30 مارس سنة 1945م
في الحياة الاجتماعية من عهد المتوكل إلى آخر القرن الرابع الهجري
الفصل الأول
سكان المملكة الإسلامية
عنصر الأتراك - في هذا العصر الذي نؤرخه، ظهر في المملكة الإسلامية عنصر كبير بجانب العنصرين العظيمين - الفرس والعرب - وهو عنصر الأتراك، وكان له أثر كبير في تاريخ الأمة الإسلامية وحياتها السياسية والاجتماعية.
ذلك أن المعتصم الذي تولى الخلافة سنة 218ه استقدم سنة 220ه قوما من بخارى وسمرقند وفرغنة وأشروسنة وغيرها من البلاد التي نسيمها «تركستان»، وما وراء النهر، «اشتراهم وبذل فيهم الأموال، وألبسهم أنواع الديباج ومناطق الذهب، وأمعن في شرائهم حتى بلغت عدتهم ثمانية آلاف مملوك، وقيل ثمانية عشر ألفا» وهو الأشهر.
1
وسبب اتجاه المعتصم إلى الأتراك يرجع إلى أمور: (1)
إن أهم عنصر في الجند كانوا إلى عهد المعتصم هم الخراسانين، وهو فرس من خراسان، وكانوا عماد الدولة العباسية نحو قرن، من عهد إنشاء الدولة إلى المعتصم، كما كانوا حرس الخلفاء؛ وكان بجانب هؤلاء الجنود من الفرس جنود من العرب، من مضر واليمن وربيعة، ولكن هؤلاء العرب كانوا أقل شأنا وأقل حظوة، وأقل عددا من الفرس.
ضعفت ثقة الخلفاء بالعرب على ممر الأيام؛ إذ رأوهم لا يتحمسون للقتال لهم تحمس الفرس. وقد تقدم أن رجلا تعرض للمأمون بالشام وقال له: «يا أمير المؤمنين، انظر لعرب الشام كما نظرت لعجم أهل خراسان!» ولكن المعتصم بدأ يشعر أيضا بضعف ثقته بالفرس؛ وذلك أن كثيرا من الجند لما مات المأمون كان هواهم مع ابنه العباس؛ لأن أم المأمون فارسية، فدعتهم عصبيتهم للمأمون - نصف الفارسي - أن يتعصبوا لابنه العباس أيضا.
অজানা পৃষ্ঠা