নেতা ও শিল্পী এবং সাহিত্যিকরা
زعماء وفنانون وأدباء
জনগুলি
وأقبل الشيخ محمد عبده وحاصره الناس يسألونه: ماذا جرى؟
وأخذ محمد عبده يروي ما كان من طرد أستاذه، وذكر أن الحكومة قبضت على السيد جمال الدين الأفغاني صباح ذلك اليوم المشئوم؛ يوم 5 أغسطس، وقاده جنودها بالقوة إلى محطة سكة الحديد، وأركبوه بالعنف القطار الذاهب إلى السويس، ولقيه قنصل إيران وبعض المصريين الأحرار، فعرضوا عليه مائة دينار ولكنه لم يقبلها.
قال لهم: أنتم أحوج إلى هذا المال.
وقال له أحدهم: أنت في حاجة إلى المال أكثر منا.
فقال: الليث لا يعدم فريسته أينما ذهب!
ومضى محمد عبده فقال: إن الانزعاج بنفي جمال الدين الأفغاني كان عاما، ولكن الخديو أبدى سروره بما فعل، وتحدث في محضر جماعته من المشايخ على مائدة الإفطار في رمضان، فأظهر الطرب للخديو من كان لا يعرف لنفسه قيمة في العلم والفضل في مجلس جمال الدين الأفغاني.
وقد حتمت الحكومة على الصحف نشر الأمر الصادر بنفي جمال الدين، بما في هذا البيان من تقريع شديد وتجريح جارح للرجل، فنشره البعض ورفضت إحدى الجرائد نشره؛ فصدرت التعليمات بتعطيلها!
واستطرد محمد عبده يقول: إن هذه الشدة لم تزد الأفكار إلا حدة، ولا الألسن إلا جرأة، ولا الإحساس بضرورة الإصلاح إلا نموا وظهورا، ولم تكن الحكومة كريمة في معاملة الأفغاني؛ فرمته بالزندقة، وسمته «ضلال الدين» الأفغاني الأفاق! وقالت في البيان الذي أصدرته إنها: أبعدت ذلك الشخص المفسد من الديار المصرية، بأمر ديوان الداخلية، لإزالة هذا الفساد من البلاد؛ عبرة للمعتبرين، ولمن يتجاسر على مثل هذا من المفسدين البادي من أفعالهم الظاهرة أنهم لا خلاق لهم في الدنيا والآخرة!
هكذا كانت عقلية الحكام، وهكذا كان أسلوبهم؛ كلمات تافهة مسجعة.
وكان من أثر الهزة التي أحدثها جمال الدين الأفغاني في مصر، أنه حرر العقول من الجهل والأوهام، ووجهها إلى التفكير والتأمل، وفتح فيها نوافذ تطل على الحضارة الإنسانية والثقافة العالمية، وأقنعها بضرورة التعرف على مصدر قوة أوروبا الطامعة في الشرق، والعمل على أن نكون أقوياء لنواجه القوة بالقوة، ولم يقف عند هذا، بل أثر في أسلوب الكتابة، فكان ينادي بأننا لسنا في حاجة إلى الكلمات اللغوية، ولكننا في حاجة إلى الكلمة التي «تنقر حبة القلب».
অজানা পৃষ্ঠা