوله يوم الخميس والجمعة فقط. كان زربة يمضغ القات منذ الصباح الباكر، ويرسل إلى زوجته صفية وأطفالهما السبعة مصروفا شهريا، أما زوجته نادية فراتب زوجها الشهيد يكفيها، ويحمد ربه أنها لم تحمل منه.
7
في السنة الثانية من الوحدة تزوج زربة سميرة، قتل زوجها في أحداث يناير (1986م) في الجنوب. كانت تكبره بخمسة أعوام، لديها أربعة أطفال، سمراء بجمال مقبول، تبين له فيما بعد أنها من فئات المهمشين سابقا، الذين رفع الحزب الاشتراكي من شأنهم في الجنوب، وألغى الطبقات العنصرية، وتقلدوا مناصب في الدولة. كانت سميرة صف ضابط في الجيش وتعمل طباخة في التموين العسكري، تعيش في حافة الراشدي ولديها راتب زوجها الشهيد، تسكن بالقرب من مخزن الورشة حيث يعمل زربة. كانت تمر أمامه وهو يمضغ قاته أمام المخزن، وهي تفوح بأجود أنواع البخور، بدأت بالتحية ثم الحديث معه. كان يحدثها في البداية وهو ينظر إلى الأرض، لم يجرؤ على الضحك معها إلا بعد أن قالت له: ما لكم
11
أنتم الجبالية،
12
تستحوا من النسوان، أيش ده.
অজানা পৃষ্ঠা